لا يمكن أن تفهم أو تفسر تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال (رحيم صفوي)وهو فعلا صفوي القلب واليد واللسان، العدوانية بل الإرهابية ضد دولة الكويت و مملكة البحرين إلا ضمن إطار حلقات التآمر والعدوان التاريخية الإيرانية ضد دول الخليج العربية مجتمعة، وتاريخ المنطقة الخليجية المعاصر والقريب يفضح عن سلوكيات عدوانية متأصلة وسياسات إرهابية ثابتة كانت على الدوام عنوانا لتحولات و تشنجات و تقلبات السياسة الإيرانية بدءا من بهلوانيات و غطرسة القوة الإيرانية أيام نظام الشاه البائد مرورا بحقبة (تصدير الثورة)التي حفلت بصفحات حقد وعدوان قل نظيرها، وهي المرحلة التي لم يدخر خلالها النظام الإيراني جهدا في تجنيد الأتباع، و نشر التحريض، و تفعيل الإرهاب، و تمويل خلايا القتل و التخريب و التفجير و تعكير السلام الإجتماعي و التوافق الطائفي لمجتمعات المنطقة و شعوبها المتحابة، و كانت ساحة الكويت و كذلك البحرين ميدانا عمليا لتنفيذ كل الوصفات الإرهابية بدءا من تجنيد العملاء و ليس إنتهاءا بالإعتداء على رموز الدولة والسيادة كما حصل مع أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله، أو كما حصل من محاولات للتغيير السياسي العنيف في البحرين وهي محاولات ومؤامرات و مناورات لم تزل مستمرة وإن إختلفت الصيغ و الأساليب و التكتيكات! و لكن الستراتيجية الرسمية الإيرانية بشقها الآيديولوجي تظل ثابتة لا تتغير وهي مفضوحة بكل مفرداتها العدوانية الكامنة مهما حاولت لغة الدبلوماسية تجميل الوجوه إلا أن الحقائق واضحة لكل عين بصيرة!، فأسلوب الفتن الطائفية ثم التمسح بشعارات الوحدة الإسلامية هي اللعبة المفضلة للنظام الإيراني في مختلف حقبه و تطوراته و متغيراته، و محاولات الفتنة الطائفية التي يحاول ساسة إيران إشعالها في المنطقة الخليجية تهدف أساسا لشق عرى الوحدة الوطنية و تسويق النموذج الإيراني البائس التعيس الذي يحاولون اليوم وبكل قوة إقامته في العراق المتوتر والمشتعل و الحائر بشعوبه و طوائفه، فرجال إيران و بعثاتهم التبشيرية في العراق و المنطقة يمكن معرفتهم بكل سهولة مهما بلغت نعومة ورقة الغطاء التمويهي الذي به يتدثرون!.
و إذا كانت إيران (الإسلامية)التي تحاول دخول النادي النووي لتكون (بعبع) الخليج العربي و تتهيأ لتكون قوة إقليمية عظمى!! تخاف مما تقول أنه مؤامرات مبيتة من دولتين عربيتين صغيرتين و مسالمتين كالكويت و مملكة البحرين فإن في الأمر مهزلة حقيقية و مفجعة لا يمكن فهمها بعيدا عن عقلية التآمر المستمرة التي طفحت بها ممارسات وأفعال حكام إيران السابقين منهم أو اللاحقين!.
البحرين مثلا لم تهدد يوما (فارسية) طهران! ولم تطالب بإلحاقها بالسيادة البحرينية؟ ولم تجند العناصر و تصنع العمائم في مصانع (قم) و (الأهواز) لترسل فرق التعبئة والحشد لإسقاط النظام وإقامة دولة (الولي البحريني الفقيه)!!.
أما الكويت والتي قاتلت و تقاتل على أكثر من جبهة بدءا من جبهة الفاشية البعثية مرورا بالتهديدات السلفية المتوحشة ووصولا لتهديدات (بن لادن) و شركاه من بهائم التفخيخ و التفجير و الغدر، فهي أيضا لم ترسل يوما فرق الموت و القتل و التفجير الطائفية لتهدم المنشآت الحيوية و السفارات أو لتغتال الشرعية و الرموز الوطنية، والكويت لم تخطف الطائرات الإيرانية و تقتل الأبرياء ، أو تحتل الجزر و المواقع الحدودية أو تحاول إستعراض عضلاتها على الآمنين و المسالمين، بل أن أرض الكويت المعطاءة و شعب الكويت الكريم قد فتح ذراعيه لإستقبال العمالة الإيرانية الباحثة عن الرزق الشريف و الهاربة سباحة عبر مياه الخليج هربا من دولة الهرطقة و الثرثرة و البؤس الإيرانية؟ فشعوب إيران الهائمة على وجوهها بحثا عن الحياة الكريمة و الرزق المسدود وجدت ضالتها في دول الخليج العربية المسالمة التي تحتضن مئات الآلاف من الإيرانيين الذين يساهمون في تنمية و بناء المنطقة، و قد حدثتنا صفحات التاريخ المعاصر و التي عايشنا أحداثها تفصيليا و ميدانيا عن صفحات غدر مروعة مارسها النظام الإيراني الحالي ضد سيادة وأمن و حرية وأرزاق شعوب المنطقة و دولها؟ فهل ننسى مؤامرات الحرس الثوري الإيراني ضد الكويت خلال أحداث الثمانينيات المتفجرة؟ وهل ننسى محاولات الإغتيال و التفجير و القتل و تخريب الساحة الداخلية؟ هل يمكن أن نتجاوز عن الغطرسة الإيرانية العسكرية من خلال المناورات المستمرة في مضيق هرمز و الإصرار العدواني المريض على إحتلال الجزر العربية الإماراتية الثلاث في رأس الخليج العربي؟ هل يمكن أن نتغاضى عن المشروع الطائفي و التخريبي الإيراني في العراق الذي لو نجح أصبح رأس حربة وورم خبيث يهدد الجملة العصبية لشعوب المنطقة؟ هل ننسى خطف الطائرات و كل المؤامرات التي حدثت و لازالت تخطط لها الأجهزة السرية الإيرانية، فالخطاب السياسي الإيراني يتحدث بصوت عالي عن (القضاء على إسرائيل)!! بينما الحقيقة غير ذلك تماما؟ فعند أي تهديد لا تهدد إيران إلا بإحراق المنطقة و شعوبها، و اليوم حينما تمارس دولة الكويت و مملكة البحرين سيادتهما و تقومان بمناورات عسكرية روتينية ليست موجهة ضد أحد بل لأهداف دفاعية طبيعية تثور الثائرة الإيرانية، و يبرز الإيتزاز المريض بأوضح صوره، و هو إبتزاز معروف تعايشت معه شعوب المنطقة، ورغم كل عويل و تهديد و صراخ قادة طهران المتوترين فإن عجلة التنمية و التقدم لا يمكن أن يوقفها مختل أو حقود، و إفلاس السياسة الإيرانية قد وصل لحدوده القصوى، أما الكويت التي تستهدفها قوى الشر فلن تزيدها كل المؤامرات إلا منعة وحصانة بوحدتها الوطنية الراسخة، و البحرين بدورها ماضية في طريقها الديمقراطي و الإنفتاحي غير آبهة بخرافات الدجالين وتخرصاتهم المريضة، و في النهاية فإن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله........!.
[email protected]