عنوان هذا المقال ليس من عندى، ولكن أحد المشاهير هو صاحب تلك العبارة . حزر فزر ؟ من قائل هذه العبارة ؟ هل هو:
جمال عبد الناصر؟
أنور السادات؟
النقراشى باشا؟
شعبان عبد الرحيم؟
.....
تستطيع قراءة الإجابة فى نهاية المقال.

***

نشأت فى أسرة متدينة جدا ‘ فوالدى كان أزهريا، وكان يرتدى زى الأزهر التقليدى، ولكنه لم يكن له إهتمامات سياسية أبدا، وكان رأيه أن السياسة تفسد رجال الدين، لأن للسياسة طبيعة متغيرة بينما للدين طبيعة ثابتة، وفى السياسة أحيانا تضطرك الظروف إلى الدخول فى تحالفات سياسية معينة قد لا تتفق مع المبادئ، ولكن فى الدين أنت مع حلف واحد وهو حلف الخالق سبحانه وتعالى، والله لايقبل أن يشرك به، وكنت أحيانا أتعجب من عدم إبداء والدى مجرد رأيه فى الأمور السياسية، وكان دائما يردد الدعاء (اللهم وفق ولاة أمورونا)، وفى ذلك الوقت كنت أعتبر موقفه موقفا سلبيا، وهو موقف إيثار السلامة.
ولكن بالرغم من هذا فإنه فى طفولتى كنت ألاحظ فى منزلنا تعاطفا مع الإخوان المسلمين وخاصة أثناء فترة عبد الناصر، لأن الإخوان كانت الجهة الرئيسية المعارضة لعبد الناصر وأكثر من تعرضوا للتعذيب فى سجون عبد الناصر كانوا من الإخوان وبعض الشيوعيين .
ولم أقابل فى حياتى سوى شخصين من الذين كانوا أعضاء فى الإخوان المسلمين، الأول كان شابا صديقا للعائلة دخل السجن أثناء حكم عبد الناصر، وخرج محطما تماما ولم يتمكن من العودة إلى الجامعة، وحرصا من أسرتى على مساعدته بشكل يحفظ عليه كرامته، طلبت منى أن آخذ دروس خصوصية فى اللغة الإنجليزية لديه لكى ندفع له أجره عن تلك الدروس، ولم أكن فى سن يفهم الأوضاع تماما إلا أننى وافقت رغم أننى لم أكن أحتاج أى دروس خصوصية (التى لم تكن منتشرة على أيامنا)، وكنت أحزن لحال هذا الشاب عندما كان يتولى التدريس لى، وكان فى وضع لا يحسد عليه عندما إكتشف أننى أعرف من اللغة الإنجليزية أكثر منه، لذلك لم تستمر التجربة فترة طويلة وخرجت منها بتعاطف جزئى مع الإخوان.
والمرة الثانية عندما كنت أعمل فى بلاد الخليج قابلت مهندس مصرى دخل سجون عبد الناصروكان يحكى لنا حكايات مؤلمة عن التعذيب داخل السجون، ورغم ذلك لم أتعاطف معه إطلاقا لأنه كان كانت لديه طبيعة شريرة بالرغم من مظهره المتدين (الذقن والزبيبة والجلابية) والتى كنت أسميها دائما (عدة الشغل)، وكنت أضطر للتعامل معه فى أحد المشروعات التى كنت أقوم بتنفيذها، وعندما أختلف معه فى الرأى كان يقول لى :" أنا نفسى أكسر دماغك بماكينة دق الخوازيق" !! وكنت أقول له:"معلهش ياباشمهندش ممكن تكسر دماغى بأى شاكوش صغير، خللى ماكينة دق الخوازيق للحاجات الكبيرة"، ولم يكن يقول هذا الكلام على سبيل المزاح، ولكنه كان جادا فى تلك الأفكار الشريرة.

***

وبمناسبة الإنتخابات المنتظرة فى مصر، فإن الأخوان قد نزلوا بثقلهم فى تلك الإنتخابات، بالرغم من أنهم ما زالوا يحتفظون بلقب (الجماعة المحظورة)، وهى أكبر جماعة (محظورة) فى العالم تعمل فى العلن !! الجميع يعرفها ويعرف رئيسها ومقر الجماعة وأسماء قادة الجماعة، ولست أدرى إذا كان الجميع يقدم لها فروض الطاعة والغزل إبتداء من الحكومة إلى اليساريين والناصريين مرورا بأيمن نور وأتباعه، وبالرغم من ذلك فما زالت جماعة (محظورة)، فما بالك إذا قرروا فجأة أن يفكوا (الحظر) عن أنفسهم .
وأنا أعتقد أن الإخوان مبسوطين بحكاية الجماعة (المحظورة)، لأنهم يدركون تماما بأن (الممنوع) مرغوب، وفى نفس الوقت لافتة (المحظورة) تظهرهم فى مظهر الغلابة (ياعينى دول حتى محظورين، ومش مسموح لهم يعملوا أى حاجة)، وبيمنا هم فى الحقيقة يمارسون النشاط السياسى كأى حزب سياسى، وهم لا يرغبون فى أن يكونوا حزبا سياسيا، لأن فى هذا سوف يكون إنتحارا سياسيا لأنهم سوف يفقدون موضوع (المحظورة) . وهم يرغبون فى أن يقفوا فى مدرجات الدرجة الثالثة يصيحون (شيللوا الرف)، لأننا كما نقول (اللى على البر عوام)، وأيضا نقول: (إللى إيده فى المية.. مش زى إللى إيده فى النار)، لذلك لم يضع أبدا الأخوان برنامجا سياسيا يمكن تطبيقه، وكل ما نجحوا فيه هو أنهم (لبسوا البلد الطرح)!!
أوكى تعالى نتناقش بهدوء:
البلد كلها أصبحت ما بين محجبة ومنقبة وذقون وجلاليب، الأرضية أصبحت جاهزة أمامكم، ليسوا لديكم حجة الآن المجتمع أصبح آخر إسلام وآخر جمال، ماهى خطتكم لحل مشاكل البلد، ولا تقولوا بأن (الإسلام هو الحل)، أقول لكم: قديمة إلعبوا غيرها، نحن مسلمين مثلكم ونعرف أن هذا مجرد شعار تختبئون وراءه لأنه ليس لديكم سواه ولا تعرفون كيف تحلوا مشاكل البلد،ولا تقولوا شعارات مثل (القرآن دستورنا ... والنبى زعيمنا)، ونحن أيضا (القرآن دستورنا ... والنبى زعيمنا) هذا فى أمور الدين والآخرة، ولكن تعالوا نتكلم عن أمور الدنيا:
مشكلة البطالة: ما رأيكم دام فضلك، هل لديكم برنامج بالأرقام يستطيع توظيف خمسة ملايين عاطل أو شبه عاطل.
الغذاء: هل لديكم برنامج لتحقيق الإكتفاء الذاتى من الغذاء، أم سوف نستمر فى إستجداء القمح من أمريكا (الكافرة).
مشكلة الإنفجار السكانى، هل يوجد لديكم برنامج لبناء آلاف المساكن والمدرارس والمستشفيات لمليون ونصف مصرى كل سنة، هل لديكم برنامج تنمية لتوظيفهم، ومن أين لكم بالأموال للتنمية، هل سوف تقترضونها من الغرب (الكافر)، وتدفعون فوائد على القروض .
وبمناسبة القروض: ماذا ستفعلون بآلاف ملايين الدولارات المديونة بها مصر، هل سوف "تطنشون" عن الدفع، وتجيبوا (ضرفها) أم سوف تستمرون فى دفع الفوائد (الربوية) إلى البنوك (الربوية الكافرة).
وبمناسبة البنوك: هل سوف تستمر البنوك فى العمل، أم نقوم بإلغاء (الفلوس) من أساسه، ونقوم بالتعامل بالتبادل بالبضائع، وبعدين عندكم حق (الفلوس ما يجيش من وراها إلا تعب القلب)
وبمناسبة تعب "القلب": هل سوف تغلقون المستشفيات وتبدأون فى العلاج بالأعشاب وبعسل النحل والكى والحجامة وحبة البركة ولبن العصفور!!
السياحة: السياحة هى الأمل الأكبر للنهوض بمصر، هل ستكتفون بالسائحات المحجبات فقط .
إسرائيل: هل نمزق إتفاقية السلام ونعلن الجهاد، ونحارب إسرائيل على مشارف القاهرة، أم أن وقتها سوف تلبسون ثوب السلام، وأن اليهود هم أولاد العم، والدم مش ممكن يبقى مية!!
أمريكا (شيطانكم الأعظم): هل سوف تعلنون الحرب على أمريكا، أم أنكم تخشون أن تتكرر النكتة التى قيلت عن إمام اليمن (رحمة الله عليه) عندما أشار عليه أحد أصحابه أن يعلن الحرب على أمريكا، وأمريكا سوف تنتصر بالطبع فتجئ وتحتل اليمن وتقوم بتحسين الأحوال، فكان رد أمام (ولنفرض أننا كسبنا أمريكا من أين سوف نصرف على الأمريكان) !!

***

وهذه مجرد عينة بسيطة من المشاكل والقائمة طويلة، ولكن نريد أن نرى برنامج حقيقى بالأرقام وليس بالشعارات، كل ما رأيته كان موضوعات إنشاء ركيكة لا يكتبها طالب ساقط إعدادية!!

الآن حل الفزورة فى مقدمة المقال، قائل عبارة :" ليسوا إخوانا ... وليسوا مسلمين" هو (حسن البنا) مؤسس الجماعة عندما علم عن محاولة نسف محكمة الاستئناف بالقاهرة، التى أرتكبها (التنظيم السرى للإخوان) فى الأربعينيات من القرن الماضى .

[email protected]