يواجه المسؤولون المصريون صعابا عدة في تلك الأثناء في ما يتعلق بتوفير كميات كبيرة من القمح للإيفاء باحتياجات المواطن البسيط من الخبز المدعم، في ظل الأزمة التي يعيشها الآن الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي، خاصة وأن مصر تعتبر أكبر مستورد للقمح في العالم، وهو ما يشكل تحدياً لحكومة الرئيس محمد مرسي.


القاهرة: قال تجار الحبوب الذين يشحنون القمح إلى مصر إن القاهرة قامت بخفض عمليات شرائها من الخارج بسبب تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي.وأضاف التجار أن ذلك التباطؤ أدى إلى استنزاف مخزون القمح في البلاد، وجعله يصل إلى مستويات منخفضة على نحو غير معتاد. وقالت الحكومة من جانبها يوم أمس إن مستويات مخزون القمح، التي تكون كافية في المعتاد لمدة تقدر بستة أشهر، قد تقلصت إلى النصف، ولم يعد يكفي المخزون سوى مدة قدرها 101 يوم فقط. فيما أشار مجلس الوزراء المصري إلى أن مدة الـ 101 يوم قد تزيد شهراً آخر، حيث من المتوقع وصول إمدادات خلال شهري آذار/ مارس ونيسان / أبريل المقبلين.
وقالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في هذا السياق إنه وفي الوقت الذي يعيش فيه أكثر من 40 % من المصريين تحت خط الفقر، فإن الخبز المدعم يشكل جزءًا هاماً من الإستراتيجية التي تنتهجها الحكومة المصرية للحفاظ على السلام الاجتماعي. وقال فراس أبي علي، من شركة Exclusive Analysis المتخصصة في الاستشارات السياسية في العاصمة البريطانية لندن :quot; الشيئان اللذان لا يمكن للحكومة أن تفقد السيطرة عليهما هما الخبز والوقودquot;. هذا وتتعامل السلطات المصرية بحذر مع دعم المواد الغذائية منذ أعمال الشغب التي نشبت في مدن مصرية عام 1977 بعدما قررت الحكومة رفع أسعار مجموعة من السلع الأساسية. وقد اضطرت السلطات في ذلك الوقت أن تلغي قراراتها من أجل استعادة النظام مرة أخرى. وخلال الأزمة الغذائية التي حدثت خلال عامي 2007/ 2008، التي أدت وقتها إلى ارتفاع أسعار القمح لمستوى قياسي، باتت ترتكز كثير من العائلات على الخبز المدعم، وحينها كان يصطف الناس بأعداد كبيرة أمام المخابز وكانت تنشب شجارات.
وجاء الإعلان عن تراجع مخزون القمح في مصر بالتزامن مع إعلان نعماني نعماني استقالته من منصبه بالهيئة العامة للسلع التموينية للعمل كمستشار لوزير التموين.
ويحظى نعماني بسمعة طيبة بين تجار الحبوب في كافة أنحاء العالم، فضلاً عن أنه واحد من أقوى الشخصيات في سوق القمح العالمية. ويشكو تجار القمح من تأخر الدفع من جانب مستوردي القطاع الخاص، موضحين أن شحنات القمح لا تدخل سلسلة الإمدادات الغذائية في مصر نظراً لاحتجاز الشحنات بالموانئ والمخازن إلى أن يتم الدفع.وعاودت فاينانشيال تايمز لتقول إن مصر قد تعوض انخفاض واردات القمح بزيادة صفقات الشراء الداخلية حين يبدأ موسم الحصاد في نيسان/ أبريل. لكن التجار الدوليين يخشون أن يحتفظ المزارعون المحليون بقدر كبير من محاصيلهم تحسباً لزيادة الأسعار. وأكد أحد تجار الحبوب أن ذلك قد يؤثر في الكمية التي يمكن للحكومة شراؤها. وشهدت احتياطات النقد الأجنبي في مصر حالة واضحة من التراجع منذ اندلاع ثورة الـ 25 من كانون الثاني/ يناير، التي أطاحت بالرئيس السابق مبارك، نتيجة لاستمرار الاضطرابات السياسية التي تعيشها البلاد، فانخفضت من 36 مليار دولار عشية الثورة إلى ما يقرب من 13.6 مليار دولار في نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي.وفي ظل الصعوبات المتزايدة التي يواجهها المستوردون في سبيل الحصول على العملة الأجنبية سواء من المصارف أو من مكاتب الصرافة، بدأ يلجأ بعض مستوردي الحبوب بالقطاع الخاص إلى السوق السوداء من أجل الحصول على الدولارات.
وفي السياق نفسه ، نقلت وكالة بلومبيرغ للأخبار الاقتصادية والبيانات المالية على شبكة الإنترنت عن هاني صبره، المحلل لدى مجموعة Eurasia المتخصصة في البحوث وتقييم المخاطر السياسية، قوله quot; يلعب نعماني نعماني دوراً هاماً من أجل تحقيق الاستقرار السياسي لمصر. فهناك عشرات الملايين من المصريين الذين يعتمدون على الخبز المدعم. وأتوقع أن تنهار البلاد سياسياً ما لم تتوافر إمكانية للحصول على الخبزquot;.

وأضاف أركادي زلوشيفسكي رئيس اتحاد حبوب روسيا في موسكو quot; القرارات التي يتخذها نعماني بخصوص شراء الحبوب تنقل أسواق العقود الآجلة من باريس إلى شيكاغو. وبغض النظر عمن يتولى الحكم، فإن مصر تعتمد على برنامجها الخاص بالخبز المدعم. وأي حكومة ستجرؤ على التخلي عن هذا النظام، ستواجه غضب الشعب المصري. ولهذا ستستمر كل حكومة في تمويل مناقصات القمح مهما تكلف الأمرquot;. أفردت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية تقريرا تناولت فيه أزمة الخبز في مصر، وربط بين الأزمة التي يمر بها حالياً الجنيه المصري في مواجهة الدولار وبين مخزون مصر الحالي من القمح والذي لم يعد كافيا سوى لـ 101 يوم فقط. وقالت الصحيفة إن صراع السلطات من اجل شراء تلك السلعة الغذائية الرئيسة في السوق الدولية بسبب التأثر بأزمة العملات، وهو ما يخلق تحدياً جديداً للرئيس مرسي. وهو الموضوع نفسه الذي تناولته وكالة بلومبيرغ في تقرير منفصل ونقت فيه عن أحد المحللين تأكيد أن مصر سوف تنهار سياسياً إذا لم يتم توفير الخبز للمواطنين.