لندن التي تعتبر ملاذًا آمنًا للمليارديرات الروس، يمكن أن تخسر الكثير في حال فرضت عقوبات دولية على روسيا، بسبب الأزمة في أوكرانيا، وهو ما يفسر حذر الحكومة البريطانية من فرض مثل تلك العقوبات.


موسكو: هدد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو، لتدخلها في أوكرانيا، ولكن وفيما وعدت لندن برد قوي، إلا أنها مدركة تمامًا عواقب ذلك. يقول المحلل جوشوا ريموند من شركة quot;سيتي إندكسquot; إن quot;فرض عقوبات على روسيا يمكن أن يضر بلندن، وبالتالي ببريطانيا، حيث إن لندن هي القلب النابض للاقتصاد البريطانيquot;.

لندنغراد
وأشار إلى أن quot;كمية هائلة من الأصول الروسية موجودة في بريطانياquot;، سواء في البنوك أو في بورصة لندن أو في العقارات. ولذلك فقد اختار العديد من الأثرياء الروس العاصمة البريطانية وطنًا جديدًا لهم، لدرجة إنها اكتسبت لقب quot;لندنغرادquot;.

وقد بلغ الغزو الروسي للعاصمة البريطانية إلى درجة أن التلفزيون بث برنامج واقع تحت عنوان quot;قابل الروسquot;، تظهر فيه نساء خضعن لعمليات تجميل، يتحدثن بلهجة سلافية قوية، وينفقن أموالهن بسخاء كبير في متاجر ومطاعم لندن.

يبلغ عدد الشركات الروسية المدرجة في بورصة لندن نحو 70 شركة، من بينها شركات الطاقة العملاقة quot;غازبرومquot; وquot;روزنيفتquot; وquot;لوكاويلquot;، إضافة إلى شركة تشغيل الهواتف quot;ميغافونquot; وشركة quot;سبيربانكquot; أكبر مؤسسة ائتمانية روسية. كما اشترى الروس منازل فاخرة في منطقتي كينسغتون وشيلسي الراقيتين. واشترى رجل الأعمال الروسي رومان إبراموفيتش نادي فريق تشلسي لكرة القدم.

ودلت دراسة نشرتها أخيرًا شركة quot;بيتشكرافت كوربوريشنquot; للطائرات الخاصة أن الروس أنفقوا أكثر من 536 مليون جنيه إسترليني (553 مليون يورو، 896 مليون دولار) على شراء 264 منزلًا في لندن في العام الماضي، أي أكثر من أي أجانب آخرين.

عقارات مهددة
وحذر ريموند أنه quot;إذا تم تجميد هذه الأرصدة، ولم يعد الروس قادرين على شراء العقارات في لندن، ستختفي أحد العوامل الرئيسة لارتفاع أسعار العقارات في لندن، ما يهدد أسعار العقارات في هذه المدينةquot;، وبالتالي انتعاش الاقتصاد البريطاني الهش.

ويعيش بعض الروس المتواجدين في لندن في المنفى، بسبب خلافات مع الرئيس فلاديمير بوتين. ولكن غالبيتهم من الراغبين في استثمار ثرواتهم وإنفاقها في متاجر كبار مصممي الأزياء في شارع بوند وشارع نايتسبريدج. كما إن الروس يسهمون في الاقتصاد البريطاني بدفعهم رسومًا مرتفعة للدراسة في عدد من أفضل المدارس البريطانية.

فقد ذكر مجلس المدارس المستقل أن 2150 طالبًا روسيًا كانوا يعيشون في مساكن داخلية في مدارس خاصة في بريطانيا في العام الماضي، ويدفعون رسومًا معدلها 27600 جنيه إسترليني في العام. وأعلنت حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أنها منفتحة على الخيارات الدبلوماسية والاقتصادية بشأن معاقبة روسيا على تدخلها في أوكرانيا. إلا أن وثيقة تسربت في الأسبوع الماضي ذكرت أن الوزراء قلقون بشأن المخاطر المحتملة على مصالح لندن المالية، في حال فرضت عقوبات على روسيا.

جاء في الوثيقة، التي جرى تصويرها بينما كان يحملها مسؤول متوجّه للقاء كاميرون في مقر رئاسة الوزراء أن quot;على المملكة المتحدة ألا تدعم فرض أية عقوبات تجارية جديدة (على روسيا).. أو إغلاق مركز لندن المالي في وجه الروسquot;.

وذكر المحلل في شركة quot;إي تي إكس كابيتالquot; إيشاق صديقي أن الحكومة كانت محقة في حذرها. وأضاف quot;يجب عليهم حماية سوق العقارات، فهم يحتاجون حماية المركز المالي بطريقة أو بأخرىquot;. وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بين دول الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على روسيا، ستتعزز سمعة لندن على أنها الملجأ الآمن للأموال، وبالتالي فإنها ستجني المزيد من المكاسب.

هروب الرساميل
وأكد صديقي أن quot;مبالغ طائلة من المال تخرج من روسيا حاليًاquot;، مشيرًا إلى انخفاض قيمة الروبل، بسبب الأحداث المتسارعة خلال الأيام الماضية.

ولا تزال سوق العقارات في لندن مقصدًا مفضلًا للروس quot;لأن الكثير منهم يعتبرون لندن ثاني أكبر المدن العالمية بعد موسكوquot;، بحسب صديقي، الذي توقع استمرار ارتفاع الأسعار.

وأظهرت دراسة جديدة، أجرتها شركة العقارات quot;نايت فرانكquot;، أن 37% من أثرى أثرياء روسيا أو الجمهوريات السوفياتية السابقة يعتزمون الانتقال من تلك الدول. وما هي وجهتهم المفضلة؟... بالطبع بريطانيا.