إيلاف من القاهرة: وافق صندوق النقد الدولي مبدئياً على منح مصر قرضاً بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، لدعم اقتصادها شريطة اجراء الحكومة المصرية حزمة من الاصلاحات لتخفيف حدة العجز في الموازنة، منها فرض ضرائب جديدة، وخفض الدعم على السلع الاستراتيجية، وتحرير سعر الصرف، لتقليل الفجوة بين السعر الرسمي للدولار والسعر في السوق السوداء، ما آثار قلق المعارضة والمصريين عموماً من تدهور أحوال الفقراء ومحدودي الدخل.

وقال رئيس بعثة الصندوق إلى مصر، كريس جارفيس: "يسرني الإعلان عن التوصل إلى اتفاق على مستوى المسؤولين بين القاهرة وبعثة الصندوق بشأن برنامج تمويلي بقيمة 8.59 مليارات وحدة سحب خاصة، ما يعادل 12 مليار دولار، لمصر على مدار 3 سنوات”.

تقليص عجز الموازنة

وأضاف كريس، في بيان نشر على الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي: "الإتفاق مع مصر سيخضع لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق خلال الأسابيع المقبلة".

وقال كريس إن "البرنامج التمويلي يهدف إلى تحسين أسواق العملة وتقليص عجز الموازنة وخفض الدين الحكومي، متوقعاً "انخفاض عجز الموازنة المصرية من 98% من حجم الناتج المحلي في 2015-2016 إلى 88% في 2018-2019".

وأفاد كريس أن الاتفاق يتضمن اتخاذ البنك المركزي المصري اجراءات "تهدف إلى تعزيز احتياطي النقد الأجنبي وخفض التضخم إلى معدل في خانة الآحاد، والتحول إلى نظام سعر صرف مرن سيعزز القدرة التنافسية لمصر وصادراتها، وسيجذب استثمارات أجنبية مباشرة".

وستحصل مصر على الدفعة الأولى من القرض خلال ثلاثة أسابيع، بعد إقرار المجلس التنفيذي للصندوق الاتفاق الجديد، وستحصل على أربعة مليارات دولار خلال العام الأول، بمجرد إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، والبدء في تنفيذه، وهو القانون الذي أقره البرلمان المصري مؤخراً.

ويتضمن الاتفاق تخفيض الدعم على الطاقة، وبدأت الحكومة برنامجاً لتحرير أسعار الكهرباء والمياه والغاز المنزلي، وأعلن وزير الكهرباء والطاقة محمد شاكر، نهاية الاسبوع الماضي، زيادة أسعار الكهرباء بمعدل يتراوح ما بين 17 و40%، ولم يستثنِ من الزيادة إلا الشريحة الأدنى، والتي يقدر استهلاكها 50 كيلووات، وتقدر بخمسة ملايين مشترك.

وأثار فرض ضريبة القيمة المضافة وزيادة أسعار الكهرباء الكثير من الغضب في أوساط المصريين، لاسيما أن الرواتب لم ترتفع بالمعدل نفسه، لكنّ الخبراء الاقتصاديين يقولون إنه لم يكن هناك مفر من الاقتراض الخارجي.

فجوة بين الإيرادات والمصروفات

وحسب وجهة نظر النائبة في البرلمان، بسنت فهمي، فإن مصر كانت في حاجة شديدة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي. وقالت لـ"إيلاف" إن عجز الموازنة بلغ نحو 98%، وهناك اتساع في الفجوة ما بين الإيرادات والمصروفات،&ولفتت إلى أن ميزانية الدولة مشتتة ما بين الرواتب والمشروعات الجديدة ومشروعات البنية التحتية.

وأشارت& فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، إلى أن الاقتراض من صندوق النقد الدولي ليس مؤشراً على انهيار الاقتصاد المصري، ولكنه شهادة دولية بأنه اقتصاد جيد، ويمنح مصر فرصًا استثمارية متعددة من الخارج،&وقال الدكتور محمود عبد العزيز، استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن فئات كثيرة سوف تتضرر من شروط صندوق النقد الدولي. وأوضح لـ"إيلاف" أن القرض يشترط تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ليصل خلال&أشهر قليلة إلى نحو 13 جنيهاً في السوق الرسمية، بهدف تقليل الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي.

وأشار إلى أن فرض ضريبة القيمة المضافة مع تحرير سعر صرف الجنيه وزيادة أسعار الكهرباء ثم رفع أسعار المحروقات لاحقاً تمثل ضربات قاصمة للفقراء ومحدودي ومتوسطي الدخل.

فقر الموارد

ولفت إلى أن مصر مضطرة للاقتراض من صندوق النقد الدولي، لاسيما في ظل فقر الموارد التي كانت تعتمد عليها في السابق، ومنها السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج، والصادرات، منوهاً بأن هذه المصادر الأساسية للدخل المحلي تأثرت بالسلب في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وليست هناك أية بدائل سوى الاقتراض من الخارج.

وانتقدت المعارضة المصرية الاتفاق، معتبرة أنه سيؤدي إلى ارتفاع أسعار وتدهور أحوال الطبقات الفقيرة والمتوسطة، بينما تؤكد الحكومة ممثلة في وزير المالية عمرو الجارحي، أن صندوق النقد الدولي ركز بشكل كبير على شبكات الحماية الاجتماعية، ووصول الدعم إلى مستحقيه، وقال: "عشنا 15 عامًا في أخطاء عدم وصول الدعم إلى مستحقيه".

وأضاف أن قرض صندوق النقد هو خطوة ضمن خطوات إعادة هيكلة الاقتصاد المصري، وزيادة معدلات النمو إلى 6% و7%؛ مشيراً إلى أن الاتفاق مع الصندوق تم في إطار برنامج مصري، تتسلم مصر بموجبه 4 مليارات دولار، هي قيمة الدفعة الأولى من القرض خلال العام الأول له".