الكويت: يمر الاقتصاد الهندي بمزيد من المعاناة بسبب العوامل المحلية والخارجية مع العجز المزدوج الذي تسجّله حالياً، وكان الاقتصاد الهندي قد تباطأ من نسبة نمو 4.8% على أساس سنوي في الربع الأول إلى نسبة 4.5% في الربع الثاني، بينما كانت التوقعات أعلى من ذلك بقليل.
وجاء التباطؤ بشكل أساسي نتيجة لضعف الأداء في قطاعي التعدين والصناعة، حيث انخفض الإنتاج الصناعي بمعدل 2.2% في يونيو، وهو الانخفاض الثاني له على التوالي بسبب تراجع الصناعة التي تعادل ثلاثة أرباع إجمالي الإنتاج.
وجاء ذلك في تقرير شركة quot;آسيا للاستثمارquot; الذي أظهر أن هذا الانخفاض انعكس في مجالات مختلفة، من السلع الرأسمالية إلى السلع الاستهلاكية. وتباطأ الاستهلاك المحلي بسبب تآكل القدرة الشرائية بعد ارتفاع التضخم، ومن غير المتوقع أن يتعافى الاستهلاك المحلي قريباً بسبب تراجع ثقة المستهلكين. وساهم التراجع في منطقة اليورو التي تعد الشريك التجاري الأكبر للهند بتباطؤ الصادرات الهندية.
وكان للعجز المتزايد للحساب الجاري تداعيات سلبية على ثقة المستثمرين، مما يؤدي لتراجع الاستثمار الأجنبي، وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط. وقد تضخم مؤخراً تدقف رؤوس الأموال إلى خارج الهند نتيجة للمخاوف المتعلقة بموعد تطبيق التخفيف الكمي الثالث المرتقب من الفيدرالي الأميركي. ونتج عن هذا خسائر كبيرة في قيمة الروبية الهندية، التي تراجعت هذا العام بمعدل 22% حتى الآن.
الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يقيس الناتج الاقتصادي أو حجم الاقتصاد - معدّل بالنسبة للتضخم أو الانكماش. فهو مجموع القيم المعّدلة لكافة السلع والخدمات النهائية التي تنتجها دولة أو منطقة ما خلال فترة زمنية محددة. وتعتمد هذه القيم على كميات (حجم) وأسعار السلع المنتجة. الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقياس يجعل الأسعار الثابتة من خلال اعتماده على قيمة عام معين الذي يكون عام الأساس لجميع السلع والخدمات.
ويمكن قياس الناتج المحلي الإجمالي بعدة طرق، حيث تقيسه لجنة الإحصاء المركزي، وهي الجهة الحكومية المسؤولة عن البيانات الوطنية، بطريقة الإنفاق وإنتاج القطاعات.
وينقسم الناتج المحلي الإجمالي من ناحية الإنفاق، إلى الاستهلاك الخاص، والإنفاق الحكومي، والاستثمارات المالية الثابتة، والصادرات والواردات. وقد كان الاستثمار هو محرك النمو الهندي الأكبر حجماً منذ 2003. وبالنظر إلى حجم التطوير في البنية التحتية التي تحتاجه الهند، يعتبر الاستثمار بغاية الأهمية. كما يلعب الاستهلاك الخاص دوراً مهماً في دولة مثل الهند التي تعتمد على قطاع الخدمات مما يجعلها تعتمد على اقتصادها المحلي أكثر من غيرها من دول آسيا.
وقد كان النمو الهندي متباطأً منذ منتصف عام 2011، ومن المتوقع أن يستمر بالتراجع حتى النصف الثاني من العام المقبل على الأقل. ومع الأداء الضعيف للاقتصاد الهندي والتراجع الكبير للروبية مؤخراً، أصبحت الهند في وضع معقّد يستدعي التدخل الحكومي.
ومنذ سبتمبر 2012 تحاول الحكومة الهندية تكثيف جهودها لدعم النمو الاقتصادي، حيث سهلت من القيود على الاستثمار الأجنبي ووافقت مؤخراً على مشاريع للبنية التحتية تبلغ قيمتها 28.4 مليار دولار أميركي، في مجالات النفط والغاز والطاقة والطرق وسكك الحديد.
ولكن هناك مخاوف متزايدة من العجز المالي الهندي الذي يستمر بالنمو، وخصوصاً بعد أن تمت الموافقة على قانون تأمين الغذاء، حيث توفر الدولة بموجب هذا القانون الدعم على الغذاء لما يقارب ثلثي السكان، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة هذا القانون 4 مليار دولار أميركي سنوياً تتحملها الحكومة.
وبالتالي يبدو أن وعد رئيس الوزراء الهندي بتخفيض العجز المالي من 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.8% خلال هذه السنة المالية غير واقعي. ومع التوقعات باستمرار العجز المالي عند مستوياته العالية، يزيد اعتماد الهند على البنك المركزي لتخفيض أسعار الفائدة ودعم الاقتصاد.
إلا أنه من غير المرجح أن يتم تخفيض أسعار الفائدة أكثر، حيث أن الروبية ما تزال تتراجع، وقد وصلت لأدنى مستوياتها. بل حتى أن البنك المركزي سعى لتضييق السياسات في محاولات يائسة لدعم العملة. ويبدو مستقبل النمو الهندي معتماً بسبب مزيج الإنفاق الحكومي تقييداً للعجز المالي ليصل إلى 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، والمزيد من التقييد لتثبيت العملة.
وستكون الانتخابات الهندية القادمة في مارس 2014 نقطة حاسمة للاقتصاد الهندي. نعتقد أنه من غير المرجح أن تتم الموافقة على أي إصلاح هيكلي غير شعبي. ولا يزال من غير المحتمل أن يتعافى النمو على المدى المتوسط، ومن المرجح أن يتراجع إلى معدل 4.8% على أساس سنوي في السنة المالية 2013-2014.