أندريس إلمر
بي بي سي

يُعتبر البنك الآسياوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي تقوده الصين، منافسا للبنك الدولي، وجزءا من محاولة الصين للوقوف ضد الهيمنة دول الغرب ومن بينها للولايات المتحدة.

وبالتزامن مع الاجتماع السنوي الأول للبنك، يحاول مراسل بي بي سي، أندريس إلمر، تحليل المخاوف الغربية من التطلعات الصينية من وراء هذا البنك.

وعند إنشاء البنك عام 2015، كانت الولايات المتحدة قلقة إلى درجة أنها حاولت منع الشركاء الأوروبيين من الانضمام للبنك.

إلا أن أكثر الشركاء الدوليين انضموا للبنك، فيما عدا اليابان، والولايات المتحدة، وهو ما اعتبره البعض موقفا سياسيا قويا من واشنطن وطوكيو.

ويقول رئيس البنك جين ليكون، إن واشنطن خاطرت "بتقوية تواجدها الدولي" بمعارضتها للبنك، وحذر من أنه لا توجد إمبراطورية حكمت العالم إلى الأبد.

فهل يصبح دعم الصين للبنك مشهدا جديدا من مشاهد الصيني-الأمريكي بخصوص السيطرة على الاقتصاد العالمي؟ وهل يوجد هدف سياسي وراء دعم مشروعات البنك التي تصب في المصالح الدولية الصينية فقط؟

ويقول أنطونيو فاتاس، أستاذ الاقتصاد في كلية إنسيد للأعمال في سنغافورة: "إن القول بوجود التهديد الذي يشكله بنك آسيا للبنية التحتية والاستثمار هي نظرة أوروبية بشدة، إذ يشعر الأوروبيون بالتهديد لمجرد أن ينفذ الآخرون خططهم الخاصة، لكن واقع الأمر أن الآسيويين يفعلون ما كنا نفعله على مدار عقود، ولم نشعر أبدا بالتهديد من قبل لأننا كنا نحن من يقوم بذلك".

وتابع: "في عالم مثالي، يمكن لكل دول العالم التجمع في مؤسسات، لدعم المزيد من التعاون. لكن هذا الأمر غير واقعي، ولا تسير الأمور بهذا الشكل".

ماذا يفعل البنك؟

في الشهور الأخيرة، كشف بنك آسيا للبنية التحتية والاستثمار عن أولى مشروعاته الاستثمارية.

وتركز المشروعات حتى الآن على باكستان، وطاجيكستان، ونغلاديش، وكلها دول أقرب لمصالح الصين الاقتصادية ولطروحاتها التوسعية بخصوص مشروع طريق الحرير الجديد، وهي خطة لتطوير دول جوار الصين، على غرار الطريق الحريري السابق في وسط آسيا.

وبذلك، تخلق الصين فرص استثمارية للشركات الصينية، وأسواق لبضائعها، وتحسن توصيل مقاطعاتها الغربية بإطار اقتصادي أكبر.

وتبدو النقاط السابقة وكأنها تأكيد للمخاوف من أن بنك البنك الآسياوي للاستثمار والبنية التحتية سيخصص أمواله فيما يفيد المصالح الاقتصادية الصينية، ويجعل من البنك الذراع الاستثماري لمشروع الطريق الحريري الجديد.

لكن في الوقت نفسه، تُنفذ هذه المشروعات بالتعاون مع جهات يفترض منافستها لبنك آسيا للبنية التحتية والاستثمار، وهذه الجهات هي بنك التنمية الآسيوية، والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية. كما أن أحد المشروعات في أندونيسيا يُتم تنفيذها بالتعاون مع البنك الدولي.

وتعتبر اليابان الداعم الرئيسي لبنك التنمية الآسيوية، والولايات المتحدة هي الشريك الأكبر في البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، كما أن مقر البنك الدولي يوجد في العاصمة الأمريكية واشنطن.

لذا، فإن التعاون مع "المنافسين الأوروبيين" يعتبر دليلا مضادا للمخاوف من سعي بنك آسيا للبنية التحتية والاستثمار للمنافسة ضد الغرب، أو من أنه سيقلل من المعايير الإدارية فيما يخص الالتزامات الحقوقية والبيئية.

الصين تسعى للصدارة

ورغم التعاون المحدود للبنك الآسياوي للاستثمار والبنية التحتية مع غيره من الممولين الدوليين، إلا أنه من المتوقع استثمار أموال البنك في دول على علاقات اقتصادية قريبة من الصين، أو بلدان أخرى من الممكن أن تنشأ علاقات مقربة بينها وبين الصين.

ويقول فاتاس: "الأمر لا يتعلق بالسياسة فحسب، بل هو مزيج من المصالح السياسية والاقتصادية، لكن الأهم هي المصالح الاقتصادية".

ومن وجهة نظر اقتصادية، فالصين هي الأقرب للسيطرة على السوق الآسيوية، وهي بالفعل تسيطر على أجزاء كثيرة منها".

كما أن مشاركة بنوك التنمية الأوروبية في مشروعات مع بنك البنك الآسياوي للبنية التحتية والاستثمار يُظهر أن هذه المشروعات تعتبر جديرة بالتمويل من وجهة نظر أوروبية، أو أمريكية، أو يابانية.

ولا يخفى أن أحد أسباب تأسيس الصين لهذا البنك هو قلقلها بشأن عدم تمثيلها بشكل كافٍ في البنوك المقرضة على مستوى العالم.

وستكون المشروعات المستقبلية ممولة من طرف البنك الآسياوي، وأي من المؤسسات المالية المقرضة الآخرى، فإن ذلك يعني تحقيق ما سعت إليه الصين دائما؛ وهو اسثمارات تنموية عالمية فيما ترى الصين أنه الطريقة والجهة الصحيحة لإنفاق الأموال.