ساو باولو: لا ترى البرازيلية جوسارا روميرو المثقلة بالديون نهاية للنفق المظلم الذي تعيش فيه بعد أن ألقى التضخم المتسارع بثقله على قدرتها الشرائية وأدى ارتفاع معدلات الفائدة إلى جعل عملية سداد قروضها شبه مستحيلة.

تقول هذه المرأة البالغة من العمر 37 عاما لفرانس برس "نشتري السلع الأرخص ثمنا في السوبر ماركت، ولم نعد نستخدم السيارة للتوجه إلى العمل وألغينا أنشطة ترفيهية".

تنتمي روميرو إلى الطبقة المتوسطة وتعيش مع زوجها وطفلها وتدير حضانة خاصة في ساو باولو.

ارتفعت أسعار بعض المنتجات بشكل حاد من كانون الثاني/يناير إلى تشرين الثاني/نوفمبر، لا سيما الوقود (+50%) والدواجن (+22,9%).

في محاولة لكبح التضخم من رقمين (10,74% على مدى عام في تشرين الثاني/نوفمبر) رفع البنك المركزي معدل الفائدة الرئيسي إلى 9,25% الشهر الماضي، وهو الأعلى منذ تموز/يوليو 2017.

تم رفع هذا المعدل الذي كان عند أدنى مستوى تاريخي له بنسبة 2% مطلع 2021، سبع مرات خلال العام.

تعتبر جوسارا روميرو أن ارتفاع أسعار الفائدة مدعاة للقلق، وتحاول التوفيق بين النفقات التي تزداد والتأخير في سداد القروض.

ومثل العديد من البرازيليين، تلجأ إلى الدفع بالتقسيط باستخدام بطاقتها الائتمانية بمعدل باهظ قدره 346,1% على عام.

وتقول بحسرة بعد أن طلبت قرضًا إضافيًا من المصرف الذي تتعامل معه "أعلم أنه في النهاية ستكون الكلفة أعلى لكن ليس لدي خيار آخر".

تقول راشيل دي سا الخبيرة الاقتصادية في شركة ريكو انفستمينتوس "تنفق العديد من العائلات معظم دخلها على دفع الفوائد".

نتيجة تراجع القدرة الشرائية أصبح استهلاك الأسر، المحرك الرئيسي للاقتصاد، في حالة ركود.

توضح فرناندا مانسانو من منصة التعليم المالي تي سي "يؤثر التضخم وارتفاع معدلات الفائدة في المقام الأول على استهلاك بعض السلع كالسيارات أو الأدوات المنزلية".

وللتباطؤ في النشاط الاقتصادي، الذي يُعزى إلى حد كبير لجائحة كورونا الكارثية، نتيجة أخرى سلبية هي هشاشة التوظيف.

انخفض معدل البطالة إلى 12,1% خلال الفصل من آب/أغسطس إلى تشرين الأول/أكتوبر بعد أن بلغ ذروته عند 14,9% مطلع العام، لكن أكثر من 40% من السكان يعملون في القطاع غير الرسمي، غالبًا بدون عقد عمل أو ضمان اجتماعي.

وتعد البلاد 13 مليون عاطل عن العمل ووصل متوسط الدخل الشهري (2449 ريالًا، حوالى 380 يورو) إلى أدنى مستوى تاريخي له منذ بدء الإحصاء في عام 2012.

إسحاق كويلو من سكان إمبو داس أرتيس في الضاحية الغربية لساوباولو، هو أحد هؤلاء العمال غير المستقرين. يكسب رزقه كرجل توصيل على دراجة هوائية.

وأضاف "يسمح لي ذلك بتغطية نفقات معينة مثل اسطوانة الغاز التي كان ثمنها 60 ريالا (حوالى 9 يورو) في عام 2020 وبات سعرها اليوم 100 ريال (15 يورو).

برونو البالغ من العمر 35 عامًا المقيم في ساوباولو ويرفض الكشف عن اسمه الكامل، يعيش حاليًا مع والده إلى أن يجد شقة قليلة الكلفة.

يقول برونو "منحني المصرف الذي أتعامل معه قرضًا بنسبة 8,9%، لكنه صالح لمدة ثلاثة أشهر فقط. إذا لم أجد شقة قبل ذلك، فلن يكون معدل الفائدة مضمونًا".

يوضح رافائيل سكوليداريو المتخصص في سوق العقارات ان المصارف لم توافق بعد على رفع سعر الفائدة الرئيسي لكن "قروض الرهن العقاري ارتفعت من 6,3%سنويًا مطلع عام 2021 إلى حوالى 10% اليوم".

وهناك زيادات جديدة مرتقبة، إذ يتوقع خبراء الاقتصاد معدل فائدة ب11,5% خلال عام 2022، حتى وان بدأ التضخم في التراجع بسبب تباطؤ الاقتصاد.

في هذا العام الذي سيشهد الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول/أكتوبر، التوقعات الاقتصادية غير متفائلة.

توقع الأخصائيون الذين تمت استشارتهم في أحدث استطلاع أسبوعي للبنك المركزي، نمو إجمالي الناتج الداخلي ب0,42%فقط في عام 2022.