ما ذكرته صحيفة الديلي ميرور البريطانية الشعبية عن خطة أميركية مفترضة كانت معدة لقصف (قناة الجزيرة) القطرية وتدميرها في (الدوحة) القطرية هي قصة يصح أن تصلح كإحدى قصص أفلام الدرجة الثالثة الإستهلاكية التي تعتمد على نظرية (الجمهور عايز كده)؟، لأنه في باب الحسابات المنطقية والعملية فإن عملية (إغلاق) وتعطيل ولم أوراق قناة الجزيرة لا تحتاج لكل هذا الجهد العسكري الأميركي؟ ولا لتجييش الأساطيل!! ولا لإرسال (الشبح) أو القاذفة العملاقة (بي 52) من قاعدة ديبغو غارسيا البعيدة؟ فكل ما تحتاجه القضية هو مكالمة تليفونية واحدة فقط لا غير لأولي الأمر يعتبر بعدها موضوع الجزيرة في (خبر كان)!! وتنتهي حكاية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس هوائيا وعلى طريقة صراع المرحوم (دون كيشوت) مع طواحين الهواء؟.
وحقيقة لا أدري كيف أن النقابات العمالية العربية المناضلة، وبقية الرفاق في (المؤتمر القومي البعثي العربي البيروتي) وصحيفة (القدس العربي)! وبقية شلة الأنس في صحافة الكوبونات النفطية المندرسة وأحزابها الديناصورية قد تلقفت الخبر لتشبع فيه لطما وعويلا! وتشيع في الآفاق العربية الملبدة بالغيوم الإرهابية أساطير ما يسمى بـــ (الهجمة الإمريالية والصهيونية)!! على إعتبار أن (الجزيرة) قلعة الصمود والتصدي!! وهي التي تخطط (للتوازن الستراتيجي)!!، وهي الجبهة العربية الأولى بعد أن خمدت بقية الجبهات المشتعلة!! وهي حامية لواء (مقاومة الذبح الزرقاوية الشريفة)!! وهي فوق هذا وذاك البقية الباقية التي تلم شعث (العترة الفاشية) من بقايا ورموز البعث النافق والمرتزقة الذين تحالفوا معه من العرب والعجم والبربر!! و (شفطوا) ما شاء لهم من نفط العراق المشفوط منذ عقود وعقود!!، وقد أقامت الأحزاب الديناصورية العربية الدنيا لذلك الخبر اللندني والذي نشك بكل محتوياته وحقيقته؟ لأنه يخاطب لغة أخرى غير لغة العقل والمنطق التي تقول بوضوح وجلاء وحقيقة من أن قناة الجزيرة في المحصلة النفسية والفكرية العامة ليست معادية للغرب ولا للأميركان ولا لأي طرف دولي فاعل...؟ تلك هي الحقيقة العارية التي يتهرب منها الجميع والتي تحاول الجزيرة ذاتها التغطية عليها بوابل الشعارات والأخبار الملتوية، وأسلوب اللف والدوران المعهود والمعروف؟، فهل ننسى ومعنا الرأي العام العربي حقيقة أن الجزيرة ما غيرها هي أول وسيلة إعلام عربية مرئية أدخلت الساسة الإسرائيليين لغرف النوم العربية! ومارست (التطبيع) مع دولة إسرائيل بأوضح وأجلى معانيه! وساهمت بتعريفنا بوجوه ومسميات الدبلوماسية الإسرائيلية وباتت وجوه السياسة الإسرائيلية من الوجوه الحاضرة على الدوام في شاشة الجزيرة حتى تآلف المتلقي معها وأصبح معتادا تقبل وجود ووجه العدو الذي كان؟؟ وتلك خطوة إعلامية ونجاح مهني جبار يعرف حقيقته من يهتم ويتخصص بالإعلام الذي هو من أقوى وأخطر أسلحة الحرب الحديثة؟ نتساءل حقيقة ما الذي فعلته الجزيرة لمحاربة الولايات المتحدة أو الغرب؟ والجواب لا شيء بالمرة؟ ليس هذا دفاعا عنها؟ بل تقرير لحقيقة ميدانية مرتسمة على الأرض؟ فهل (النشرات الإخبارية) في الجزيرة مختلفة عما سواها من القنوات الفضائية والأرضية؟ وهل ساهمت في فضح الممارسات الأميركية كما يقولون؟ إن من ساهم في كشف العديد من المخالفات الأميركية هي أجهزة الإعلام الأميركية ذاتها التي تصنع الخبر لتأتي الجزيرة لتضيف له البهارات العربية المعهودة وتسوقه للرأي العام العربي الذي يهتم بالسطحيات من الأمور ويتناسى الدوافع والمبررات الستراتيجية الأخرى؟ لأنه رأي عام مأزوم ومهزوم يبحث عن الضجة ولا يقيم بالا للحقيقة ولا للنتائج المستفبلية؟.
وإذا كان بعض الموظفين أو العاملين في قناة الجزيرة قد أدينوا أو تورطوا في بعض حواشي وملفات الإرهاب الدولي كقضية مصورها سامي الحاج أو مراسلها الشهير (تيسير علوني) الذي حكمت عليه محكمة أسبانية لا يطعن أحد في نزاهتها وتجردها فإن تلك الأمور هي أكثر من طبيعية فالخيط جدا رفيع بين الصحافة والسياسة وحتى الجاسوسية والإرهاب!!، وجميع الأوراق باتت متداخلة، وإنفتاح الجزيرة على بعض التيارات المتصلبة أو المتورطة في الإرهاب هو جزء رئيس من اللعبة الإعلامية الكونية المتداخلة! وكل تلك الأمور لا تفسد لود أهل الجزيرة قضية لا مع الأميركان ولا مع غيرهم؟ فبرامج الجزيرة في محصلتها العامة عادية على وجه الخصوص أما برنامجها المثير للجدل والمقتبس عن البرامج الأميركية ذاتها أي (الإتجاه المعاكس)!! فقد تم إختصاره وعصره حتى فقد بريقه تقريبا والضيوف والمحاورين يخضعون لغربلة وتصفية وإختبارات ليست بعيدة عن مقاييس وتوجهات ورغبات (أهل المخابرات)!! ومن يود التعرف على إتجاهات وتوجهات الرأي العام العربي والإسلامي؟ فلا شيء يعمل بالصدفة في الجزيرة؟ ولا شيء خارج عن المقاييس والتوجهات العامة.. وكل شيء تحت السيطرة!! لذلك لا جديد تحت الشمس لتأتي حكاية القصف الأميركي المزعوم ليمكن إدخالها ضمن حسابات الإعلان والربح والخسارة والمنافسة.. ففي العالم العربي التعبان تكرست أسطورة تقول بأن كل من تعاديه الولايات المتحدة هو على حق ولو كان زعيم الأبالسة!!؟ وهذا ما تبين حقيقة؟ وهو الأمر الذي إستثمرته الجزيرة خير إستثمار لتضيفه (لميزان حسناتها)!!، إنني أعتقد جازما بأنه لا يوجد سبب واحد يجعل الإدارة الأميركية بكل سلطانها وهيلمانها الكوني تفكر بتدمير الجزيرة عسكريا؟ لأن ذلك ببساطة يعني تدمير تلفزيون دولة قطر الملاصق لمبنى الجزيرة الصغير والذي تعتبر الأخيرة جزءا منه وإن تمتع بالإستقلال الذاتي الصوري؟ فهل ثمة عاقل يتصور حدوث ذلك سيما وأن قاعدتي (العديد والسيلية) على مرمى حجر من (الجزيرة المناضلة)!!، إنه إحتمال سبق لصديقنا (أبو عنتر) في المسلسل السوري القديم الشهير (صح النوم) أن وصفه بأنه قضية (بلا فكاهة ولا مازية)!! أي بلا قيمة إعتبارية حقيقية؟ وهو أمر أشبه بزربعة في فنجان؟ والقضية برمتها جزء من عملية الصراع الإعلامي والدعايات الإنتخابية وحملات إطلاق الرصاص العشوائية، فالجزيرة في النهاية لا تنطق عن الهوى؟ وهي كانت وما زالت وستبقى جزءا رئيسيا ومبكرا من عملية التغيير الشامل في العالم العربي وإن بدت الظواهر عكس ذلك؟ ولكن الحقيقة تقول العكس، فلا قصف ولا من يقصفون!!.. إنها لعبة السياسة والإعلام في عالم عربي متحول.
- آخر تحديث :
التعليقات