بدت الأسواق مترددة اليوم الجمعة من حيث استمرار تراجع أسعار النفط، بعد قرار أوبك عدم خفض سقف إنتاجها، للحدّ من فورة النفط الصخري، لكن آثاره الجانبية شديدة التأثير، ولا تزال غير واضحة. وفي وقت رأى محللون أن انخفاض أسعار النفط سيؤدي إلى تعزيز القوة الشرائية في الغرب، أكدوا أن الضحية الحقيقية اليوم هي فنزويلا التي تواجه وضعًا ماليًا صعبًا.


واشنطن: فتحت اسعار النفط في نيويورك على تراجع غداة هذا القرار. وقد بلغ سعر برميل النفط المرجعي تسليم كانون الثاني/يناير في سوق المبادلات في نيويورك 69.29 دولارًا بتراجع قدره 4.40 دولارات عن سعر الاغلاق الرسمي الاخير الاربعاء.

لكن الاسعار بدأت تتحسن تدريجيًا بالمقارنة مع ادنى سعر سجل الاربعاء (67.75 دولارًا) في المبادلات الالكترونية، بينما كان الخميس يوم عطلة في الولايات المتحدة بمناسبة عيد الشكر. وكانت الاسواق الآسيوية بصورة عامة سجلت تراجعًا الجمعة، ما ادى الى تدهور اسهم شركات الطاقة.

إعلان حرب
وقال فيل فلين الخبير في مجموعة فيتشرز ان "اوبك ستواصل اغراق العالم بنفطها، على امل انهاء انتاج النفط الصخر الاميركي"، الذي تهدد فورة انتاجه حصص اعضاء اوبك في السوق. اضاف ان "الوسطاء يعرفون ما هي المسألة، وان كان الامين العام (لاوبك) عبد الله البدري اكد انهم لا يريدون توجيه اي اشارة الى احد. انه اعلان حرب بشأن الانتاج. كل الكميات مطروحة، واوبك تغامر بوجودها".

وفي مواجهة تراجع الاسعار، طالبت دول في اوبك خفض الانتاج لتحسين الاسعار، لكن من دون جدوى. ورفضت دول الخليج النفطية، التي تملك هامش مناورة مالية داخل الكارتل، هذا الطلب بفكرة محددة بشكل واضح، وهي ابقاء الاسعار منخفضة، حتى منع ازدهار الغاز الصخري.

انتصار خليجي
وقال المحلل في ساكسو بانك في باريس كريستوفر ديمبيك لوكالة فرانس برس "انه انتصار لتحالف دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية والكويت". واضاف "انهم يملكون احتياطات كافية لتحمل سعر منخفض". صرح وزير النفط الكويتي علي العمير ان قرار اوبك ابقاء سقف الانتاج بدون تغيير على الرغم من العرض الفائض كان بسبب مخاوف الكارتل من فقدان حصته في السوق.

وقال "اليوم هناك الكثير من المنافسين، واوبك لا تضخ سوى ثلاثين بالمئة من الانتاج العالمي". واضاف "كان لا بد من اتخاذ القرار الصحيح بعدم خفض الانتاج، لان اي خفض يمكن ان يعوّضه (منتجون) آخرون موجودون في السوق".

تابع الوزير الكويتي "لذلك قررنا ان الأسعار يجب ان تصحح تبعًا للعرض والطلب، وان على اوبك حماية حصتها من السوق، حتى لا تفقد زبائنها"، مؤكدا ان "اوبك لن تقبل بعد اليوم تحمل العبء الاضافي لخفض الانتاج، بينما يسارع آخرون الى زيادة انتاجهم".

واذا كان محلل ساكسو بانك يعتقد ان اسعار النفط ستواصل الانخفاض، قبل ان ترتفع قليلا، فان خبراء مجموعة سي ام-سي آي سي سيكيوريتيز يتوقعون ان "يستمر تراجع الاسعار في الاشهر المقبلة، مما ستكون له انعكاسات كبيرة على الاقتصاد العالمي".

ضارة نافعة
من جهته، قال ريجيس بيغيه مدير مجموعة لازار فرير للادارة ان "انخفاض اسعار النفط نبأ سار جدا للاقتصادات الغربية، فهذا سيؤدي الى تعزيز القوة الشرائية اكثر من اي اجراء تتخذه حكومة". ونظرا الى الدور الاساسي للنفط في الحياة الاقتصادية، يؤدي وجود طاقة بسعر منخفض في الاسواق الى هزات في كل مجالات الاقتصاد.

ففي البورصة، كانت المجموعات النفطية او شبه النفطية تسجل تراجعا، بينما الشركات الجوية، التي تعد من كبار المستهلكين، تستفيد من الوضع، مثل جابان ايرلاينز، التي ارتفع سعر السهم لديها بنسبة 5.75 بالمئة او ايرفرانس (4.78 بالمئة).

وقد تراجع الروبل الروسي الجمعة الى مستوى قياسي جديد ازاء الدولار مع اقترابه من عتبة رمزية قدرها 50 روبلا للدولار وكذلك مقابل اليورو، بينما تخضع موسكو لعقوبات غربية وتعاني من هروب رؤوس الاموال بسبب الازمة الاوكرانية.

فنزويلا ضحية
وقال ديمبيك ان "الضحية الحقيقية اليوم هي فنزويلا"، التي تواجه وضعا ماليا صعبا، وان كانت الارقام المرتبطة بهذا القطاع التي تنشرها كراكاس غير واضحة. وقرر وزراء اوبك خلال اجتماع الخميس في فيينا ابقاء انتاجهم النفطي بمستوى 30 مليون برميل في اليوم للاشهر الستة المقبلة، رافضين خفض العرض لدعم الاسعار التي هبطت بنسبة 35 بالمئة منذ الحد الاقصى المسجل في حزيران/يونيو.

وكان يمكن لخفض سقف الانتاج الذي يعتبر الاداة الرئيسية لدى اوبك لضبط العرض النفطي العالمي، ان يساعد على الحد من الامدادات في السوق النفطية التي تشهد حاليا فائضا بسبب فورة الانتاج النفطي الاميركي، ولا سيما مع استخراج النفط الصخري، بالتزامن مع التباطؤ الاقتصادي في اوروبا والصين، الذي يكبح استهلاك النفط. وفي سوق العملات واصل اليورو تراجعه مقابل الدولار في مبادلات ظل حجمها محدودا جدا في غياب العملاء الاميركيين.
&