إذا كانت الأطراف المتصارعة في العراق جادة حقاً أن تنهج باتجاه حقن دماء الناس وحفظ ممتلكاتهم، والوقوف بشكل متراص متوحدين لأنقاذ العراق من خراب وتدهور سريع باتجاه المجهول، وإذا كانت تلك الأطراف مخلصة لنداءات العراقيين والعراقيات لأيجاد حلول وقواسم مشتركة توقف نزيف الدم العراقي، كما تتصدى للغرباء الذين بات الإنسان العراقي هدفاً لهم، كما صار العراق الساحة المناسبة لأظهار معالم الفعاليات العسكرية وتفجير البهائم المفخخة أنفسها النتنة من أجل القتل والترويع والتصفيات الشخصية، أذا كانت تلك الأطراف حقاً تريد الخير للعراق ومستقبله، وانها كما تدعي تضع الإنسان العراقي بغض النظر عن مذهبه أو دينه أوقوميته أمام ضميرها، وبعد إن أعطى العراق من التضحيات الجسام التي لايمكن إن يعطيها شعب في حروبه الكارثية، عليها أن تضع الحل الحاسم والسريع والفوري الذي يحقن دماء الناس ويوقف مسلسل الموت اليومي ويمنع القتل والدماء.
يتوجب على خطباء الجوامع والحسينيات أن يتحدثوا للناس عن توفير الأمن وحل الميليشيات وإنهاء المظاهر المسلحة غير القانونية بأشكالها المختلفة وإيجاد الحلول المناسبة لمنتسبيها، وأن يتحدث خطباء الجوامع والحسينيات عن الإسراع في بناء القوات المسلحة العراقية والقوات الأمنية على أسس وطنية ومهنية وفق جدول زمني محدد يتزامن معه خروج (( القوات الأجنبية وتحقيق السيادة الكاملة له ))، والدعوة الجادة والمخلصة إلى الإعلان عن (( مراجعة ونقاش عام ومسئول )) ووفق مسؤولية وطنية وجادة حول النقاط الخلافية في الدستور العراقي الحالي.
كما يتوجب على الخطباء التحدث عن مآثر التوحد الوطني والضرر الكبير الذي سيعم العراق اذا بقيت الفتنة الطائفية والحلول المبتورة هي ما تمارسه بعض الفئات التي لاتريد للعراق الأستقرار وبناء المستقبل.
وكما يتوجب على علماء الدين من كل المذاهب ومن كل الأديان أن يظهروا دورهم الأساس في حفظ حياة الناس، وأن يفتوا ويعلنوا بحرمة الدم العراقي التي حرمها الله الا بالحق، وأن تكون فتاواهم جامعة وموحدة في زمن تكون فيه الوحدة ونبذ الخلافات مطلباً أنسانيا وعراقياً.
أن عوامل بناء الثقة بين كل تلك الأطراف ينبغي تفعيلها وترجمتها الى واقع ملموس، وتظهر جلية في عدة ممارسات سلوكية منها، الابتعاد عن تبادل الاتهامات، ودعوة وسائل الإعلام العراقية والعربية للعمل على التقريب بين أطياف الشعب العراقي، وعدم استخدام المنابر الدينية والسياسية والإعلامية للتحريض على الكراهية والفُرقة، والدعوة لنبذ جميع المنابر الأعلامية التي تحرض وتدعو الى القتل والخراب والتأجيج العرقي والطائفي، وإيجاد صيغة عملية لعقد لقاءات منتظمة بين القوى السياسية لتهيئة المناخ لتحقيق الوفاق الوطني، ومراجعة وضع المعتقلين وإطلاق سراح مَنْ لم تثبت تهمته بالسرعة الممكنة، ووقف المداهمات إلا بأمر قضائي.
العراق بحاجة لضمادات جراحه، وبحاجة ايضاً الى حفظ دماء أبناءه الأبرياء، وبحاجة الى ارتفاع في مستوى اداء الشرطة العراقية الوطنية بغية سيادة القانون وترجمة نصوص الدستور العراقي في حقوق المواطنة والمساواة بين العراقيين وحفظ كرامتهم وأنسانيتهم بما حددته المباديء الأساسية والحقوق والواجبات في الدستور ، نعم بيدهم الحل، ولكن لهذا الحل مقدمات ينبغي توفيرها أمام الجميع حتى تكون جميع المسائل الأخرى متفق عليها، سبل توفر علينا المزيد من الضحايا وتبرهن بالملموس أن الغاية والهدف في حفظ دماء الناس وتوحدهم، ولعلهم حين يستعجلون الحلول سيحقنون دماء اخوتهم واهلهم ويحفظون للعراق مستقبله وهيبته، ولعلهم حين يستعجلون الحلول يدركون أنهم يساهمون بفخر في عملية بناء وترميم العراق من خراب الدكتاتورية والطغيان والطائفية، وانهم لايصمون آذانهم ولاعيونهم عنه، كما لاتغشى الأحقاد أبصارهم، فالعراق سيكتب تاريخه ويذكرهم بفخر.
أجل بيدهم الحل ولكن ما يمنعهم مصالحهم وأحقادهم وعصبيتهم، وما يمنعهم خصوماتهم الشخصية وعميهم، الوطن والأنسان بحاجة ماسة لحلولهم ماداموا قد جلسوا على كراسي الحكم، وماداموا قبلوا إن يكونوا قادة وأصحاب قرار، عليهم إن يبرهنوا إن زمان الطغاة والدكتاتوريين قد ولى، وعليهم أن يحقنوا دماء الناس، وان يعيدوا للعراق كرامته وأمنه وبهجته التي سرقها الطاغية، ولم تزل لم يستطع العراق أستعادتها، وعليهم أن يجدوا قواسمهم المشتركة وأن يتقاربوا من اجل أن تزال عن العراق كل الغيوم، كل الغيوم دون استثناء، وأن يبعدوا عن مدننا الذئاب المفترسة وبنات آوى، فلم تعد أسوارنا متينة حتى تحمي أجسادنا العارية في ليل كثرت فيه الذئاب.
بيدهم الحل في كشف المستور والحقائق، وان يتم الاعلان عن السارق والمختلس والمستفيد من المال العام دون وجه حق، وعليهم كشف من يهدر المال العام، وعليهم إن يقدموا هؤلاء للمحاكمة لنستمع الى احكامهم ونعرف عقوبتهم.
بيدهم الحل في إن نتعرف على اتفاقاتهم ومن لايريد الخير والأمان للعراق منهم، دون ذلك سيكتب التأريخ إن الحل بيدهم ولكنهم لم يريدوه للعراق، ودون ذلك سيكتب التاريخ عنهم مهما بلغ حجم المال الذي اكتنزوه ووظفوه في دول أوربا أو في مدن العراق اعتقاداًُ منهم إن عين الله والناس نائمة، وان الأستحواذ على المال العام في ظل هذه الظروف الحرجة التي يمر بها العراق لاتعبر الا عن الموقف المشين، فالفقراء في العراق لم يزل ينتظرون، والجياع في العراق لم يزل ينتظرون، والمظلومين في العراق لم يزل ينتظرون، والمعوزين والمحرومين في العراق لم يزل ينتظرون، وذوي الشهداء والضحايا لم يزل ينتظرون، والناس في العراق لم تزل تنتظر، وعليكم محاسبة انفسكم ومراجعتها عن ماذا قدمتم، وأين اخطأتم وأين اصبتم، وأين بواطن الخلاف ؟ وأين نقاط اللقاء، وعليكم الحل وهو بيدكم وقريب اليكم.
- آخر تحديث :
التعليقات