قال نواب معارضون تونسيون إن إقالة النابلي من رئاسة البنك المركزي جاءت quot;ترضيةquot; وquot;تجميلاً لصورةquot; الرئيس منصف المرزوقي. وكان نواب من حركة النهضة اتهموا النابلي بإرباك عمل الحكومة من خلال إصدار تقارير شهرية تعطي صورة سلبية عن الاقتصاد التونسي.


مصطفى كمال النابلي

تونس: أقيل مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي من مهامه بعدما صوّت المجلس الوطني التأسيسي في جلسة عامة تواصلت حتى ساعة متأخرة من ليل الأربعاء على قرار إقالته، الذي أصدره الرئيس التونسي منصف المرزوقي.

أعلن مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس المنبثق من انتخابات تشرين الأول/أكتوبر، أن 110 نواب صوّتوا لمصلحة قرار الإقالة، و62 صوّتوا ضده، فيما امتنع 10 نواب عن التصويت. وشرع المجلس منذ الثلاثاء في مناقشة طلب المرزوقي إقالة محافظ البنك المركزي.

وفي 27 حزيران/يونيو 2012 أعلنت الرئاسة التونسية في بيان أن quot;الرئيس منصف المرزوقي قرر بالتوافق مع رئيس الحكومةquot; حمادي الجبالي، quot;إنهاء مهام مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي التونسيquot; من دون ذكر للأسباب.

وألقى النابلي الأربعاء خطابًا أمام أعضاء المجلس، قال فيه إن quot;الأسباب الحقيقية لإقالتي سياسيةquot;، مؤكدًا أن quot;الهدف منها السيطرة الحزبية على (هذه) المؤسسة البنكيةquot;، التي ترسم السياسة النقدية في البلاد، محذرًا من quot;نية مبيتة لضرب استقلالية البنك المركزيquot;.

ووصف النابلي المبررات التي تم الدفع بها لإقالته بأنها quot;واهية ومعاكسة للواقع والحقيقة، ومصدرها الشائعات والصحافة الصفراءquot;. وقال quot;لو كان جزء بسيط من (هذه) المبررات له أساس من الصحة، لقدمت استقالتي منذ زمن طويلquot;.

لم يذكر النابلي بالاسم الحزب الذي يريد السيطرة على البنك المركزي، إلا أن مراقبين رجّحوا أن تكون اتهاماته موجّهة إلى حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في البلاد.

وكشف النابلي أنه تعرّض يوم 19 كانون الثاني/يناير 2012 إلى quot;اعتداء بالعنف المادي واللفظي داخل مقر عملهquot;، وأنه لم يصدر من أية جهة quot;سياديةquot; في تونس تنديد بهذا الاعتداء، رغم أن البنك المركزي مؤسسة quot;سياديةquot;.

محافظ مركزي تونس: أحزاب سياسية تريد السيطرة على البنك

وأضاف أن صحفًا quot;مدعومة من الأطراف الأكثر تورطًا في الفسادquot; في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي أطلقت منذ كانون الثاني/يناير 2012 quot;حملة إعلامية مغرضةquot; ضده.

وقال نواب معارضون في المجلس التأسيسي إن إقالة النابلي جاءت quot;ترضيةquot; وquot;تجميلاً لصورةquot; الرئيس منصف المرزوقي بعدما سلم حمادي الجبالي رئيس الحكومة وأمين عام حركة النهضة في 24 حزيران/يونيو البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد العقدي الليبي معمّر القذافي، إلى ليبيا من دون علم أو موافقة المرزوقي.

وذكرت صحف محلية أن النابلي رفض طلبًا من الحكومة بطبع أوراق مالية لضخّها في الاقتصاد التونسي، الذي يعاني ركودًا. وقالت وسائل إعلام إن الائتلاف الثلاثي الحاكم، الذي تقوده حركة النهضة، يسعى -عبر طبع الأوراق النقدية- إلى quot;إيهامquot; الشعب بأن الوضع الاقتصادي في البلاد تحسن، لكسب رضاه، استعدادًا للانتخابات العامة المقررة في آذار/مارس 2013.

واعتبرت ريم ثايري النائبة في المجلس التأسيسي عن كتلة quot;العريضة الشعبيةquot; المعارضة أن ضخّ البنك المركزي quot;سيولة مالية أكبر (في الاقتصاد عبر طبع الاوراق المالية استعدادًا) للمحطات الانتخابية (المقبلة) هو مغالطة للشعبquot;.

كما حذر أحمد نجيب الشابي، النائب عن الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض، من أن تمكين الدولة من السيولة سيفاقم من معدل quot;التضخم الماليquot; المرتفع أصلاً في البلاد.

واتهم نواب من حركة النهضة مصطفى كمال النابلي بإرباك عمل الحكومة، من خلال إصدار البنك المركزي تقارير شهرية تعطي quot;صورة سلبيةquot; عن الاقتصاد التونسي، وبالتسبب في تقليص وكالة التصنيف الائتماني الدولية quot;ستاندرد آند بورزquot; أخيرًا التصنيف الائتماني السيادي لتونس إلى درجة عالية المخاطر. وسبق أن اندلعت خلافات بين الحكومة ومصطفى كمال النابلي، الذي يدافع بقوة عن quot;استقلاليةquot; البنك المركزي.

وبحسب النابلي، فإن quot;استقلالية البنك المركزي تبقى الضامن الوحيد لاعتماد سياسة نقدية سليمةquot;، على أن quot;يبقى (البنك) مسؤولاً أمام المجموعة الوطنية، ويخضع للمساءلة، كما هي الحال في أي نظام ديمقراطيquot;.

وتم تعيين النابلي محافظًا للبنك المركزي التونسي بعد الثورة التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس زين العابدين بن علي. وفي 30 أيار/مايو الفائت، فاز النابلي بجائزة quot;أفضل محافظ بنك مركزي في أفريقيا لسنة 2012quot;، التي تمنحها مجلة quot;أفريكان بانكرquot;. وسبق للنابلي أن عمل مديرًا لإدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي.