خسرو علي أكبر من باريس: شهدت الأوساط الثقافية في البلدان الناطقة بالفارسية (ايران وافغانستان وطاجيكستان) ااحتفاء كبيرا بأحد أرفع قامات الشعر الكلاسيكي الفارسي شمس الدين محمد المعروف ب خواجه حافظ الشيرازي، والملقّب لسان الغيب وترجمان الاسرار، وهو مما لاشك فيه أشعر شعراء الفارسية وتكمن عظمة قصائد ه في المضامين الانسانية العميقة التي توجته واحدا من أعظم ادباء العصر الكلاسيكي في العالم الى جوار دانتي وشكسبير وغوته. بدورها احتفت الجالية الايرانية في باريس بيوم حافظ وقد نظمت نشاطا ثقافيا وفنيا ضخما في قاعة قصرPalais de la decouverte أحد أفخم القصور الباريسية في الشانزليزيه كرمت فيه مترجم ديوان حافظ الى الفرنسية البرفيسور دوفوشه كور والممثل الايراني جمشيد مشايخي تكريما لجهوده في ترجمة قصائد حافظ الى لغة السينما.
واذا كانت قصائد حافظ راسخة بعمق في الثقافة الايرانية في شقيها النخبوي والشعبي، حيث يندر ان يخلو منزل في ايران من ديوان اشعاره، فهل يحظى هذا الشاعر الكبير الذي لم يفارق مدينته شيراز طوال حياته بمكانة خاصة واعتبار كبير بين مواطنيه المغتربين في فرنسا.
ايلاف حضرت بعض النشاطات الفنية والثقافية التي اقيمت مؤخرا في باريس بمناسبة يوم حافظ و قد حاورت عددا من الايرانيين عن مكانته وأهميته في حياتهم اليومية. الدكتور حجت الله ايوبي استاذ العلوم السياسية في جامعة تولوز رأى أن حضور حافظ في الحياة الثقافية الفرنسية الزاخرة باسماء لامعة في الشعر والأدب دليلا على عبقريته وأضاف الدكتور ايوبي quot;لقد سبق وأن احتفت باريس بحافظ وذلك في قاعة قصر فرساي أحد أفخم القصور في فرنسا، وقد شعر الايرانيون بالفخر والاعتزاز باحد افضل شعراء الفارسية ولاشك ان لجهود المترجم القدير البرفيسور كور دورا كبيرا وذلك من خلال ترجمة ديوان حافظ الى الفرنسية بلغة فخمة وبليغة تضاهي في جمالها لغة عظام الشعر الفرنسي quot;. منصور فنان مسرحي يقيم منذ 27 عاما في باريس وله محل لبيع الورود في منطقة Rue boulard

ان حافظ يثري اعماقنا بالجواهر التي لايمكن ان يهبها لنا أحد غيره، ومن المؤسف ان الكثير من أبناء الجالية الايرانية في فرنسا قد أغفلوا تراثهم الأدبي والثقافي، لن أقول ان التعمق في قصائد حافظ يساهم في التمسك بالهوية الثقافية الوطنية، لأن هوية كهذه هي من نسج الخيال، ولكني أعتقد ان حافظ يمنح القارئ الايراني الثقة بالنفس، الزبائن هم من الشريحة المثقفة واغلبهم لهم معرفة بالثقافة والحياة الايرانية، أشعر بالسرور حينما نتحادث أحيانا عن حافظ وعن غزلياته وقد حدث أكثر من مرة ان سألني زبون عن المعنى الدقيق لبيت من أشعار حافظquot;.
سهيلا صاحبة كشك لبيع الصحف بالقرب من شارع أليسا، مقيمة في باريس منذ عشرين عاما:quot;لقد قرأت ديوان حافظ في بيتنا ودرست بعض غزلياته في الجامعة بطهران قبل أكثر من عقدين من الزمن، حافظ هوالوطن البديل بعد أن فقدنا الوطن الحقيقي، كنت أواجه صعوبات الغربة باللجوء الى قصائده، لكن الشعور بالاحياط تسلل اليّ وصرت أتساءل كيف يمكن أن يمنحني شاعر لم يفارق مسقط رأسه، القوة في مواجهة مشقات الغربة، أحاول أن أتصالح مجددا مع حافظ لكن قسوة الحياة لاتمنحني الفرصة حتى لمطالعة عناوين الصحف التي أبيعها quot;.
بعد أن أنهيت حواري مع سهيلا اتجهت نحو الحي اللاتيني برفقة صديق فرنسي له علاقات واسعة مع ايرانيي باريس بحكم عمله في مجال الاخراج السينمائي، هناك ذكرت لنا سيدة عربية تدير متجرا للكتب العربية والفرنسية انها تستلم باستمرار دعوات من قبل أبناء الجالية الايرانية في باريس لحضور نشاطات فنية وثقافية تدور حول حافظ واشعاره وحياته وما يحيرها ان العلمانيين يعتبرونه رمزا للشاعر المتمرد، فيما يعتبره الاسلاميون رمزا كبيرا للشاعر العرفاني المؤمن، وأضافت قائلة:quot;في باريس اضطهد حافظ سائر شعراء الفارسية، يكاد يكون الشاعر الفارسي الوحيد في مدينة الانوار quot;.