قرّر الاتحاد الأوروبي شراء النفط السوري من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وذلك باعلان تخفيف اجراءات الحظر المفروض على استيراد النفط، ولغاية تمكين المعارضة من موارد تحتاجها.


عبدالإله مجيد من لندن: توصلت الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي الى اتفاق أولي على تخفيف الحظر المفروض على استيراد النفط من سوريا في اطار تحرك لتمكين المناطق النفطية التي تسيطر عليها المعارضة من بناء قاعدة اقتصادية وتحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي، كما افاد دبلوماسيون في بروكسل.

تخفيف العقوبات

سيكون هذا الاتفاق، إذا نُفذ كما يُراد له، أول اجراء يتخذه الغرب لتخفيف العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على سوريا منذ أن بدأ نظام الرئيس بشار الأسد حملته القمعية ضد المعارضة قبل أكثر من عامين.

كما يمثل الاتفاق أول خطوة غربية هدفها إيجاد حوافز اقتصادية لسكان المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وخاصة في شمال وشرق سوريا حيث توجد عدة منشآت نفطية.

ولا تتوفر لسكان هذه المناطق وسائل تُذكر للعيش في الوقت الحاضر.

ويأتي الاتفاق في وقت حمل الأسد بشدة على الدول الغربية والعربية التي تدعم المعارضة قائلاً في مقابلة تلفزيونية مع قناة quot;الإخباريةquot; السورية إن انتصار المعارضة سيؤدي الى انهيار سوريا.

وأكد الأسد في المقابلة أن لا خيار امام نظامه سوى quot;الانتصارquot; وإلا quot;ستنتهي سورياquot;. وأكد مجدداً ما قاله عدة مرات في السابق من أن نظامه يقاتل مجموعات ارهابية وإسلامية متطرفة تدعمها جهات خارجية.

النفط مصدر حيويّ

رغم أن سوريا بلد نفطي صغير بحجم الانتاج إلا أنّ صادرات النفط كانت تشكل مصدرًا حيويًا لإيرادات الدولة والعملات الأجنبية.

وكانت اوروبا المستورد الرئيسي للنفط السوري حتى عام 2011 عندما حظرت استيراد النفط وقررت فرض عقوبات اقتصادية أخرى بهدف الضغط على الأسد للتوصل الى حل الأزمة سياسيًا، ولكنه واصل تنكيله بالمعارضة واستمرت العقوبات في تدمير الاقتصاد السوري عمليًا.

وقال تقرير نشرته صحيفة quot;الوطنquot; الموالية للنظام في 7 نيسان/ابريل إن الصادرات السورية انهارت في عام 2012 الى 185 مليون دولار بالمقارنة مع 7.2 مليارات دولار عام 2011.

ويقول خبراء في الشؤون السورية إن ضرر العقوبات المقترنة بآثار الحرب كان أكثر من نفعها للشعب السوري مشيرين الى نزوح أكثر من 1.2 مليون سوري اصبحوا لاجئين في دول الجوار وتهجير ملايين وحرمان ملايين آخرين من المواد الغذائية والخدمات الأساسية.

جدوى العقوبات

نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن جوشوا لانديس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة اوكلاهوما الاميركية quot;أن العقوبات مهمة لأن الاقتصاد السوري انهار بسببها وأن تدفق اللاجئين مدفوع بانعدام الأمن والفقر ونقص الغذاء بصورة متزايدةquot;.

وأضاف لانديس أن انعاش الاقتصاد هو العامل الأساسي في إبقاء السوريين داخل بلدهم وبعيدًا عن مخيمات اللاجئين. ولاحظ quot;أن الغرب يقول إنه يستهدف النظام ولكن من السهل أن يرى المرء أن النظام يطعم قواته والشعب جائعquot;.

اتفاق غامض

ما زال من غير الواضح كيف يمكن لاتفاق دول الاتحاد الاوروبي على تخفيف الحظر النفطي أن يساعد المعارضة وإبقاء عائدات النفط بعيدة عن يد الأسد.

ويبحث مسؤولون اوروبيون من أعلى مستوى تفاصيل الاتفاق قبل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي يوم الاثنين لإقراره.

ولكن حتى موافقة الوزراء قد تتطلب خطوات تشريعية بعدها لوضع قرار التخفيف من الحظر في حيز التنفيذ.

ويمكن أن يتخذ رؤساء حكومات الاتحاد الاوروبي القرار النهائي في هذا الشأن حين تلتئم قمتهم في بروكسل في 22 ايار/مايو المقبل.

ويتعين في اطار الاتفاق على كل دولة من دول الاتحاد الاوروبي ترغب في شراء النفط من سوريا أو مد الصناعة السورية بمعدات، أن تتبع عملية اجرائية محدَّدة لم تُنجز حتى الآن.

التشاور مع الإئتلاف أولاً

ولكن الأمر الواضح أن على الدولة ذات العلاقة quot;أن تتشاور مسبقًا مع الائتلاف الوطني للمعارضةquot;، كما افاد دبلوماسي اوروبي لصحيفة نيويورك تايمز طالبًا عدم ذكر اسمه.

في غضون ذلك، اعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مؤتمر صحفي الأربعاء أن الحكومة السورية لم تصدر حتى الآن موافقتها على السماح لفريق من خبراء الأدلة الجنائية بدخول سوريا للتحقيق في اتهامات باستخدام اسلحة كيمياوية وجهت قبل نحو شهر.

وقال بان quot;إن فريق الخبراء مستعد للانتشار ما أن نحصل على موافقة الحكومة السوريةquot;.

ولا يُعرف السبب في امتناع الحكومة السورية عن السماح بدخول الخبراء، وهي التي طلبت اصلاً اجراء تحقيق في دعاوى استخدم الأسلحة الكيمياوية.

ولم يتطرق الأسد في مقابلته التلفزيونية الى الاتهامات والاتهامات المضادة بشأن الجهة التي استخدمت اسلحة كيمياوية. ولكنه حاول أن يصور اسباب الحرب على أنها مؤامرة حاكها الغرب بتواطؤ دول عربية متحالفة معه.

واتهم الأسد اوروبا والولايات المتحدة بدعم المقاتلين الجهاديين وتسهيل دخول مسلحي القاعدة الى سوريا محذرًا من عواقب هذا الموقف بالقول: quot;كما مول الغرب القاعدة في افغانستان في بدايتها ودفع الثمن غاليًا لاحقًا... الآن يدعم القاعدة في سوريا وفي ليبيا وفي اماكن أخرى وسيدفع الثمن لاحقاً في قلب اوروبا وفي قلب الولايات المتحدةquot;.