القاهرة: قال محللون ان الحكومة المصرية التي شهدت تعديلا يهدف الى تحسين مواجهتها للازمة الاقتصادية المتمثلة بعجز في الموازنة مرتفع وتراجع احتياطي القطع وضغوط على العملة، تواجه جملة تحديات في اطار سياسي واجتماعي حساس.
وقد حدد الرئيس المصري محمد مرسي بنفسه ورقة عمل مثقلة لنحو عشرة وزراء جدد يتولون في غالبيتهم حقائب اقتصادية بينها وزارة المالية، وانضموا الاحد الى الحكومة برئاسة هشام قنديل.
وأدى الوزراء العشر الجدد في الحكومة اليمين الدستورية ظهر الاحد امام الرئيس في مقر رئاسة الجمهورية. وعلى الاثر عقد مرسي اجتماعا مع مجلس الوزراء الجديد.
وقال قنديل في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع ان مرسي اكد اهميه quot;العمل الفوري وسرعة تحقيق انجازات على الارض ترفع الاعباء عن كاهل المواطن المصريquot;.
واضاف ان quot;مرسي يدعو جميع المواطنين الى العمل والانتاج والاستقرار واكد ان هدف الجميع هو بناء مصر الحديثة المتطورة ودعم الأمن واستقلال القضاء وإعلاء دولة القانونquot;.
واشار قنديل الي ضرورة تفعيل برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي مشددا على ضرورة quot;ترشيد الانفاق مع زيادة الكوادر وتعظيم الاستثمار مع اخذ العدالة الاجتماعية في الاعتبارquot;.
وستستانف محادثات مع صندوق النقد الدولي بشان قرض بقيمة 4,8 مليارات دولار الاثنين في القاهرة مع مسؤول الصندوق في الشرق الاوسط مسعود احمد.
والحصول على هذا القرض يعتبره كثيرون شرطا لا بد منه للنهوض الاقتصادي، وانما من دون مخاطر على الصعيد الاجتماعي.
واعتبر احمد النجار الخبير الاقتصادي في مركز دراسات الاهرام ان quot;المؤشرات مثيرة للقلقquot;. واضاف ان quot;السياحة التي كانت تدر في ما مضى 13 مليار دولار سنويا، لم تعد تدر اكثر من 8,8 ملياراتquot;.
اما بالنسبة للبطالة، فقد ارتفعت من 9 الى 12 بالمئة من اليد العاملة الفعلية في غضون سنتين، كما اضاف معتبرا مع ذلك ان هذه الارقام دون الحقيقة بكثير في بلد يعيش اربعون بالمئة من سكانه بدولارين او اقل في اليوم.
واخر مؤشر مثير للقلق هو ان سعر صرف العملة المصرية تراجع في بضعة ايام من 6 الى 6,4 جنيهات للدولار الواحد، في تدهور لا يزال معتدلا لكنه زاد من هشاشة وضع البلد بسبب حصوله المفاجىء.
واقر البنك المركزي المصري بان احتياطات القطع لديه التي تراجعت في غضون عامين من 36 الى 15 مليار دولار -- اي ما يغطي نظريا ثلاثة اشهر من الواردات -- بلغت مستوى quot;حرجاquot;، واتخذ البنك اجراءات للحد من خروج العملات الاجنبية من البلاد.
ولمصر ايضا quot;هاويتها الماليةquot;.
فقد صرح وزير التخطيط اشرف عبد الفتاح العربي للتو في الصحافة ان العجز في الموازنة قد يقفز بنسبة 50 بالمئة ليصل الى 200 مليار جنيه مصري (31 مليار دولار)، مقارنة بالتوقعات للعام المالي 2012-2013 quot;اذا لم تطبق اجراءات اقتصادية صارمةquot;.
وقالت وكالة التصنيف الائتماني فيتش في بيان اخير حول اصلاح نظام القطع المصري quot;ليعمل النظام يجب ان تعود الثقة بسرعة، وينبغي البدء باتفاق مع صندوق النقد الدوليquot;.
واعرب وزير المالية الجديد المرسي السيد احمد حجازي، الجامعي المتخصص بالشؤون المالية الاسلامية، فور توليه منصبه عن quot;استعداده لانجاز المشاورات مع صندوق النقد الدولي بهدف ابرام اتفاق حول قرضquot;.
ويعتبر هذا القرض حاسما بالنسبة لصرف تمويلات دولية اخرى ومواكبة اصلاحات صعبة.
لكن اجراءات تقشف ترفق به ولا سيما مراجعة سياسات الدعم الحكومية البالغة الكلفة للمحروقات او لمنتجات غذائية والتي تسمح بابقاء اسعار الكثير من المنتجات الاساسية متدنية جدا.
وفي كانون الاول/ديسمبر، اضطر مرسي الى تجميد زيادات على اسعار عدة منتجات استهلاكية اساسية قبل بضع ساعات من تطبيقها، وضحى بذلك بصورة موقتة على الاقل بتحسين وضع المالية العامة بهدف تجنب توتر اجتماعي.
وقد يؤثر اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المتوقعة في غضون شهرين تقريبا على القدرة على اجراء اصلاحات.
وقال الخبير الاقتصادي انغوس بلير الذي يدير quot;معهد سيغنتquot; في القاهرة ان quot;الاشهر القليلة المقبلة ستكون حرجة جداquot;.
واضاف quot;يمكننا ان نامل في وصول وزير المالية الجديد مع خطة ابداعية، لكن يجدر التاكد من انه يتعين عليه العمل في اطار يفرض حدودا ضيقةquot;.