تشهد سوق العقارات في المملكة العربية السعودية حالة من العشوائية وغياب المعايير المنظمة لها، يرجعها المحللون إلى عدم تنظيم سوق العمل وكثرة المكاتب العقارية غير المرخصة.

البندري سعود من الرياض: يرى محللون أن سوق العقارات في المملكة العربية السعودية تشهد فوضى بالرغم من حالة التفاؤل الكبيرة التي يعيشها أكثر من 65% من المواطنين الذين يسكنون بالإيجار بعد قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، والتي ستسهم في خفض أسعار العقارات، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل حالة التفاوت وغياب المعايير التي تعيشها سوق الإيجارات لعوامل يرجعها المحللون لأسباب كثيرة من ضمنها عدم تنظيم سوق العمل، ودخول غير المتخصصين في المجال وهو ما تؤكده آخر الدراسات التي تشير إلى أن 72% من المكاتب العقارية في الرياض غير مرخصة، ويزاول حوالي 3000 مكتب نشاطه دون ترخيص.

" إيلاف" استطلعت آراء المتخصصين في الشؤون العقارية للوقوف على حل أسباب هذه الفوضى، وكيفية ضبط سوق العقارات داخل المملكة. &

في البداية يؤكد خالد الجاسر المتخصص في الاقتصاد والتقسيط والتسويق أن سوق تسويق العقارات يلفها الكثير من الشوائب ولا نستطيع أن نضع التقصير على جهة دون الأخرى، حيث أن وصول التسويق العقاري إلى المستوى المتدني إن صح التعبير، له أسبابه، منها عدم تنظيم سوق العمل كما يجب رغم التحسن الملموس بالآونة الأخيرة في هذا الجانب، إضافة إلى أسباب أخرى لا يسمح المجال التكلم عنها بالتفاصيل ومنها على سبيل المثال حاجة السوق لسن أنظمة تنظم السوق العقارية وغيرها.

الدمج وصعوبة التطبيق

وأشار الجاسر إلى أن المسوقين بصرف النظر كانوا نظاميين أو غير نظاميين لهم الأثر الفاعل بارتفاع أسعار الفلل أو الشقق وإن كان لهم اثر فهذا يعني أنه كلما زاد التنافس على الزبون زادت نسبة التضحية من قبل المسوق، موضحاً أن دمج عدد من المكاتب العقارية مثلا كل 20 مكتباً، وتحويلها إلى شركات وتوظيف سعوديين وسعوديات قد يساهم في حل المشكلة، إلا أنه من الصعب تطبيق هذه الفكرة.

التسويق الإلكتروني

وحول مساهمة التسويق الالكتروني في حل أزمة الفوضى العقارية، أكد الجاسر أن مثل هذه الخدمات التسويقية سيكون لها الأثر الكبير في حل هذه المشكلة وهناك على سبيل المثال ما قامت به إحدى الشركات العقارية من توفير قاعدة بيانات كبيرة، إضافة إلى الموقع الجديد لوزارة العدل، والذي يعطي مؤشرات لواقع السوق العقارية بمختلف أنواعها، الأمر الذي يساهم في ضبط سوق العقارات.&

وقال إن هناك دورًا ملموسًا للمرأة في مجال التسويق، ولكن من الصعب تقدير نسبة فاعليتها لعدم وجود آلية لحصر المسوقات ولكن للأسف هن أول الضحايا في ضياع حقوقهن بسبب سوء التنظيم الذي لم يكفل حق الرجل الوسيط ناهيك عن المرأة المسوقة.

وأشار إلى أن النسبة التي اعتمدت بالآونة الأخيرة كعمولة تأجير من قبل وزارة التجارة، وهي 2.5% من قيمة العقد للسنة الأولى فقط، تعتبر مجحفة بحق المسوق وبحق المؤجر لأنها لا تغطي تكاليف المسوق وبالتالي ينعكس على أداء السوق سلبًا نحو خدمة العقار كما يجب.

فرص التلاعب

وحول &التقليل من فرص التحايل التي يتبعها بعض المسوقين العقاريين، يقول الجاسر إن القاعدة العامة تشير إلى أنه كلما ارتبط المشتري بالوسيط وكان ارتباطه أكثر من ارتباطه بالبائع صار من السهل على الوسيط التلاعب، فيجب أن تبقى العلاقة بين المشتري والبائع قائمة حتى بعد اتمام عملية البيع، وذلك من خلال تفعيل الضمانات المقدمة من قبل المطور ليضمن المشتري جودة بناء العقار مما يحد من مبالغة الوسيط والبائع في مدح العقار، لأن أي خلل مستقبلي سيعود بأثر رجعي على البائع.

السبب الحقيقي للفوضى

ويرجع محمد اليامي، المتخصص في ملف العقارات، الفوضى التي تحيط بسوق العقارات داخل المملكة، إلى ضعف الرقابة مع وجود تواطؤ من بعض المكاتب العقارية الدخيلة على المهنة، مطالبًا بضرورة تكثيف الرقابة وتطبيق النظام بصرامة.

ونفى اليامي أن يكون المسوقون غير النظاميين والمتخصصين هم العامل الرئيسي في ارتفاع العقارات، مرجعا الأسباب إلى ارتفاع أسعار الأراضي غير المنطقي، واحتكار بعض التجار من غير العقاريين للعقارات، لأن العقاري المهني الحقيقي يهمه توازن الأسعار حتى يكثر التداول والتطوير ويستفيد سواء كان مطوراً أو مسوقًا.

وقال إن استحداث أساليب جديدة في تسويق العقارات يمكنها أن تقلل من فرص التحايل التي يتبعها بعض المسوقين العقاريين، إلى جانب تغليظ العقوبات وتطبيقها بحزم ودون استثناء.

وكانت وزارة الإسكان السعودية قد أقرّت قانوناً جديداً بفرض رسوم على الأراضي البيضاء بهدف إعادة التوازن، لتصبح بذلك الوحدات السكنية كافية بل قد تزيد عن الحاجة وبما يأخذ ذوي الدخل المحدود&في الاعتبار، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى نقلة نوعية في أداء سوق العقارات ومبيعاته بشكل أو بآخر.