ثار تصريح جاك سترو عن طلبه من المرأه المحجبة إزالة النقاب حين زيارته كنائب عن منطقتها في البرلمان.. وإعتقاده أن النقاب يقف حائلا ما بين إندماج الجاليه المسلمة مع الوطن الجديد ومع الجاليات الأخرى، الجدل والنقاش فيما إذا كان ما يقوله سترو صحيحا أم أنه يقع ضمن سياق الحمله على المسلمين والإسلام في الغرب.. وأن هذه التصريحات تؤكد مرة أخرى نظرية المؤامرة ضد المسلمين.. وتداخل الحوار مابين مؤيد ومعارض ففيما اعتبره حزب المحافظين تدخلا في الحرية الشخصية للمرأه آملآ أن يحصل به على أصوات الناخبين المسلمين.... وإعتبره البعض الآخر أنه يقع في سياق العنصرية ضد المسلمين لأنه لم يتطرق إلى ملبس اليهود الأرثوذكس ناسيا أو متناسيا أن الحوار ليس على المظهر الخارجي وإنما على غطاء الوجه أي التنقيب.. الكامل لتغطية وجه المرأه.. بينما أكد على حق المرأه وحريتها في وضع الحجاب (أي تغطية شعر الرأس).. إلى أن جاءت النتيجة بأن 93% من البريطانيين تؤيد ما قاله جاك سترو...
لقد بات واضحا أن أحداث 11 سبتمبر وما تبعته من أحداث في بالي ومدريد ولندن ونيروبي وغيرها.. شكلت نقطة تحول غير مسبوقة في تطرف غربي في التفكير والخوف من نسبة الهجره المتزايده من المسلمين حتى من المتواجدين فيه والذين هم مواطنون متساوون في حقوق لم يحظوا بمثلها حتى في بلدانهم الأصليه.. ولكنهم لازالوا يرفضون الإندماج.. أو الولاء لهذه الدول.. وأن قيامهم بهذه التفجيرات يؤكد ذلك... أيضا شكلت هذه الأحداث نقطة لتفجير الحوار والتساؤل بين البريطانيين أنفسهم عن لماذا يخاف المسلمون من حضارتنا وحريتنا ونحن الذين فتحنا لهم أبواب جميع الحريات والتي يمنعون من ممارستها في بلدانهم الأصليه.. بدءا بحرية العبادة حيث هناك ما يفوق على 1000 مسجد في بريطانيا في ذات الوقت الذي تمنع فيه وحرية العباده.. وتمنع بعض البلدان بناء أو حتى تصليح الكنائس.. حرية وحق تنظيم الجمعيات.. وتكوين الأحزاب.. وإصدار صحف وفتح قنوات بلغتهم الأصلية وبدون أي رقابه عليها.. ولكن الأهم من كل هذا، منحهم وعائلاتهم حق المواطنة.. التي يحرموا منها بعد قضاء سنين العمر في بعض بلدانهم الإسلاميه.. يتساءل العديد من البريطانيين.. بعد كل هذه الحريات.. ورفضهم الإندماج.. لماذا أتوا إلى بلداننا ويهددوا حضارتنا وحرياتنا.. ويطالب البعض بوضع حد لقدومهم بالتحديد.. وتأتي إجابات من قادة الجاليه المسلمة المتواجده في بريطانيا كلها تتسم بالتحجر والتأكيد على الحقوق بدون أي ذكر لواجبات هؤلاء القادمين..

سيدي القارىء.. بعد أحداث 11 سبتمبر بأيام كنت ولا زلت أشعر بهول الصدمه والحدث.. ركبت الباص.. وركبت إمرأه منقبه تحمل في يدها كيس تركته في المكان المخصص للشنط والأكياس الثقيله.. وذهبت إلى آخر الباص لتجلس.ولأول مرة منذ حضوري للعيش والإقامة في لندن تملكني خوف كبير.. مما اضطرني إلى الذهاب للمرأه والطلب منها أن تحتفظ بكيسها معها..راودتني الشكوك من مخاطر ما قد يحدث.. ما أدراني ما بداخل هذا الكيس.. ما أدراني أنها لن تنزل في المحطه المقبله وتتركه وقد يكون بداخله أي شيء.. فكرت.. ماذا لو كان بداخله قنبله وإنفجرت بعد نزولها.. ماهو شعوري لو كان إبني في هذا الباص.. ماهو شعوري إذا كان إبن صديقتي أو جاري..أو أي إنسان..ماذا سيكون شعوري وتبريري لمثل هذا العمل في بلد إحترمنا وفتح لنا أبواب الرزق والحياة أسوة بمواطنيه جميعا..
سيدي. لاأدري كيف ومتى ظهر النقاب في منطقة الخليج العربي لأن الأصل في الإسلام هو تغطية شعر الرأس والملبس البسيط المتواضع. ولكني أعرف أيضا أن هذه البدعه إختلقتها بعض نساء تركيا لتخفي معالم وجهها حتى لا يستطيع أحد التعرف إليها خلال خروجها وممارستها للدعاره.. ثم طوّرتها بعض النساء الثريات في محاولة لإثارة بأن جعلته منديلا أسود شفافا إلى أن وصل كمال الدين أتاتورك قائد عملية الإصلاح بعد سقوط الدولة العثمانية إلى الحكم.... وقرر الإلتحاق بأوروبا خدمة لمصلحة بلاده في التطور والإقتصاد.. بدلا من العالم العربي.. وأصدر قرارا يمنع بموجبه النساء من تغطية الوجه. حتى أنه اعطى جنوده الصلاحية التامه لخلع هذا الغطاء بالقوة إن لم تلتزم النساء بقراره... وعليه فإنني أستغرب كليا رفض فكرة خلع النقاب بينما نحن متأكدين من عدم وجود أي ذكر لها في الكتاب خاصة وأنها أصبحت تلفت النظر أكثر من عدم وجود هذا النقاب.. وأيضا بعد أن أكد الدكتور زكي بدوي قبل وفاته بأن الوضع لا يحتمل إضفاء شكوك جديده حول المسلمين...
لقد أثبتت البحوث العلميه بأن التواصل الإنساني الحقيقي يتم 10% منه بواسطة الكلمات.. أما ال90 % الباقية فتتم عبر ما يعرف بإشارات الأيدي..وتعابير الوجه.. وأننا كمخلوقات بشريه فأننا بطبيعتنا نبحث عن هذه التعابير الإنسانية حينما نتكلم مع بعضنا البعض..
في هذه الفترة الحرجه التي يمر بها العالم. والإحساس بعدم الأمن والأمان.. لماذا نصّر على تحدي الغرب بكل الأشكال.. غير عابئين بأن أمن هذا الغرب الذي أصبح لنا الوطن والملاذ هو أمن أولادنا..
لماذا نصر على التمسك بثقافة بلدان رفضت حقوقنا واضطرتنا للهجرة والغربة والتغريب..
لماذا ربط الإسلاميون الصحوة الإسلامية فقط في إعادة تحجيب المرأه.. في ذات الوقت الذي لا تنفك فيه من هضم كل حقوقها بكل الوسائل والأشكال..
لماذا لا نتولى نحن المغتربين ومن منطلق تجاربنا العميقه في التعامل مع الغرب مسئولية تجديد الخطاب الديني لنأخذ منه بالجوهر وليس فقط بالشكل الخارجي..

ألم يحن الوقت للدخول في عملية حوار موضوعي ذاتي.. لتطوير معاني ورموز الدين بما يتناسب مع العصر والوقت والزمان الذي نعيش به حتى لا نتسم بالتحجر..وإلى متى سنعجز عن مواجهه أنفسنا بنقد ذاتي عقلاني لنتوصل إلى ما فية مصلحتنا كجزء فاعل في هذا العالم.. ونخرج من عباءة الضحية المشلوله بلوم الآخرين فقط وتنفي عن نفسها أي مسئولية.
ترى ماذا سيكون خيارنا في حال أعطينا الخيار مابين الإقامة في بلاد الغرب التي يسميها العديدون بلاد الكفر.... أو العودة من حيث أتينا إلى بلاد الصدق والحريه والقانون وحماية حقوق المرأه... سيدي القارىء.. سيدتي القارئة.. أرجوكما الصدق مع النفس......


أحلام أكرم ndash; باحثه وناشطة في حقوق الإنسان ndash; لندن