الكويت: تربط أستراليا والصين علاقة إقتصادية تاريخية إلا إن أحدث علاقة كانت توقيع إتفاقية التجارة الحرة بين البلدين بعد مفاوضات دامت 10 سنوات. تم توقيع الاتفاقية في 17 يوليو 2015 من قبل وزيري التجارة للبلدين ونظراً لأهمية العلاقات الصينية الأسترالية من المتوقع أن تجلب هذه الاتفاقية منفعة للطرفين. تعد الصين أكبر حليف تجاري لأستراليا فبلغ حجم التجارة بين البلدين في العام 2013 حوالي 130 مليار دولار أمريكي بالإضافة إلى أن إستراليا هي ثاني أكبر دولة تستثمر الصين فيها من بعد هونغ كونغ. ستشمل الاتفاقية عدة قطاعات منها قطاع السلع والخدمات، التجارة الالكترونية، والإستثمار والتجارة.
&نظراً لدور الصين وقوتها الاقتصادية والسياسية، لماذا اختارت إستراليا شريكة لها إقتصادياً وليس بلد أخر؟
&
&أستراليا هي من الدول الغنية بالمواد الأولية حيث بلغت حجم صادراتها في العام 2013/2014 إلى ما يعادل 195 مليار دولار أمريكي لتتوزع بين 75 مليار دولار من الحديد الخام، و40 مليار دولار من الفحم و16 مليار دولار من الغاز السائل وأخيراً 13 مليار دولار من الذهب. وتعتبر الصين أكبر شريك إقتصادي لأستراليا حيث تقوم أستراليا بتصدير مواد الخام المعدنية ومواد الخام المستخدمة في الزراعة، الطاقة وصناعة النسيج لها. السبب الثاني والاهم هو موقع أستراليا الجيوستراتيجي كونها منعزلة عن باقي العالم وعلى أطراف القارات مما جعلها مصدر إهتمام للدول التي تتمتع بنفوذ عالي و خصوصاً الولايات المتحدة. يجدر الاشارة إلى أن موقع أستراليا ألجغرافي يلعب دوراً مهماً بالنسبة إلى ثروتها المعدنية حيث هي المصدر الرئيسي للمواد الأولية لدول المنطقة مما يشكل لها ميزة تنافسية على غيرها من الدول ودعامة أساسية لاقتصادها ودخلها القومي.
&تنص الاتفاقية على أنه سيتم إعفاء 85% من الصادرات بين استراليا والصين من الرسوم الجمركية كخطوة أولى و 95% بعد تنفيذ الاتفاق بالكامل، مع إعطاء البلدين لبعضهما البعض مكانة الدولة الأولى. ويجدر الاشارة إلى أن إستثمار الصين في أستراليا كان متساوياً مع استثمارها في الولايات المتحدة وذلك دليل كبير على ثقة الصين بالإقتصاد الأسترالي. كما هناك مساعي لتخفيض الرسوم بحوالي 20% على منتوجات مثل لحم البقر والخنزير والأجبان والألبان وغيرها خلال السنوات المقبلة. وأيضاً هناك مساعي لإزالة الرسوم على الكحول بين البلدين بعد فترة لا تقل عن أربعة سنوات.
&
&إن النمو السكاني في الصين ادى إلى نشوء طبقة جديدة من المستهلكين المهتمين بشراء الاغذية ذات النوعية الجيدة المستوردة من استراليا وفرص إستثمار جديدة وذلك نتيجة إهتمام استراليا المتزايد بسلامة الأمن الغذائي. كما نشأت فرص إستثمار جديدة أخرى بسبب تسهيل عملية إستثمار الصينيين في أستراليا مما يعني تدفق رؤوس الأموال إلى مختلف القطاعات الأسترالية من زراعة وصناعة وغيرها وخلق فرص عمل للأستراليين. إن هذه الاتفاقية لا تعني فقط أن هناك منفعة تجارية لأستراليا فقط فمثلما ستقوم الصين بإستيراد المنتوجات الحيوانية من حليب ولحوم وغيرها ستقوم إستراليا أيضاً بإستيراد الألبسة والمنتوجات الالكترونية والسيارات بسعر أرخص. بالاضافة إلى تسهيل تأشيرات التنقل بين البلدين للسماح لتدفق الأفراد بين البلد والأخر مما له أثر إيجابي كبير على قطاع التعليم والسياحة. إلا أن هذه العلاقة ممكن أن تواجه تحديات من الجهتين منها معضلة تسجيل الشركات الأسترالية في الصين.
&
&لقد طالت الاتفاقية جوانب أخرى أيضاً حيث إن الاقتصاد الأسترالي يتركز باغلبيته على تصدير المواد الأولية و ذلك يعود إلى غنى أستراليا بالمواد الأولية. الهدف من هذه الاتفاقية أن تستهدف استراليا الطبقة المتوسطة الصينية عن طريق تأمين المنتوجات الغذائية والزراعية لهم مما يؤدي إلى نمو قطاع السلع والخدمات وله أثر على قطاع الخدمات االذي يطال نواحي مختلفة مثل السياحة والعقارات وغيرها. من بنود الاتفاقية أيضاً الجهود المشتركة بين الطرفين لمكافحة أزمة التغيير المناخي عن طريق تبادل التكنلوجيا ووسائل الحد من التلوث وذلك في محاولة لترشيد إستخدام الفحم.
&والأن ماذا؟
&من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الصيني نمواً على المدى القصير بنسبة 8% ويتوقع أن يزيد إجمالي الناتج المحلي الصيني بمعدل 5 أضعاف بحلول العام 2025 أما بالنسبة للأثار على البلدين فإن بالتأكيد لهذه الاتفاقية أثر إيجابي على الطرفين سنشهد تطوراتها على مر السنين اللاحقة.
&