لندن: هزّت فضيحة فساد شركة إيرباص الإوروبية العملاقة لصناعة الطائرات بعد الاشتباه بدفع رشى في أنحاء العالم من خلال قسم المبيعات الخارجية ومقره في باريس. يقود رئيس ايرباص التنفيذي، الالماني توم أيندرز، التحقيق في هذه الفضيحة التي تهدد بقاء الشركة ذاتها التي يعمل فيها 134 ألف شخص، وتبلغ إيراداتها السنوية 67 مليار يورو.
يُشتبه بأن مسؤولين في إيرباص أقاموا امبراطورية فساد محورها شركة فكتور آيروسبيس البريطانية التي تسلمت 114 مليون يورو من إيرباص يوم كان اسمها المجموعة الأوروبية للصناعات الجوية والدفاعية "إي أي دي أس". واستطاع المحققون أن يعثروا على ملفات تغطي 9 ملايين يورو والباقي وزع على شركات قشرية (مسجلة لكن ضامرة لا تُشغَّل إلا عند الحاجة) في أماكن عدة، مثل هونغ كونغ وسنغافورة وجزر فيرجن البريطانية حيث تبخرت هذه الملايين على ما يبدو.
غضب فرنسي
هناك الآن مؤشرات إلى أن شركة فكتور كانت مصدر الرشى التي تدفعها ايرباص للحصول على عقود. وكتب محققون المان في ميونيخ أن هذه الشركة مسؤولة عن إبقاء الأموال مخفية بهدف استخدامها لدفع رشى لاحقًا، وإبقاء هذه الأموال منفصلة عن أرصدة "إي أي دي أس".
إذا تأكدت هذه الاتهامات التي تنفيها إيرباص، فانها ستطال أيندرز على الرغم من كل ما يقوله عن نزاهته التامة. لكن حتى قبل تأسيس شركة فكتور المشبوهة في لندن عام 2004 كانت هناك شركة أخرى في قبرص يُعتقد انها تلقت أموالًا كثيرة من إي أي دي أس لتيسير صفقة طائرات مقاتلة مع الحكومة النمساوية.
بحسب دير شبيغل الالمانية، يؤدي أيندرز دور المسؤول القلق، ويدعي أنه لم يدرك ما يجري إلا في عام 2014، وأنه عمل جاهدًا لمكافحة الفساد في الشركة منذ ذلك الحين.
لكن أيندرز يغامر بإثارة غضب الفرنسيين الذين يرون في تجريد قسم المبيعات في باريس من صلاحياته، بوصفه القناة التي كانت تدفع الرشى، هجومًا المانيًا يستهدف مصالح فرنسية. وتذهب دير شبيغل إلى أن أيندرز نفسه ربما يكون ضالعًا في قضايا الفساد، بعد اطلاعها على ملفات التحقيق في الفضيحة مع نظيرتها الفرنسية ميديابارت.
ليسوا مهمين!
كانت ألمانيا وفرنس واسبانيا قد انشأتا مجموعة إي أي دي أس في عام 2000 لتحدي تفوق الولايات المتحدة في الصناعات الجوية، وخصوصًا شركة بوينغ.
أُنشئ فريق مبيعات في اطار المشروع، وهو مجموعة تآمرية تعلمت درسًا من بيع الطائرات مفاده أن الجهة التي تصنع الطائرات ليست بالضرورة هي الأمر المهم في الصفقات. وفي اماكن حيث تكون الطائرات الحربية رمزًا للقوة، ولا سيما في الانظمة الدكتاتورية وجمهوريات الموز، فإن قواعد أخرى تكون سارية. وفي هذه الاماكن يريد ضباط كبار حصتهم من الصفقة وكذلك وزراء ومسؤولون حكوميون لهم دور في مشتريات كهذه. وهؤلاء يشعرون بالإهانة إذا لم يحاول احد رشوتهم، لأن ذلك يعني انهم ليسوا مهمين بما فيه الكفاية.
كان قسم المبيعات في باريس، التابع لمجموعة إي أي دي أس قبل أن تصبح ايرباص، هو المسؤول عن التعامل مع مثل هؤلاء الزبائن. وأغلبية العاملين في القسم هي من شركة ماترا الفرنسية للصناعات الدفاعية مع اثنين من الألمان. واستمرت المدفوعات إلى مثل هؤلاء الزبائن بعد تغيير اسم المجموعة إلى ايرباص في عام 2014.
قبل التحقيق الخارجي
اتخذ أيندرز إجراءات صارمة لوقف المدفوعات مجردًا قسم المبيعات من مسؤوليته عن الصفقات الخارجية، ثم قرر حل القسم في عام 2016. يقول أيندرز إن الشركة اكتشفت أن القسم كان يقدم بيانات كاذبة عن وجود مستشارين واجورهم في وثائق التصدير. وبحسب مجلة دير شبيغل فان ايرباص بدأت تحقيقها الخاص في هذه القضية قبل أن يتعين عليها فتح ملفاتها لتحقيق من الخارج.
تسود في إيرباص الآن آجواء متوترة حتى أن أيندرز حذر وزارة الاقتصاد الالمانية مسبقًا لتهيئتها قبل أن تصدمها المفاجأة لاحقًا. لكن المسؤولين في الوزارة لم يردوا على طلب دير شبيغل التعليق في هذا الشأن، وتشير المجلة إلى أن لا احد مستعد على ما يبدو لقول أي شيء يمكن أن يؤدي إلى انفجار.
تقول مجلة دير شبيغل في ختام تقريرها أن أيندرز كان على علم بما يحدث أو لم يكن لديه علم. وفي الحالة الثانية، لم يكن رئيسًا إلا بالاسم. وإذا سقط أيندرز نتيجة الفضيحة فان ذلك سيكون الانتقام الأمثل منه عند الفرنسيين الذين اثار غضبهم.&&
&
أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "شبيغل أونلاين". الأصل منشور على الرابط:
&
التعليقات