أعرب عدد كبير من شركات وممثلي تقنية المعلومات والاتصالات رفضهم للرقابة على الانترنت والمحتوى الالكتروني من حيث المبدأ.

عمّان:يدور حاليا في أروقة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال الايام الماضية النقاش حول الرقابة على الانترنت وأثرها على هذا القطاع الحيوي والهام ارتكازا على مبدأ تحرير القطاع وعدم مراقبة الانترنت.
ويرى عبدالمجيد شملاوي/المدير التنفيذي لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات في رؤيته الخاصة والشخصية حول هذه القضية، أن الرقابة على الانترنت تنطوي على حجب مجموعة من المواقع والتي لا تشكل جميعها خرقاً للأخلاق والمبادئ، ولكن صعوبة الفصل بين فئات هذه المواقع ستشكل دافعاً لحجبها بدرجات متفاوتة تصل في كثير من الاحيان الى حجبها كلياً.
وقال ان الرقابة ستشكل عائقاً لنمو القطاع المحلي وجذب الاستثمارات الذي نما ليشكل 14% من الاقتصاد الوطني والذي يشغل بشكل مباشر ما يزيد عن 15,000 وظيفة وبالمجمل ما يزيد عن 80,000 وظيفة، ومن المواقع المتعلقة بالرقابة: المواقع ذات المحتويات الإباحية، مواقع خدمات الشبكات الاجتماعية مثل فيس بوك وماي سبيس، موقع ويكيبيديا، المدونات، موقع يوتيوب، موقع جوجل، وغيرها من المواقع.
الرقابة على الإنترنت تراجع عن التوجهات الإصلاحية
وتشكل الانترنت مصدراً هاماً ومرجعاً للمعلومات التي تسهل البحوث التعليمية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية بالإضافة الى كونها منبرا ونافذة الى العالم وما يحدث فيه من تطورات وابتكارات وابداعات هامة تفيد نمو الاقتصاد الأردني، حيث نما عدد المستخدمين في الأردن الى ما يزيد عن 50% بناءً على سياسة تحرير القطاع والتي هي ايضا جزءاً من الاستراتيجية الوطنية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتي تبنتها المملكة في عام 1999 وحتى الآن.
رفض الرقابة على الانترنت
واعتبر شملاوي أن رفض الرقابة على الانترنت يعود إلى فشل المبادرة من الناحية العملية: اذ لا يمكن من الناحية العملية حجب اجزاء من الانترنت حيث ان ديناميكية الشبكة توفر مداخل اخرى وطرق بديلة وادوت لتجاوز الحجب، مما يجعل من الحجب مبتغاً لا يمكن تطبيقه.
وحول تجارب الدول الأخرى، قال المدير التنفيذي لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات أن معظم تجارب الدول في هذا المجال لم تؤدي الى نجاحات ملموسة بل ادت إلى استثمارات لم تحقق اهدافها وضياع للموارد الوطنية وكلفة إضافية على الحكومة والمشغلين في زمن ترتفع فيه التكاليف والرسوم والضرائب وعجز الموازنة والدين العام، حيث انه من الأفضل للأردن توجيه موارده المحدودة نحو البحوث والتنمية للقطاع وتحسين تنافسيته والتي نحن بأمس الحاجة لها في الفترات الحالية.
وأشار إلى التعارض مع استراتيجية القطاع حيث أن الرقابة على الانترنت تتعارض مع استراتيجية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتي يجب الاستمرار بتطبيقها وليس بمخالفتها وتغيير المبادئ التي تم بناء الاستراتيجية والعملية التنموية عليها.
واعتبر ان الرقابة على الانترنت تعتبر من العوائق الهامة لجذب الاستثمارات في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذي سيؤدي الى خروج عدد من الشركات الاجنبية والمحلية الى دول اخرى بسبب عواقب مراقبة الانترنت ومنها الاعلام العالمي.
وقال quot;تترك الرقابة على الانترنت الباب مفتوحاً لتصنيف المحتوى الالكتروني وبالتالي إلى استخدام الحكم الشخصي أو فتح المجال لذلك لأسباب شخصية، مما يعني التراجع عن التوجهات الإصلاحية التي بدأها الأردن منذ منتصف التسعينات والقائمة على تقليل السلطة الشخصية للموظف والبيروقراطية وتعزيز الشفافيةquot;.
وأوضح إن التراجع عن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية المعلنة يرسل رسالة سلبية حول مسيرة الأردن في المنطقة والعالم ويقوض مما تم إنجازه في سبيل موقع الأردن استراتيجيا كدولة حديثة ومتقدمة بين دول المنطقة.
ويعتبر الأردن دولة منفتحة على الانترنت وهو من أهم الحوافز التي تستخدمها المملكة في الترويج للقطاع واستقطاب الشركات الأجنبية مثل غوغل وياهو وغيرها من شركات المحتوى المحلية التي تخدم المنطقة العربية، وفق شملاوي، وبالتالي فان مثل هذا التوجه ينعت الأردن بأنه دولة تنتشر فيه الممارسات الإباحية مما دعي بالجهات التنظيمية إلى منع الممارسة وهو وإن كان صحيحا، على الرغم من عدم وجود أي دراسات تثبت صحة أو عكس هذا النعت السالب للأردن، فإن مثل هذا التوصيف لبلد يفتخر بكرامة وعزة وأخلاق أبنائه سيضر بسمعة البلد وتوصيفه بما لا يرتضيه أي مواطن.
تحفيز السوق السوداء
وأضاف أنه من الناحية العملية فإن جميع الجهود التي تقوم على حجب العرض لسلعة أو خدمة معينة بناء على النظرة الأبوية للحكومة في مختلف بقاع الأرض قد باءت بالفشل ولم تحقق أهدافها بل أدت إلى العكس، فالأفضل والأنجع، حسب الدراسات والمشاهدات التحليلية، هو معالجة الطلب وأسبابه بغاية التقليل منه، فحجب الطلب أو المنع يؤدي إلى قيام صناعات غير قانونية تقوم على تمكين المواطن من اختراق هذا الحظر، كما قد تزيد من الطلب عليه عملا بمبدأ ان الممنوع مرغوب، وهو ما سيحدث تماما في حالة قيام القرار المحلي بمحاولة فرض رقابة على الانترنت والذي سيقود إلى قيام ممارسات شبيهة في الأردن وتوفير للكثير من سبل اختراقها وبالتالي نمو ما يسمى باقتصاد السوق السوداء وتعميق الاقتصاد غير المنظم وغيرها من الممارسات التي ستضر بمصالح الاقتصاد سواء في القطاع العام أو الخاص.
الحلول
ومن ناحية الحلول الملائمة، يرى خبراء في هذا المجال أنه من الأولى التركيز على زيادة الوعي في هذا الجانب وتوفير ادوات ومعلومات استرشاديه للمستخدمين لتوفير الحماية التي يرونها مناسبة وبحسب الحاجة بدلا من فرض رقابة بشكل عام على الانترنت. أما بالنسبة إلى استخدام الانترنت النظيف، فمن الممكن تقديم وترويج هذه الخدمة من خلال الشركات مزودي الخدمة محليا للمهتمين بهذا الموضوع، اضافة الى توفير معلومات عن كيفية تطوير وتحسين الحماية للمستخدمين، وتوفير الادوات التي يمكن للمستخدم اللجوء اليها للحماية بشكل فعال.
بالإضافة الى ان الانترنت شبكة عالمية مفتوحة للجميع، وحرية التعبير والوصول الى المعلومات هي من اهم مبادئها، والاردن هو من الدول التي قررت ان يكون الانترنت متوفرا بدون رقابة واصبح الوصول الحر الى اي معلومة من الحقوق المكتسبة للمواطن، حيث استمرت هذه السياسة المنفتحة منذ 1995 حتى الان وهو ما ساهم في نشأت وازدهار شركات المحتوى الالكتروني في الأردن لتزويد المنطقة العربية، حيث اصبحت شركات المحتوى الاردنية تدير ما يقارب 75% من المحتوى في المنطقة العربية.
خروج الشركات العالمية
أما الاثار المتوقعة في حال تم فرض رقابة على الانترنت، فمن المتوقع خروج مجموعة من الشركات العالمية من السوق الأردني ورفض للشركات العالمية غير المتواجدة للدخول الى السوق، وكذلك الى خروج مجموعة من الشركات المحلية التي تعنى بخدمة ادارة المحتوى الالكتروني للعالم العربي والدول الأخرى من الأردن، وفي المجمل فإن شركات القطاع والمملكة سوف تخسر مجموعة كبيرة من الوظائف وجانبا مهما من قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وفرصا للتطور وجذب الاستثمارات في المحتوى الالكتروني اذا ما تم فرض رقابة على الانترنت.
ويرى خبراء في هذا المجال أنه من الأولى التركيز على تحفيز الشركات والقطاع الذي يواجه في الوقت الحالي صعوبات في النمو الى مراحل متقدمة بسبب الاوضاع الاقتصادية وتأزم الاوضاع في الاسواق الاقليمية وقلة المشاريع المحلية وعدم استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كمحفز للقطاعات الاقتصادية الأخرى وتقنيين الصرف.