يبدو أن للغوغائية الإعلامية و للبلاهة الفكرية نمط معروف لا يتخطاه أحد و لا يتجاوزه أي تيار ! وله في قناة الجزيرة مواقع تاريخية ثابتة و أصيلة!! خصوصا و إن الإعلام العربي بكافة مسمياته و أشكاله يعاني معاناة مرضية مستفحلة من تداخل الأوراق و تشابك القناعات و تصارع الرؤى و التيارات؟ و يبدو أيضا أن للشارع العربي المتعب و المنهك و الباحث عن نقطة الضوء والأمل في ظل الظلام الحالك المحيط بالأمة و شعوبها دور كبير في شيوع حالة التهالك الإعلامي العربي؟ ففضائح العالم العربي أكثر من أن تعد و تحصى؟ و مصائب التيارات الشمولية وكوارثها التي تعشعش في العالم العربي قد فاحت روائحها ومع ذلك ما زال الشموليون يداعبون الناس و العباد بعبارات الصمود و التصدي و النصر الآلهي !! و غيرها من شعارات الفاشية العربية الجديدة بشكلها الديني أو الطائفي أو بشكلها البعثي المعروف و الموثق تاريخيا...
و (قناة الجزيرة) القطرية التي تحتفل هذه الأيام بعيد ميلادها العاشر تحولت للأسف من مشروع إعلامي عربي تنويري باحث عن الحقيقة وعن كل ما هو جديد و مختلف و تطوري إلى منبر للشتائم والأحقاد و تصدير التطرف و إلى واجهة من واجهات الوجوه الفاشية بل و الغبية بشكل فضائحي وإلى أداة متقدمة في خدمة الفكر المتطرف و الرأي المريض بل و الدفاع السقيم عن الأنظمة الفاشية و الإرهابية التي تجاوزها الزمن و لفظها التاريخ !، و ضمن إطار الغوغائية الإعلامية الجديدة للجزيرة لم يجد أقطايها موضوعا يصلح للمناقشة و التحليل و الإضاءة سوى موضوع (جائزة نوبل) و أهدافها و مراميها و المعايير المعتمدة في توزيعها؟ و هو موضوع حيوي ومهم للغاية لو أنه نوقش ضمن إطار علمي و موضوعي ومن قبل أطراف مؤهلة تملك الأهلية الفكرية والمعلوماتية و الإعلامية وفوق هذا وذاك المصداقية و الإحترام للنفس أولا و لجماهير المتلقين ثانيا؟، و لكن حلقة (الإتجاه المعاكس) الأخيرة قد حملت مفاجآة لم تكن غريبة بقدر ما كانت خبيثة تتمثل في ترشيح شخص لا يمتلك الأهلية و لا العلمية لمناقشة موضوع شائك و معقد و ذو أبعاد متداخلة مثل قضية (جوائز نوبل) في العلوم و الآداب و التي تختص بتوزيعها الأكاديمية الملكية السويدية في (أستوكهولم) أو جائزة نوبل للسلام فقط و التي تتحمل اللجنة النرويجية في العاصمة أوسلو ترشيحها و إعلانها طبقا لوصية صاحب الجائزة السويدي الراحل (غوستاف نوبل)! وطبيعي القول أن أهمية الجائزة تنبع من كون الدول الإسكندنافية تمثل ضمير العالم الحر، فهي لم تستعمر أحدا، و لم تستغل شعبا، بل كانت على العكس عونا و أملا وملاذا للمظلومين و الأحرار في كل مكان، دول كانت حربا دائمة على نظام التمييز العنصري وعلى العنصرية بكافة أشكالها وهي نفس الدول التي ترعى بعض المعتوهين الذين يهاجمونها بكرة و أصيلا، و يتفنون في الإساءة إليها، و تشويه كل منجزاتها الإنسانية ومعالمها الحضارية و السلوكية الراقية فكرا و منهجا، فقد إستضاف السيد الرفيق المناضل الدكتور فيصل القاسم (مد ظله الوارف) أحد هؤلاء المعتوهين من اللاجئين العراقيين السابقين ومن المتقاعدين حاليا لأسباب صحية ذات علاقة بالقدرة العقلية و النفسية ، و قد تفنن ذلك المعتوه في الشتم و الإساءة للجائزة الدولية وللدول التي تقدمها و للشخصيات التي حصلت عليها في مجالات العلوم الإنسانية أو خدمات السلام الدولية متكئا على بعض الزوايا مهاجما الجميع ! من الراحل الكبير نجيب محفوظ ! وحتى الدكتور محمد البرادعي!! دون أن ينسى الراحل أنور السادات أو ياسر عرفات؟ بل أن المهزلة قد وصلت لأن يرشح هذا المعتوه نفسه!! لنيل الجائزة في ظاهرة مرضية تعبر عن حالة سفه وجنون حقيقية تؤكد التقارير الطبية النرويجية التي أحيل بموجبها هذا المعتوه على التقاعد الصحي في أوسلو؟ وسؤالي يتلخص في سوء النية و الطوية التي جعلت أركان برنامج الإتجاه المعاكس لا يجدون في هذا الخضم الهائل من النخب الثقافية العربية أو العراقية من يصلح لمناقشة هذا الموضوع سوى ذلك المعتوه و الذي حشر إسم (السيد علي السيستاني) في الموضوع موجها له السباب و الشتائم و الإتهامات بالعمالة للأميركان دون مبرر و لاداعي لذلك؟ وقد كنت أحسد الطرف المقابل وهو الدكتور التونسي (حسني عبيدي) على صبره و دماثته و عجبه من المهرج القابع أمامه والذي كان يرطن بمصطلحات إنكليزية بركاكة مضحكة! وغني عن القول إن ذلك المعتوه لا يتقن أية لغة لا الإنكليزية ولا النرويجية ولا حتى العربية السليمة!! ومع ذلك فهو يتنطح في سادية غريبة لمناقشة ومعارضة وتسفيه تقارير النخب الثقافية و العلمية في العالم التي ترشح من يستحق نيل الجائزة!! لقد كان عرضا تهريجيا بائسا من الجزيرة يضاف لبقية عروض السيرك الإعلامي المهزلة و الفاشلة! وبما يؤكد إن إصلاح الحال من المحال ! وإن أهل البطولات التهريجية لا يخجلون من الإستعانة بالمجانين و المعتوهين من أجل نشر غسيل العرب الوسخ وإبراز كل العناصر المتخلفة التي تسيء للإنسان العربي؟ و إذا كان إعلامنا المتميز يجري على شاكلة ما يدور في برامج الجزيرة فلا أظننا بعد ذلك نحتاج لأعداء؟ لأن قناة الجزيرة في ذكرى ميلادها العاشر قد أثبتت أن للتهريج فنون وجنون و مدارس و دكاترة...! و سنة حلوة يا جميل!. ومن هذا المنبر فإنني أرشح (قناة الجزيرة) لنيل جائزة (شعبولا) في التهريج الإعلامي..؟
[email protected]
التعليقات