كنا ومنذ سنوات طويلة نتمنى لطاغية العراق الاشرس في التاريخ عقوبة تتناسب مع الجرائم المروعة التي نفذتها عصابته ضد ابناء الشعب العراقي على مختلف قومياته واديانه وطوائفه واثنياته. وكنا ننتظر يوم القصاص العادل مع ان اليأس عشش بأرواحنا لاستحالة قدرة الشعب الاعزل على مواجهة بطش النظام المتسلح بكل انواع الاسلحة ومغريات السقوط لالاف من العراقيين الذين صفقوا ونافقوا ومدحوا وتهافتوا على فتات موائد الديكتاتور وعصابته واصبحوا يده المجرمة الضاربة لقبر ابناء جلدتهم وابادتهم في اكثر من مدينة وقصبة من مدن وقصبات العراق من الشمال الى الجنوب..
اليوم تأتي عقوبة اعدام المجرمين بعد مايقارب اربعة اعوام للقضاء على نظام الحكم الديكتاتوري، وبعد ان خلفه حكما ضعيفا غير قادر على احلال الامن رغم استخدامه بعض اساليب الديمقراطية من انتخابات وسواها ورغم طرح شعارات حديثة للبناء والتطور، لكن الواقع اسقط بأيدينا حيث ان مايجري من فوضى وتقتيل وتدمير وتخلف وميليشيات تعيث بالعراق فسادا وتشعل نعرات طائفية وعشائرية وتسمح لفلول البعث من لعب دور خفي حقير لم يجعلنا نشعر باهمية صدور قرار اذلال الطاغية والحكم عليه بالموت رغم ان اعدام الطاغية يقطع الامل عند الواهمين المنتظرين عودة للنظام ولو ببرقع اخر.
كما ان المحكمة التي حاكمت الطاغية واعوانه لو وضعت جريمة غزو الكويت اولى الجرائم التي يحاكم عليها صدام والتي لاتقل عن جرائمه الاخرى التي يستحق عليها الاعدام حتما لكانت اكثر حكمة ولأسقط في ايدي الجهلة والمظللين والمنتفعين من العرب المدافعين عن صدام والمتأسلمين الذين يعتبرونه بطل الامة وفارسها المقدام الرافع راية الاسلام بوجه الكفرة على حد تعبيرهم..
لو ان اول جريمة يحاكم عليها صدام كانت غزوه للكويت، الدولة العربية المسلمة غير المعتدية والتي ماكانت تمتلك عتادا ولاسلاحا والتي غزاها نظام صدام بليلة ظلماء بوقاحة وتحد للعالم والانسان اينما كان , حيث عاث بارواح الناس وعبث بمقدراتهم بشكل همجي, ماذا سيقول المدافعون عنه من العرب القوميين الذين يشككون بجرائمه الاخرى كجريمة الدجيل التي يعطون بها الحق لصدام بمحو المدينة من خريطة العراق بسبب من محاولة اغتياله، وجرائم الابادة ضد الشعب الكردي التي ينسبونها الى ايران. وجرائمه ضد المعارضة العراقية التي قبرها بمقابر جماعية تضم رفات مئات الالاف من الابرياء التي يشككون بها ليزعموا انها رفات جنود هربوا من المعارك، اوجريمة اشعال الحرب ضد ايران التي يعتبرونها هي المعتدية وليس نظام صدام المدفوع وقتها من الولايات المتحدة التي سلحته ودفعته لاتون حرب اتت على النسل والحرث والزرع ووو..
ان قالوا في كل جرائمه الاخرى انها شان داخلي فماذا يقولون عن غزو الكويت؟ الجريمة التي لايمكن التعتيم عليها رغم اخفاءه لجثث الكثير من الابرياء من ابناء الكويت.وان كانت المعارضة العراقية كافرة وخائنة وعميلة وتستحق المقابر فماذنب اهل الكويت؟ وان كان الشعب الكردي عميلا للصهاينة كما يدعون وليس له ولاء للعرب فهل الكويت هي التي شردت الفلسطينيين وقتلتهم بعشرات المجازر منذ اكثر من نصف قرن؟
اليوم نحن ابناء العراق يؤذينا مانراه او نقرأه او نسمعه من بعض الجهلة بقضيتنا ودماء اخواننا وابنائنا، حيث يهتف اخوة لنا من العرب بحياة اكبر مجرم وطاغية دمر تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا واستباح مدننا ومص خيرات بلدنا، وحتى بعد ادانته امام العالم ورؤية ضحاياه باعينهم..
هل علينا اليوم ان نترافع امام الملأ لندافع عن انفسنا ونقنع اقرب الناس لنا من العرب، بأن قاتلنا يستحق الاعدام؟..
لماذا كل هذه القسوة ضدنا ونحن نستقبل الموت يوميا بالشوارع والمطاعم والساحات والمدارس؟
هل اربط الاجابة على سؤالي بنسبة الامية التي تتعدى السبعين بالمائة في العالم العربي؟
ام اربط هذه القسوة ضدنا بمليارات الدولارات التي بعثرها الطاغية وجوع الشعب حتى غدا النفط وبالا علينا لانعمة كما هو عند غيرنا من الجيران العرب؟
ام اربطه بحب الطغاة المتوارث عند العرب ربما منذ زمن الامراء و السلاطين العباسيين والامويين الذين جعلوا العامة من الناس عبيدا يقبلون احذيتهم ويدعون لهم بطول البقاء كون الامير ظل الله على الارض؟
قد تكون كل هذه وغيرها مجتمعة ونحن امام هكذا اسباب لا نملك سوى حصول المعجزة لنفتح اعيننا ونرى شعوب العالم كيف تعيش واين بلغ مستوى رقيها واحترامها لحقوق الانسان، لنتغير نحن ابناء العالم العربي ونثور على العقليات المتخلفة والاساليب الجامدة التي تسير بنا صوب الهاوية...
Email:[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات