منذ فجر الاديان، ونحن نتحارب.
اليهودية تعادي المسيحية، والمسيحية تعادي الاسلام، والاسلام لا يود هذه او تلك.
بالمثل بعض الديانات الاخرى، من البوذية والكونفوشية، وحتى الهندوسية والزرادشتية. كل يعادي الآخر. وكل يدعو الآخر الى التخلي عن دينه الاساس والالتحاق بدينه هو.
لست عالما بالتاريخ، لكني ادعي انني قارئ جيد في الاديان.
أهم ما وجدت انها كلها، السماوية منها او تلك التي اوجدها خيال البشر، تحض على فعل الخير.
كلها تكاد تتشابه في وصاياها. كتلك الوصايا العشر التي في العهد القديم:
لا تسرق، لا تشتهي امرأة اخيك، لا تكذب، لا تشهد زورا، وهلم جرا من النصائح التي تحض على فعل الخير تجاه الآخرين.
وأنا اقرأ في كل ذلك افكر في العداء الذي نكنه لبعضنا، ومحاولاتنا المستميتة لاقناع الآخر بما نعتقده صحيحا، ودفعه بالقوة احيانا الى الايمان بما نؤمن به بالضرورة.
المسيحية تبشر الناس منذ بدأت، والاسلام يدعو الناس اليه كدين فطرة منذ اللحظة الاولى، ربما اليهودية وحدها ترفض ان يصبح الانسان يهوديا بالتحول اليها بقدر ما تريده ان يكون يهوديا بوراثة الدين عن ابويه.

لكن الحقيقة ان معظم الناس، في معظم الاديان، يؤمنون بما يؤمنون به من باب الوراثة لا الاقتناع.
الحقيقة الأخرى والأهم، ان معظم دعواتنا، وحروبنا، واعلان بعضنا الجهاد ضد ابناء الديانات الاخرى لدفعهم الى التمسك بديننا، كل ذلك لا يخلق اكثر من عنف معاكس وعداء يبعدنا يوما اثر يوم عن الآخرين.
وهنا اريد ان اقول بأننا لو تركنا كل انسان يمارس عبادته كما ينبغي، ويمارس دينه الذي يؤمن به كما ينبغي، وبأننا لو شجعنا كل انسان على ان يلتزم بوصايا الخير في دينه هذا، والتي تتشابه في كل الكتب السماوية، لأصبح المجتمع الانساني اكثر استقامة وحبا وسلاما.
عندما نقاتل المسيحي من اجل نشر الاسلام، او دفعه بالقوة الى الاسلام، فنحن بذلك ننشر شكلا من اشكال العنف ونعود الف خطوة للوراء.
وكذلك الحال بالنسبة للمسيحية التي أرهقت رجالها، ولا تزال، بمبدأ التبشير في اصقاع الارض، طمعا في دفع الناس الى الايمان بدين هو ليس بعيدا في وصاياه عن الوصايا الموجودة في المسيحية والديانات الاخرى.
عليه اكرر القول ان من الافضل ان نشجع الانسان على ان يتمسك بدينه الذي يؤمن به ويتلزم بما فيه، على ان نحاربه ليؤمن بديننا الذي نحن به مؤمنون. لأن الخير الذي يطلبه منا ديننا موجود في الديانات الاخرى.
في الغرب تنتشر الكثير من المساجد جنبا الى جنب مع الكنائس ودور العبادة اليهودية، بل والهندوسية والبوذية. انطلاقا من نفس المبدأ ان انغماس الانسان في خير دينه، يزيد من فعاليته في المجتمع، ويعمق مفهوم التسامح والحب.
من اجل ذلك لا ينبغي ان ننظر الى دور العبادة المسيحية او حتى اليهودية والهندوسية في عالمنا العربي والاسلامي على انها مراكز للكفر، بل هي مراكز عبادة تدعو الانسان الى الخير والعمل الصالح، ولكن بطريقتها هي.
لا ينبغي ان تهمنا الطريقة اذا، طالما تساوت النتيجة.
المسلمون واليهود والهندوس وحتى عبدة النجوم ليسوا شياطينا لأنهم ليسوا بمسلمين، ولا نحن شياطين ايضا لأننا لسنا على دين الآخرين.
نحن كلنا مؤمنون، وكل مؤمن يسعى الى الخير بطريقته.
كلما اقترب الانسان من الله تعالى، كلما ازداد الخير في نفسه. والله الواحد موجود في كل دين.
[email protected]