عادل كمال من الشوارع الخلفية لمدينة كركوك: رسالة حنونة من قمر، حلّــت قماط القنوط، الذي لف بدن مخيلتي لفترة طويلة، منذ اخر تقرير، قبل حوالي 3 اشهر، لأعود معافى من جديد، فليس اقوى من الحب دافعا للكتابة، في بلاد مقتولة، ومن مدينة يشوب نهارها سطوع الانفجارات، رغما عن غيوم الوعود بالامان التي لم تمطر، ورغم البرد الذي زحف شيئا فشيئا، فارتفعت، مع كل خطوة منه، اسعار المحروقات.
الدفء في رسالة قمر خصـّب عافيتي، ضد انفلونزا الطيور - لاتضحكين !- بعد صيام لشهر قاس جدا، يطلقون عليه اسم رمضان، ويضيفون اليه لازمة معروفة: " كريم " فيما هو هذا العام خاصة من ابخل الشهور، بالنسبة لنا، نحن اولاد الخائبات، اما اولاد الواجهات فربما كان كرمه مقتصرا عليهم، اذ الحكومة "المنتخبة" - هل هي منتخبة فعلا؟ - واغلبيتها شيعية، لم توزع علينا، نحن رعاياها المشفقين على تخبطها، الباكين - الضاحكين على وعودها. اقول: الحكومة لم توزع علينا مادتين مهمتين في الحصة التمونينية: الطحين والشاي، في شهر " كريم " كما تعلن عنه البيانات الرسمية، مما ادى الى ارتفاع اسعار الخبز والصمون وملحقاتهما، ناهيك عن ارتفاع سعر الشاي الجاف، الذي اعتاد العراقيون على طبخه في جميع الاوقات، وبكمية مركزة، تجعله اسود، اقرب الى لون القهوة.
هكذا يكون عنوان هذا التقرير متطابقا مع مايحصل، اذ ليس لارتفاع الاسعار علاقة بغياب الرقابة، التي هي معدومة اصلا، فيما يخص المواد الغذائية، مادام الوقود هو الاخر قد ارتفع سعره الى ارقام خيالية، اذ وصل سعر قنينة الغاز الى 3500 دينار، وفي بعض المناطق النائية الى 4500دينار، فيما السعر الحكومي 250دينار، مقابل ذلك ارتفع سعر علبة صفيح النفط من 100دينار الى 650 دينار، وفي بعض المناطق 1000دينار، اما اسعار البنزين فحدث ولاحرج، اذ ثمة مافيا خاصة تتحكم بها بشكل مروع، فلتر البنزين الواحد، حسب التسعيرة الرسمية، هو 50 دينار فيما المتوفر منه على الارصفة يتراوح سعراللتر الواحد منه بين 500دينار - 1000دينار، اي ان سعر الجركان الواحد - 20 لتر - يتراوح بين 10الاف دينار الى 20 الف دينار..
من تداعيات هذه الفنطازيا ارتفاع اجرة نقل الركاب في ضواحي المدينة، فبعد ان كان سعر ماقبل رمضان يبلغ 150 دينار للراكب الواحد من بداية طريق بغداد الى المحاكم، صار الآن 250دينارا، اما اجرة النقل بالتاكسي فقد تضاعفت هي الاخرى، وسط مناخ من التوتر الذي يفرضه الصيام من جانب، ومن جانب اخر ضغط الظروف الامنية المتدنية، التي فرضت تشكيل مفارز ودوريات مسلحة، تطوف المدينة، مع " سيطرات " يتحكم في ادائها مزاج شرطي او جندي، لاتعرف ماالذي يدور في رأسه، وهو يطل براسه عبر نوافذ السيارات الواقفة في طابور، يؤخرنا غالبا عن الالتحاق بدوائرنا، بحثا عن شخص ما، هو مفترض اصلا، اذ المواطن - اي مواطن - تحول الى مشروع قتيل من جانب الارهابيين، وبنفس الى مشروع قاتل في نظر ادارة المدينة وجنودها وحرسها، ولذلك يوما بعد اخر تزداد الاسلاك الشائكة والعوارض الكونكريتية، والسيطرات، ويزداد عدد المقبولين في الحرس الوطني او الجيش او الشرطة، لكن من الاكراد تقريبا، اذ لاحصة للتعيينات في تلك الاجهزة للتركمان او للعرب، خاصة ابناء العشائر المتخامة لكركوك، الذين تطوعوا بالالاف ولم يقبلوا، بالرغم من ان سبب تطوعهم كان لأسباب اقتصادية بحتة، بعد ان ساهمت ازمة الوقود، وارتفاع اسعار السماد الكيمياوي، في جعلهم عاطلين عن العمل في الفلاحة: مهنتهم الاساسية، يتجلى ذلك واضحا في انخفاض معدل زراعة وانتاج محصول السمسم، الذي يحتاج الى السقي بالماء مرتين اسبوعيا، ولمـا كان السقي يعتمد على مياه الابار بالدرجة الاولى، او على المشاريع الاروائية البعيدة نسبيا عن مناطقهم الزراعية، فقد كانت هناك حاجة ماسة للحصول على زيت الغاز، الذي يتبخر حال وصوله الى محطات التعبئة، ولايحصل منه الفلاح الا ثلث الحصة المقررة له، فيما يتسرب الثلثان الباقيان الى السوق السوداء. نفس الحال ينعكس على زراعة الذرة والخضروات، مضافا الى ذلك ملاحظة ابداها عدد كبير من الفلاحين، في تلك المناطق المنسية من العالم، وهو ارتفاع اسعار السماد الكيمياوي بشكل لافت للنظر، ففيما كان سعره في زمن صدام 20 الف دينار، يبلغ سعره الآن في الاسواق 300- 400 الف دينار.
وكما تلاحظون فان ماكتبته لكم في العام الماضي يتكرر مرة اخرى " في التكرار يفقد الألم شخصيته - ع. فنجان " والتبعات دائما تلقى على الزرقاوي وجماعته: الزرقاوي الذي ارتدى قبعة الاخفاء، ولم يعد يظهر حتى في بيانات الاحتلال هذا الايام، ربما هذا الاجراء هو تمهيد لفنطازيا جديدة يحل فيها صاحبكم عادل كمال بديلا عن الزرقاوي، كحقنة مهدئة جديدة او كموضة مبتكرة، هي موضة محاكمة صدام التي تلت عملية الاستفتاء على الدستور مباشرة، التي يزعم اصحابنا في الشوارع الخلفية - اني ماعليه - انها جاءت للفت الانظار عن المشاكل الكثيرة التي تعصف في البلد وفي حياة المواطن، فاعادة الكهرباء وتوزيع الطحين وتوفير الوقود.. الخ اهم من محاكمة صدام في الوقت الحاضر، مادام هذا الاخير في قبضة العدالة..
دعوني اذن اتوغل عميقا في هذه الفنطازيا، مادمت كعراقي - في نظر الحكومة وفي نظر المحتل - احمل مشروعين: قاتل ومقتول، كما اسلفت اعلاه، لأصل بكم الى رصيف منسي، من ارصفة الشوارع الخلفية: في مقالته الشهيرة: " الانتخابات ليست الديمقراطية " يضع " فريد زكريا " محرر جريدة " نيوز ويك " الاميركية، ثلاثة شروط ينبغي على العراق ان يستوفيها كي يحقق الديمقراطية، او على الاقل كي يتجنب تشكيل حكومة تسيء استعمال السلطة، وتقوم بتقويض حقوق الانسان: من هذه الشروط الثلاثة، نذكر شرطا يبدو هاما، في تصور مايدور في خلد الاميركان من جانب، وما يدور في خلد ساستنا من جانب اخر. هذا الشرط ينص على: أن على الحكومة القادمة من الانتخابات " اقامة اقتصاد، وحكم غير قائم على النفط، فعندما تكون لدى الحكومة القدرة السهلة على الوصول الى المال، فانها لاتكون محتاجة الى اقامة اقتصاد حقيقي، بل واقع الامر انها لاتحتاج الى مواطنيها، لأنها لا تفرض عليهم الضرائب، وتكون النتيجة هنا هي ديوان ملكي، بعيد ومعزول عن المجتمع "
يعني زكريا بمقالته هذه: ان اهمية المواطن تتأتى من دوره كدافع ضرائب، ذلك لأن هذه الضرائب تمثل المداخيل التي تصرف على ادارة الدولة وموظفيها وخدماتها، فيما توظف واردات النفط - حسب زكريا - في صندوق مخصص للتنمية، اي بدلا من توظيفه او استخدامه لتمويل النشاطات الحكومية العامة، وهذا الشرط بدأت حكومتنا بتنفيذه، منذ اياد علاوي، عندما وزعت الوزارات على منتسبيها استمارة معلومات عن المداخيل المالية التي تخص الموظف وعن عدد اولاده وتفاصيل اخرى تخص الضريبة، واطرف مافي الموضوع ان ذلك تم من دون اشعار الموظف بأهمية ودقة مايقدمه من بيانات، بل انها اخذت تستقطع منه ضريبة مالية كل راس شهر قبل توزيع تلك الاستمارات، من دون ان توضح له انتهاء حقبة طويلة من العمل بقانون او النظام الاشتراكي والانتقال الى مرحلة راسمالية اخرى: عدم الايضاح هذا - حسب اراء اصحابنا في الشوارع الخلفية - هو استغلال لطاقة الموظف خاصة في الدوائر الخدمية: كالكهرباء والمجاري والزراعة، التي غالبا مايستمر فيها عمل الموظف الى ساعات متأخرة، تتجاوز وقت انتهاء الدوام الرسمي، لبعد الاماكن التي يرودها لتقديم خدماته، او لجسامة العمل وطبيعة الخدمات التي تستدعي عدم تأجيلها الى وقت لاحق: هنا تبرز حاجة ملحة للاجابة عن سؤال هام: هل انتقلنا الى "قادسية بوش" بعد "قادسية صدام"؟
السؤال مضحك: هيا بنا نضحك ياقمر.. ههههههههه.. لكن حقا، هل هو زمن السخرة والعمل الشعبي، والبعثي الجيد هو الموظف الجيد؟ ام هو الزمن الذي يقترحه زكريا في مقالته اعلاه؟
ابلغ اجابة على هذا السؤال تعطنيها الفنطازيا: عندما قامت الحكومة باستقطاع نسبة من رواتب الموظفين الشهر الماضي - من دون اخذ رأيهم طبعا: مرحبا عيوني ديمقراطية !!- والتبرع بهاباسم الحكومة، كل وزير حسب وزارته، الى ذوي ضحايا كارثة جسر الأئمة، التي يتحمل مسؤوليتها طرفان واضحان للعيان: حكومة الجعفري والقوات المحتلة.لكنها فنطازيا مروعة، خاصة عندما يصل الاحتجاج حد الاقتراح على الحكومة ان تعلن تشكيل وزارة التعازي والمآتم: السخرية المريرة التي تقدمت بها الناشطة النسوية الرائعة مها الخطيب، اذ نحن فعلا امام حكومة لاتجيد الا فن التعازي وتدبيج اللطميات، والمشاكسة الازلية في هل ان يوم الخميس هو اول ايام العيد او يوم الجمعة، غير ان ذلك كله لايخلو من فائدة، خاصة بعد ان اكتشفت الاجابة الصحيحة عن السؤال القديم المحير: ما علاقة الطرشي.. برأس الجسر؟ واظنكم الان وجدتم الاجابة مثلي، فالعلاقة تلك لاتختلف عن العلاقة بين اقتطاع ضريبة من الموظف وصولا الى الديمقراطية، وبين اجباره على التبرع باسم الحكومة، باعتباره يحمل في داخله مشروعي قاتل ومقتول في ان واحد: فنتازيا مضحكة مبكية، لاتختلف عن فنتازيا استيراد الاكراد من دول غير عراقية - هههههههه.. هل توجد دولة عراقية غير دولتنا؟- وتسهيل سكناهم في كركوك: محمية للجوء انساني من نوع غريب، ادت الى ارتفاع اسعار بيع وشراء العقارات بشكل غير معقول وخيالي، وحولت صاحبكم عادل كمال الى مشرد، يلعن تلك اللحظة التي قرر فيها أن يأخذ على عاتقه قول الحقيقة، سوى ان اغراء الاغنية العراقية يعزيه احيانا، فيرتفع صوته: " امعلـّم على الصدعات قلبي " فيما تنظر الي زوجتي بغضب، لاعنة - في سرها طبعا - اليوم الذي اقتنعت فيه بالزواج مني: فنتازيا من المداعبات الخفيفية تحول النسر، احيانا، الى حمامة: هكذا حصل الامر بيني وبينها، فتزوجنا وانجبنا عصافير صغيرة، لكن فنتازيا انفلونزا الطيور حولت احلامنا بهم، بأن يكبروا ويحلقوا بعيدا، الى كوابيس.
وقبل ان اخوض في موضوع انفلونزا الطيور، اود ان اشير الى ان ثمة صفقة تدبر في الخفاء،وربما اعلنت الى العالم، تتلخص في كون الحكومة الحالية قد قررت اشعال النار في اسعار الوقود،وصولا الى الطاقة الكهربائية، اقتداءا بالتجربة الايرانية، حيث سيتم تحديد كمية من الطاقة يستهلكها المواطن بسعر الدولة، وعند تجاوزه لتلك الكمية يكون سعر الوحدات المستهلكة مضاعفا ولانعرف اي عبقري شطحت في خياله مثل هذه الفكرة الباهتة، من اجل تطبيقها على مجتمع كامل يعاني من ازمة سكن فادحة، للحد الذي توجد فيه ثلاث اسر في بيت واحد احيانا، ناهيك عن ان مثل هذه الفكرة ستدر الدراهم الكثيرة في جيوب مستوردي المولدات الكهربائية، التي ارتفعت اسعارها بشكل ملحوظ قبل شهور، بعد اعلان وزارة الكهرباء ان اعادة الطاقة الى معدلاتها الطبيعية سوف يستغرق حتى العام 2007، ويبدو ان هذا الرقم هو الرقم السحري الجديد بالنسبة للعراقيين، فقضية كركوك سوف لن يحسم امرها الا في نهاية عام 2007 ايضا: هذا مايسوف يدفعني الى كتابة 2007 قصيدة لعلي افوز بجائزة نوبل، تيمنا بالسحر الخفي لهذا الرقم الذي سيحل مشكلة ليست موجودة اصلا: واقصد بها قضية كركوك طبعا، انما هذا موضوع اخر. يقول البروفسور ت. ي. ابتر، مؤلف كتاب ادب الفنتازيا: "ان التاثير الذي تتركه الفنتازيا مرهون بحقيقة قوامها: ان العالم الذي تطرحه هو عالمنا دون ادنى ريب" وهذا التوصيف ينطبق على الواقع العراقي بدون شك، وسأخوض في ذلك ملمحا الى بعض الملاحظات التي تخص طريقة اعداد وكتابة هذه التقارير، بين ثنايا السطور: نعم، ثمة تضخيم اعلامي غير مبرر ازاء مرض انفلونزا الطيور، نعتقد - نحن في الشوارع الخلفية - انه يصب في صالح ترسيخ الهيمنة الاميركية على مقدرات امورنا، خاصة اذا نظرنا الى تداعيات هذا التضخيم، الذي عززته اجراءات الوزارات المسؤولة في حكومة الجعفري، فهو يساعد في رسم العراق كمستنقع وظيفته انتاج الرعب، فليس سوى الرعب الان، جنبا الى جنب مع صديقنا العزيز - الموت، يسيران بخطوات واثقة في الشوارع الامامية والخلفية، يرفرفان مثلما ترفرف الارواح المزهوقة في الانفجارات، وهي تتحول الى كومة دخان، تلتحق بالغيوم المحلقة في سماء كركوك، لتسقط على رؤوسنا على هيئة شهقات وحسرات مغسولة بماء المطر: ترى هل ينبت زرع جراء هكذا مطر ملعون؟
اغرب مافي موضوع " فنطازيا الانفلونزا " ان الجهات الصحية قررت ايقاف عمل المجازر المختصة بذبح الدجاج الحي، فأدى ذلك الى تحول سوق القلعة القريب من الجسر الى مجمع لبيع الدجاج الحي، الذي يتردد الناس في شرائه، ولو كنت املك ما املك - قسما - لاشتريت كل الدجاج المعروض وكل الطيور، استنادا الى حقائق علمية، تعرفها الجهات الصحية كما اعرفها، فليس هناك تسجيل وفاة حصلت لشخص اكل لحم طير مصاب، في كل العالم، لسبب بسيط جدا وهو ان الفايروس المسبب للمرض يموت في درجة حرارة 60 مئوي، فكيف به - اي الفايروس - عندما تطبخ زوجاتنا الدجاج في درجات حرارة تصل احيانا الى 120 مئوي؟ ناهيك عن حقيقة علمية اخرى، وهي ان حامضية الدم، لدى الذبح، ترتفع بحيث تقتل الفايروس، فعلام هذا الرعب، وعلام اغلاق المجازر، خاصة وان هذه الاخيرة يتم فيها غسل الدجاج المذبوح بسائل الكلور، وهو يقتل الفايروس ايضا؟
اصحاب حقول الدواجن، وهي كثيرة في كركوك، واكثر منها في اربيل، حيث يصل عددها الى 300 قاعة، في حيرة من الأمر: ماذا يفعلون بالدجاج المتوفر في قاعاتهم؟ وهل ثمة تعويض، من المفروض ان تقدمه الحكومة، لأولئك الذين لاذنب لهم في ما يحصل؟هنا تلعب الفنطازيا لعبتها المريرة - الفاتنة، لتدخل في قلب السياسة: مادامت الطيور البرية المهاجرة الناقلة للمرض تأتي الى العراق، خاصة صوب المستنقعات المائية، ومنها الأهوار، فهل كان صدام حسين بعيد النظر جدااااا في تلافي حدوث الاصابة؟ يسألني احدهم من الشوارع الخلفية، فلا املك الا ان اضحك: اذ ان الدراسات العلمية تقول بشكل افتراضي: اذا استمر ايقاع انتقال المرض على هذا المنوال، فان انفلونزا الطيور سوف تتم دورتها في الانتقال الى كافة انحاء العمورة عام 2018، سواء كانت هناك مستنقعات او جبال، مع او بدون احتلال العالم من قبل اميركا !!!
من تداعيات رعب انفلونزا الطيور، ان اوقفت الحكومة استيراد لحوم الدجاج، فأدى ذلك الى ارتفاع اسعار لحوم الدجاج المستورد قبل تنفيذ القرار، حيث بلغ سعر الكيلو الواحد من الافخاذ 4000دينار بعد ان كان 2500دينار، ورمضان كريم على امة الاسلام، عندما اختفى بيض المائدة لفترة، ثم ظهر على خجل ليباع بأسعارغير معقولة، فبعد ان كان سعر البيضة يتراوح بين 75-100دينار اصبح يباع بـ 150دينار،وهناك تداعيات غير منظورة ادت
الى انحسار ظهور دجاج جارتنا " ام احمد " في الشارع، وانعدام رؤية البط وهو يعوم في المستنقعات المائية القريبة، نشطا ومرحا في كل موسم: ربما كان ذلك التخفي غير المعلن بداية حذر - كما يعتقد بعض الخبثاء- من قرار حكومي قد يصدر بقتل الطيور على انواعها، على غرارقرار صدام في الثمانينات، عندما اعلنت الجهات الصحية عن حملة لقتل الكلاب، المكافأة فيها لمن يقتل كلبا هي 250دينار: حيث وقتها حدثت اكبر مجزرة للكلاب، استطاعت لفترة ما ان تحجب انظار الناس عن المجازر التي تحدث في جبهات القتال.
اللهم لاشماتة بمربي الحمام الذين يتقافزون من سطح الى سطح، لكنني اتسائل عن حال مهربي المخدرات الذين يستخدمون الحمام الزاجل في تبادل اصناف الترياق، بين المدن، بنقل عينات منه الى هنا وهناك، ومن ثم عقد الصفقات تحت رعاية اجنحة هذه الطيور الجميلة:
فنتازيا يلومني الصديق عبد القادر الجنابي، حين اوظفها في التقارير، طالبا منى ان اكون اكثر حرفية، وهنا يبين الفارق بين الداخل والخارج: الانصار والمهاجرون، فنحن هنا في الداخل رأينا المطر الاسود، نتيجة كثافة الدخان الاسود الذي كان ينزل مع ماتدره الغيوم، في حرب الخليج الثانية: نعم، المطر الاسود وهو يطلي جدران بيوتنا بلونه، والتي لم تفلح السنوات الطويلة من الشمس في ازاحته، ولاالامطار الجديدة الصافية في غسله: تلك الفنتازيا البورخسية او الكافكوية في الروايات والقصص، او في السينما، تتخذ في عراق امس واليوم وغد شكلا يناسبها من الحياة الحقيقية، غير المفترضة، فبين جارين في المحلة نشبت معركة حادة كادت ان تؤدي الى ما لا يحمد عقباه، بعد ان "حطت" حمامة احد اولاد احدهم على سطح الاخر، فاعتبر هذا الآخر ان تلك الحمامة، ربما تكون مصابة بانفلونزا الطيور، وبذلك ستكون معدية لطيور الحب التي يربيها في قفص داخل بيته.
مشادة من هذا النوع بقدر ما تبعث على السخرية والضحك في نفسي - انا صياد هكذا قفشات - بقدر ما تحيلني، مع جمع من خلان الصباح، الى النظر بجدية نحو هذا الموضوع: من المسؤول عن هذه التداعيات، في وضع مرتبك جدا؟ وهل نفرح في تجاوز حاجات ومشقة شهر " كريم " ام نحار في الوقاية من رعب غير مبرر اصلا؟ و... بالمناسبة هل العيد هو يوم الخميس ام يوم الجمعة؟
على اي حال: كل فنطازيا وانتم، وقمري الغامض النبيل، بألف خير..


[email protected]