جدّد وزير المالية العراقي هوشيار زيباري تحذيراته من أنّ العراق مقبل على مرحلة صعبة للغاية تتطلب إجراء إصلاحات حقيقيّة وفق سقوف زمنية محددة، فيما أكد محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق استمرار الإنفاق الحكومي غير المستند إلى إيرادات.

بغداد: حذّر وزير المالية العراقي هوشيار زيباري مجددا من ان العراق مقبل على مرحلة صعبة للغاية، فيما أكد صندوق النقد الدولي أنّ الاقتصاد العراقي انكمش 2.1 في المئة في 2015 في حين ارتفع عجز ميزان المعاملات الجارية، ممّا استنزف احتياطاته لتنخفض 13 مليار دولار وتصل عند حد 54 مليار دولار في نهاية العام، عازيًا ذلك إلى الحرب ضد داعش ودمار البنى التحتية.

وقال زيباري بعد محادثات أجراها مع مسؤولين من صندوق النقد الدولي إنه "لا خيارات امام الحكومة العراقية سوى الدخول باتفاقية الاستعداد الائتماني مع صندوق النقد"، متوقعا حصول الحكومة العراقية على "مساعدات مالية بقيمة 6.4 مليار دولار خلال هذا العام من مانحين ومؤسسات دولية".

وأوضح زيباري في تصريح للصحفيين أنّ "العديد من الدول عندما كانت تمر في أزمات اقتصادية تلجأ إلى هذه الاتفاقية والتي ستقدم مجموعة من الإصلاحات المالية والاقتصادية تتناغم أساسًا مع ما تطرحه الحكومة العراقية في برنامجها الإصلاحي ومكافحة الفساد ومكافحة الهدر في موارد الدولة وتوجيهها بالاتجاه الصحيح".

وأوضح أنه "يتعين على العراق أن يسّرع إقرار الإصلاحات المالية للتغلب على الأزمة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط"، ماضيا إلى القول "لا نستطيع ان نمضي مثلما كنا&سابقًا، البلد لا بدّ ان ينجح ولا يجب أن نقف على حافة الإفلاس".

ورجح زيباري أن يتعرض إلى موجة انتقادات في بلده وقال "انا متأكد ان هناك من سيثير العديد من القضايا أوّلها أن العراق دخل في اتفاقية وكبّل نفسه بشروط وسيجري الحديث عن محاربة الفقراء وسلب رواتبهم وغيرها من الاتهامات... وهذا كله غير موجود".

وأضاف "نحن مقبلون على مرحلة صعبة ومرحلة من إصلاحات حقيقية مع مواعيد ومواقيت زمنية وهذه المرة اتفقنا على مجموعة من الأهداف الواجبة التنفيذ والتحقيق حيث نتوقع خلال هذه السنة الصعبة ان العراق يحصل على تمويل خارجي بحدود 6.4 مليار دولار".

اجتماعات واشنطن

ويدرس صندوق النقد الدولي منح الحكومة العراقية قرضًا تحت الطلب بأجل مدته ثلاث سنوات بحلول حزيران/يوليو المقبل، في حال تم التوصل إلى اتفاق في الاجتماعات المقررة في واشنطن خلال شهر نيسان (أبريل).

رئيس بعثة الصندوق في العراق ريستيان جوتش قال إن العراق "سيحصل بمقتضى الاتفاق على تمويل مقداره 15 مليار دولار ثلثه من صندوق النقد والباقي من مؤسسات دولية ومانحين اخرين". وأكد أيضا انه "اذا نجحت الحكومة العراقية في ادخال تعديلات على نفقاتها فانها ستحصل على خمسة مليارات دولار على الأقل هذا العام وبالباقي قبل نهاية أجل التمويل".

وأضاف "إذا انتهينا من المناقشات في نيسان أبريل في واشنطن أعتقد أن بوسعنا طرح اتفاق بشأن قرض تحت الطلب على مجلس إدارة الصندوق في حزيران/يونيو لإقراره".

وذكر جوتش أن "العراق أحرز تقدّمًا جيدًا في المحادثات التي بدأت في تشرين الثاني/نوفمبر بشأن قرض تحت الطلب لأجل ثلاث سنوات"، مضيفًا أن "المبلغ يمكن أن يأتي من عدة مصادر من بينها صندوق النقد والبنك الدولي ودول الخليج والولايات المتحدة ودول مجموعة السبع".

وتركزت مباحثات العراق مع صندوق النقد الدولي على مراجعة برنامج مراقبة موظفي الصندوق للسياسات الأقتصادية والمالية للعراق وعلى مراجعة سياسات الانفاق وتعظيم الايرادات والحد من النفقات العامة غير الضرورية واجراءات العجز المالي.

كما تم بحث دخول العراق مع الصندوق في ترتيبات السياسة الأتمانية (SBA) وهو اتفاق على برنامج يؤهل العراق للحصول على قروض مالية من الصندوق والمؤسسات المالية لدعم الأقتصاد العراقي، نتيجة لتراجع اسعار النفقات ومتطلبات المواجهة مع ارهاب داعش وحاجة العراق إلى اجراء اصلاحات أقتصادية لتحقيق التوازن بين المصروفات والأيرادات والأيفاء بالتزامات الدولة الأجتماعية الحيوية.

إنكماش&

وقال صندوق النقد الدولي إن الاقتصاد العراقي انكمش 2.1 في المئة في 2015 في حين ارتفع عجز ميزان المعاملات الجارية مما استنزف احتياطياته لتنخفض 13 مليار دولار ولتصل إلى 54 مليار دولار في نهاية العام.

وعزا بيان من الصندوق وزع بعد اختتام المباحثات مع المسؤولين العراقيين في عمان التراجع إلى "الحرب ضد تنظيم داعش والدمار اللاحق بالبنية التحتية والأصول وتعطل التجارة وتدهور ثقة المستثمر."

وأشار إلى أنّ " فجوة العجز في الحساب الجاري في ميزان المدفعوات اتسعت لتصل إلى 5.1 في المئة من العجز في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 ما ادى إلى ذلك الانخفاض".

البيان لفت إلى أنّ التقديرات الأولية تشير إلى السلطات العراقية تواصل تحقيق تقدم في ظل البرنامج الذي يراقبه خبراء الصندوق" لافتا إلى تحقيق "ثلاثة اهداف من خمسة وصفت بانها (ارشادية) وكان مطلوب تحقيقها بنهاية كانون الثاني ديسمبر عام 2015".

وأضاف ان "ذلك راجع إلى أنّخفاض مستوى الانفاق على الأجور والتقاعد واسلع والخدمات والتحويلات".

الانفاق وانخفاض أسعار النفط&

ونبّه البيان من أنّ هذا البرنامج من شأنه ان يشتمل على "إجراءات لضبط الأوضاع المالية للعراق بهدف جعل الانفاق يتوافق مع المستوى المنخفض لاسعار النفط وتحقيق المقدرة على تحمل عبء الديون بصفة مستمرة ويتوقع ان يشتمل البرنامج على تدابير حماية الفقراء وإدخال إصلاحات على إدارة المالية العامة وتعزيز الشفافية فيها وتحسين جودة الانفاق العام".

من جانبه أكد محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق ان العجز الحالي في موازنة العام 2016 يمثل تحدّيًا كبيرًا&للبنك المركزي. وقال العلاق إن وجود انفاق حكومي غير مستند إلى إيرادات يعني المزيد من الإصدارات النقدية وبالتالي إلحاق الضرار بسياسيته النقدية.

وأوضح قائلا "اشرنا سابقًا إلى أنّ المشاكل الموجودة في الجانب المالي وضعف موارد البلد والشهية بفتح الانفاق على مصراعيه يجعل العجز في الموازنة امر دائم وهو في الحقيقة يمثل تحديًا كبيرًا للبنك المركزي".
وأشار إلى أنّ "غالبية الانفاق هو استيرادات خارجية تشكل ضغطا على البنك المركزي".&

واختتمت في العاصمة الاردنية عمان المباحثات بين العراق وصندوق النقد الدولي التي ترأسها وزير المالية هوشيار زيباري وحضور محافظ البنك المركزي والمستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء.

وكانت المباحثات المالية والاقتصادية بين العراق وخبراء صندوق النقد الدولي بدأت يوم 27 من آذار/مارس حيث ترأس وزير المالية هوشيار زيباري الوفد العراقي الذي ضمّ ايضًا محافظ البنك المركزي علي العلاق والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح وممثلين من وزارة النفط والتخطيط والكهرباء والمدراء العامين في وزارة المالية للموازنة والمحاسبة والدين العام.

وشارك في المباحثات بجانب كبار خبراء الصندوق ممثلين عن البنك الدولي وممثلي الولايات المتحدة الأميركية ووكالة جايكا اليابانية للتنمية الدولية.