هدد المستثمرون السعوديون بسحب استثماراتهم من مصر، بسبب معوقات تقف أمامهم، تشريعية وبيروقراطية، لكن الحكومة المصرية أكدت أنها ستبادر إلى إزالة كل ما يعيق الاستثمار السعودي فيها.


القاهرة: أكدت الحكومة المصرية حرصها على إزالة جميع العقبات التي تواجه المستثمرين السعوديين، عقب تهديدهم بسحب استثماراتهم الحالية، والتوقف عن الاستثمار في مصر، احتجاجًا على مماطلة الحكومة المصرية في إيجاد حلول لمشروعاتهم المتعثرة، بسبب تعقيدات بيروقراطية، ووجود مسؤولين حكوميين يحكمون على الأمور من منظور شخصي، في خطوة استباقية قبل اجتماعهم مع نظرائهم المصريين في 25 من الشهر الجاري في ملتقى الاستثمار في مصر.

وأكد المسؤولون عن الاستثمار في مصر أن مشكلات المستثمرين السعوديين منحصرة مع بعض المستثمرين في حين الأغلبية الكبرى لا تعاني أي أزمات تذكر. وأكد الخبراء حرص الحكومة المصرية على مد جسور التعاون الاقتصادي بين البلدين، في إطار البحث عن سبيل للخروج من الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تمر بها البلاد منذ ثورة 25 يناير.

وتشير تقارير اقتصادية إلى أن حجم الاستثمارات السعودية في مصر تصل إلى 27 مليار ريال، أي 7.2 مليارات دولار، وتبلغ قيمة المشاريع المتعثرة نحو ملياري دولار، منها 16 مشروعًا كبيرًا مسجلًا لدى الهيئة العامة للاستثمارات، ومنها عشرة مشاريع تصل قيمتها الاستثمارية إلى نحو 5 مليارات ريال، أي 1.33 مليار دولار.

طلب التعويض

ويتمسك المستثمرون السعوديون، في حال عدم حل مشكلات مشاريعهم المتعثرة، بحقهم في طلب تعويض فوري، وفقًا لاتفاقية تشجيع وحماية وضمان الاستثمارات بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي التي وقعتها السعودية ومصر.

لكن هذه الاتفاقية تنقصها آلية واضحة للتطبيق، إذ تشير المادة 13 من الاتفاقية إلى أنه يحق للمستثمر الحصول على تعويض عما يُصيبه من ضرر إذا قامت دولة طرف أو إحدى سلطاتها العامة أو المحلية أو مؤسساتها بالمساس بأي من الحقوق والضمانات المقررة للمستثمر في هذه الاتفاقية، أو تم الإخلال بأي من الالتزامات والتعهدات الدولية المفروضة على الدولة الطرف والناشئة عن هذه الاتفاقية لمصلحة المستثمر، أو عدم القيام بما يلزم لتنفيذها.

لا أزمة بين مصر والسعودية

أوضح محمد مؤمن، عضو مجلس الأعمال المصري السعودي، أن المجلس حضر منذ أسابيع في الرياض مؤتمر أعمال اللجنة السعودية المصرية المشتركة، وخرج ثلاثة من رجال الأعمال المشاركين في المؤتمر وأعلنوا عن مشكلات تواجههم في مصر، بسبب القوانين المصرية أو التعقيدات البيروقراطية، ولم يخرج غيرهم من المشاركين في المؤتمر، والذين وصل عددهم إلى 30 رجل أعمال سعوديًا.

ورفض حديث الدكتور عبد الله بن محفوظ، رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري، باسم جميع المستثمرين السعوديين، وإظهار الأمر على أنه أزمة حقيقية بين مصر والسعودية، في وقت سياسي خطير تشهده مصر، فقد يزيد هذا التصريح من حالة الاحتقان الداخلي.

وأوضح مؤمن أن العلاقات بين مصر والسعودية تشهد تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، ففي مؤتمر الرياض لمجلس رجال الأعمال المشترك، اتفق الوفد المصري مع الجانب السعودي على تشكيل لجنة للتعاون الصناعي بين هيئتي التنمية الصناعية والمدن الصناعية السعودية لإزالة المعوقات أمام إقامة المشروعات الصناعية المشتركة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين البنوك والمؤسسات التمويلية في البلدين، لتسهيل تقديم الخدمات التمويلية اللازمة لتيسير حركة التجارة والصادرات، ما يثبت سعي الحكومة المصري نحو إزالة المعوقات التي تواجه المستثمرين المصريين والسعوديين.

الحكومة بريئة

وأشار مؤمن إلى أن الحكومة ليست طرفًا في أزمات المستثمرين السعوديين، quot;فالغالبية العظمى منها ترجع إلى وجود أحكام قضائية، مثل مشاريع رجل الأعمال عبدالله الكحكي صاحب شركة طنطا للكتان، والأمر نفسه بطلان عقد بيع سلسلة متاجر عمر أفندي إلى رجل الأعمال السعودي جميل القنبيط، والحكومة وقفت ضد الأحكام الصادرة من القضاء المصري لدرجة أن هناك حكمًا بالحبس على رئيس الوزراء المصري هشام قنديل لرفضه تنفيذ حكم بعودة الشركة للدولةquot;.

أما بالنسبة إلى مشكلة رجل الأعمال عبد الإله كعكي صاحب أرض مول العرب بمدينة 6 أكتوبر، قال مؤمن إنها في طريقها للحل خلال شهر على أقصى تقدير، وهناك حلول أخرى لبقية الأزمات.

وقال الدكتور أحمد سعيد، عضو المكتب الفني للاستثمار في هيئة الاستثمار المصرية، إن وزير التجارة والصناعة ووزير الاستثمار الجديد حصرا أزمات المستثمرين السعوديين، وأعطيا التعليمات بضرورة البحث عن حلول سريعة في أقل الوقت لمشكلات الكعكي وعبدالرحمن الشربتلي وعبدالعزيز إبراهيم وجميل القنبيط، والبحث عن مخرج قانوني للأزمات المنظورة أمام القضاء.

وقال لـ إيلافquot;: quot;هناك مجموعة من القوانين ستتقدم بها الحكومة لمجلس الشورى، بشأن إزالة المعوقات التي تواجه المستثمرين، والتي سوف تقضي على ما يسمى بالتعقيدات البيروقراطية، وكذلك مسؤولو الحكومة الذين يحكمون على الأمور من منظور شخصي، وتسعى مصر إلى تسوية النزاعات الموجودة في قضايا أخرى تخص مستثمرين عربا وأجانب، لتجنب عملية تحكيم مكلفة، ولاستعادة الثقة في اقتصاد البلادquot;.

قوانين تعوق الإستثمار

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور سعد الحلواني في استمرار القوانين التي تعوق الاستثمار في مصر دون تعديل ما يؤكد صحة حديث المستثمرين السعوديين عن تعرضهم لأزمات بسبب تعقيدات بيروقراطية ووجود مسؤولين حكوميين يحكمون على الأمور من منظور شخصي، quot;إلى جانب أن وزراء الاستثمار الذين تولوا المسؤولية منذ قدوم حكومة قنديل لم يقوموا بأي دور نحو حل أزمات المستثمرين، وتحديدًا العرب بشكل عام، بل كانت كل جهودهم مركزة نحو حل أزمات المستثمرين القطريين فقط، ويكفى أن رئيس البنك الأهلي السابق هو الذي قاد مبادرات لحل أزمات تعثر رجال الأعمال المصريين والأجانبquot;.

وأشار الحلواني إلى أن تهديدات المستثمرين السعوديين لن يتم تصعيدها وسوف تناقش بين الدولتين، فمصر تحرص على فتح السوق المصرية أمام الاستثمار السعودي في مجال الكهرباء، وفتح حركة التنقل البحري للتجارة من دون تأشيرات، quot;وهناك لجنة مشتركة بين مصر والسعودية تعقد اجتماعا كل ثلاثة أشهر لمناقشة الأزمات التجارية بين البلدين، حيث تعد الملفات الاقتصادية أبرز أبعاد العلاقات بين البلدين، وحيث تشهد العلاقة التجارية بينهما تطورًا مستمرًا، بصرف النظر عما قد يشوب هذه العلاقات من توتر سياسيquot;.