يبدي صندوق النقد الدولي اهتمامًا بتوسيع انتشاره في بلدان quot;الربيع العربيquot; وعلى رأسها مصر، إلّا أنّه يتريث حاليًا بسبب شرعية النظام غير الصلبة، كما إن المصريين متخوفون من شرط رفع الدعم عن الوقود والغذاء المثير للجدل في بلد شهد أعمال شغب بسبب الخبز.


في ظل الجدل المثار في مصر حاليًا حول حقيقة مماطلة مسؤولي صندوق النقد الدولي في مفاوضاتهم مع الجانب المصري بخصوص القرض، الذي تقدر قيمته بـ 4.8 مليار دولار، أكد تقرير نشرته صحيفة الأوبزرفر البريطانية أن الصندوق مهتم للغاية بنشر ماله ونفوذه في مصر، لكن المخاوف مازالت قائمة بشأن السياسات المُطبَّقة على النهج الأميركي، وكذلك الشرعية التي يحظى بها الرئيس محمد مرسي.

هذا وتسعى مصر جاهدةً من أجل الحصول على هذا القرض، على الرغم من تغير القوى المتحول بشكل سريع في الاقتصاد العالمي خلال القرن الحادي والعشرين. ويجري مسؤولو الصندوق الآن مساومات في القاهرة مع حكومة جماعة الإخوان المسلمين بشأن الشروط الخاصة بالقرض المقترح الذي تقدر قيمته بـ 4.8 مليار دولار.

هذا وكان يتم التعامل في الغالب مع صندوق النقد باعتباره صوت العقل أثناء أزمة منطقة اليورو، من خلال إجباره الساسة في القارة العجوز على مواجهة نطاق الكارثة المالية.

مخاوف رفع الدعم
لكن الكثير من المواطنين المصريين ينظرون إلى الصندوق، الذي يوجد مقره في واشنطن، باعتباره دريئة للسياسات المدعومة من قبل الولايات المتحدة، والتي سعوا إلى التخلص منها، من خلال نزولهم إلى ميدان التحرير للتظاهر في كانون الثاني/ يناير عام 2011.

فهم يرون أن مسألة رفع الدعم عن الوقود والغذاء مطروحة على سبيل المثال في أجندة صندوق النقد الدولي، وهو أمر مثير للجدل في بلد سبق أن شهد أعمال شغب بسبب الخبز.

ونوهت الصحيفة في هذا الصدد بأن مصر في حاجة ماسّة إلى المال، خاصة وأن احتياطات النقد الأجنبي لديها تتراجع، وأنها لا تقوى على تحمّل واردات الطعام والوقود الأساسية.

لكن بعض المنتقدين يرون أن شرطي زيادة الضرائب وخفض الدعم التي تتفاوض الحكومة بشأنهما حالياً مع الصندوق لقاء الحصول على القرض هي مشابهة إلى حد كبير مع الإصلاحات التي تم وضعها من جانب مسؤولي نظام الرئيس السابق حسني مبارك.

تعهد سلطوي وشعبي
وسبق لكريستين لاغارد، مديرة الصندوق، أن قالت في وقت سابق من العام الجاري: quot;يحتاج الصندوق تعهد السلطات السياسية بأن بمقدورها الموافقة بالفعل على البرنامج، وامتلاكه، وطرحه على الناس باعتباره برنامجًا خاصًا بهم في الأساسquot;.

وهو ما اختلفت عليه مهجة كمال ياني، وهي خبيرة في الشأن المصري لدى أوكسفام، بقولها: quot;أرى أن تصور الصندوق للاقتصاد المصري سيكون ضارًا إلى أبعد حد. فهم لا يريدون أن يتقبلوا فكرة أن هناك طرقًا أخرى تساعد على زيادة الدخل الحكوميquot;.

ومضت ياني تؤكد على أن العثرة المالية التي تمر بها مصر في الوقت الراهن ترجع إلى الشرعية الهشّة للرئيس الجديد، محمد مرسي، حيث لا يشعر المستثمرون، وكذلك الأسواق، بأجواء العمل المستقرة نتيجة تواصل الاضطرابات الحاصلة في البلاد.

وأضافت ياني quot;يُرجِع الصندوق الأزمة إلى الموقف الاقتصادي، لكنها ناتجة في واقع الأمر من الموقف السياسي. وهبّ حلفاء لمصر، منهم قطر، لمساعدتها بقروض ثنائيةquot;.

انتشار quot;ربيعيquot;
مع هذا، أشار سارغون نيسان، من مركز مشروع بريتون وودز البحثي، إلى أن الصندوق عازم توسيع انتشاره في البلدان التي تحققت فيها الديمقراطية بفضل الربيع العربي.

وأكمل نيسان حديثه قائلًا: quot;الصندوق حريص كل الحرص على إقراض تلك البلدان. ويمكن القول هنا إن أوروبا عبارة عن مستنقع، وأوروبا الشرقية ليست مكاناً جيداً للإقراض، فيما تحظى منطقة الشرق الأوسط بأهمية كبيرة للغاية، حيث يحظى هناك الراعي الرئيس للصندوق (الولايات المتحدة) بمصالح جيوسياسية كبرى. ويولي الصندوق أولوية واضحة للغاية لدعم تلك المنطقة، ومصر هي الدولة الأبرزquot;.

وطالب نيسان مسؤولي الصندوق بتوخي الحذر بشأن الدخول في محادثات مع نظام، تُثَار تساؤلات كبرى حول شرعيته، منذ أن منح مرسي لنفسه صلاحيات كبرى في العام الماضي.

وختم نيسان حديثه quot;والأمر المزعج حقاً هو أنهم مستعدون للعمل في مصر وفي عدد من الدول، التي تمر بمرحلة انتقالية، من دون أن يكون بالضرورة لدى تلك الدول تفويض ديمقراطي كاف. وبدلاً من ذلك، يتعيّن على الصندوق أن يقدم قرضًا طارئاً قصير الأجل، بعدد قليل من الشروط، وهو خيار سبق للحكومة المصرية أن رفضته عام 2011quot;.