نقلت وكالات الأنباء أن السيد بوش سيلتقي السيد رئيس وزراء (عراقنا المنكوب) نوري المالكي في المملكة الأردنية الهاشمية في نهاية الشهر الجاري، وهذا ربما اللقاء الثالث أو الرابع بين بوش والمالكي منذ أن تولى الأخير رئاسة الوزارة في العراق، ولسنا بصدد قراءة أو إسترجاع لمكاسب هذه اللقاءات بين الرجلين فيما يخص العراق، بل وفيما يخص السيد المالكي نفسه، بل نريد أن نستجلي نظريا ومن خلال مشاهد وملاحظات عملية عمّا سوف يقوله السيد رئيس الوزراء العراقي للرئيس الأمريكي بوش في هذا اللقاء الذي أعتقد أن السيد نوري المالكي كان يتطلع إليه بشوق وحرارة، ليس حبا في لقاء (صديقه العزيز/ وأخشى أن يقولها كما قالها السادات مع هنري كسينجر لأسباب جوهرية لا مجال الآن لذكرها )، بل لأن السيد المالكي يعاني من مشاكل جوهرية تُعْجزه عن إداء دوره الذي يتناسب مع موقعه، أي مع كونه رئيس وزراء دولة، والسبب كما يرى المالكي يكمن في الطرف الأمريكي، وليس في شخصيته القوية ولا في حكومته النموذجية ، وذلك رغم أن الرجل أعلن صراحة بأنه (صديق أمريكا) في العراق، ولست أدري هل يستتبع ذلك أن حزبه أيضا صديق أمريكا في العراق أم لا؟

ترى ماذا سيقول المالكي لبوش؟
أعتقد سيقول السيد المالكي لبو: إنه لا يرى أي معنى لهذا اللقاء، وإنما جاء للتغطية على أنه (حقا!) رئيس وزراء العراق فيما هو ليس كذلك على الأرض، وكما يقول الشارع العراقي صراحة! فأنا يا سيا دة الرئيس ليس لي صلاحية تحريك سرية عسكرية واحدة، وإذا ما تساهلت في الامر، فليس لي حق تحريك أكثر من فرقتين من الجيش العراقي، فيما دستوريا أنا القائد العام للقوات المسلحلة، وهذا يعني يا سيادة الرئيس اني رئيس وزراء شكلي، ويبدو إن رئيس الوزراء الحقيقي هو (كيسي) وليس أنا يا (صديقي بوش / أرجو أن لا يتورط السيد المالكي بهذه الصيغة في مخاطبة بوش بنصيحة من مسشاره السياسي!)، وأنت تعلم يا سيادة الرئيس أن الحكومة في العراق اليوم تتمثل في القوات المسلحة في الدرجة الأولى، ولا أعتقد أن أسباب ذلك غائبة عليك سيدي الرئيس.
سوف يقول المالكي لبوش : لقد إتفقنا أكثر من مرة يا سيادة الرئيس على أن يتولى رئيس الوزراء العراقي مسؤولية قيادة القوات المسلحة، وأن تكون تحركات القوات المتعددة الجنسية بامر وتوجيه القيادة العراقية الرسمية، ولكن يا سيادة الرئيس ما زال المخطط الإستراتيجي الامريكي (كييسي) هو الذي يملك عصب القرار، وليس (لصديقك) الجالس جنبك أي قرار نافذ بشكل واضح وكبير ويتناسب مع الموقع القيادي على القوات المسلحة العراقية، فكيف بالقوات المتعددة الجنسية؟!
سوف يقول السيد المالكي لبوش : سيدي أن الشارع العراقي يتساءل عمّأ قدمت حكومتي للعراقيين على مستوى المُشكِل الأمني، خاصة وكان المُشكِل الأمني أهم موضوعات حكومتي التي بشرت بها الشعب الكريم بمعالجتها وحلها، إن حكومتي سيدي (بوش) لم تقدم لحد الأن منجزا جوهريا كما قدمت حكومة علاوي وجعفري مثلا، ممّأ يحرجني كثيرا أما م الناس، ِويحرج حزبي وكتلتي، والسبب يا سيدي الرئيس أو من الأسباب الرئيسية هو بكل صراحة عدم وفائك بما وعدتني به يا سيدي الرئيس من دعم وإسناد ستراتيجيين.
سوف يقول السيد المالكي لبوش : هناك كلام إن أمريكا تدير أزمة في العراق، وليس في صدد حل أزمة، وتاليا، أمريكا تقوم بعملية إدارة الصراع وليس حل الصراع، فقواتك يا سيدي في الوقت الذي تقتل فيه الزرقاوي، تطلق سراح إرهابيين كبار تتمكن القوات المسلحة العراقية من إلقاء القبض عليهم، وتفسير هذه الإزدواجية سيدي الرئيس، أن القوات الأمريكية في العراق، وتاليا، أمريكا بالذات، تعمل وفق قانون إدارة الصراع وليس حله، فما السبب؟ وما هي الخلفيات الدقيقة وراء هذه السياسة الأمريكية الميحرة بالنسبة لي؟
سوف يقول السيد المالكي لبوش : لم أعرف يا سيادة الرئيس إلى هذه اللحظة عن خطط إمريكا وتصوراتها المستقبلية عن العراق، هل تنوي الخروج حقا، أم تفكر بإنسحاب تدريجي، أم تريد أن تعكف في العراق خارج المدن ولا تتدخل إلا عند الضرورة، أم سوف تتحاور مع إيران وسوريا للخروج بحل نهائي يريح العراقيين وكل شرفاء العالم، أم هناك حقا دعوة لإعادة إنتشار القوات الامريكية بما يتضمن زيادة عددها؟
لم أعرف وأنا الرجل الأول في العراق، بل وأنا (صديق أمريكا) كيف تفكرون وكيف تخططون وما ذا تريدون، وهل حقا أنتم في حيرة من أمركم؟
كل علمي يا سيادة الرئيس في هذه القضية المصيرة أستقيه من وسائل الإعلام، ومن بعض الأصدقاء، والمسشارون الذين يحيطون بي يهرعون إلى شبكة الإنترنيت أو بعض الصحف المهمة أو لبعض ما يكتب لهم الأصدقاء، وليجمعوا لي بين هذا وذاك بضع تصورات لا تغني ولا تسمن. فهل لك ياسيادة الرئيس أن تصارحني بالحقيقة، أم حقا أنك في حيرة كما تقول بعض الوسائل الإعلام المعروفة؟ إني معني يا سيدي الرئيس بمعرفة ذلك تفصيلا، كي أعرف كيف أتصرف، وكيف أعد الأمر بما يتناسب مع الحقيقة في هذا المجال فأرجوك لا تحرجني.
سيقول السيد المالكي للرئيس بوش : هناك همس في الشارع العراقي، بل كلام صريح، إن الإدراة الأمريكية يا سيادة الرئيس تسرب خبر مواقفها المستقبلية في العراق إلى السيد رئيس الجمهورية الطالباني سرا، وتعلمه عن مشاريعها التجريبية أو الحقيقية قبل أن تقدم عليها، وإن السيد رئيس جمهوريتنا يعلم بنواياكم ومخططاتكم في العراق قبل أن يعلم رئيس الوزراء، فهل هذا الكلام صحيح؟ وإذا كان ذلك صحيحا، فذلك يعني إختصار كل الحكومة العراقية في رئاسة الجمهورية، وإن رئاسة الوزراء أشبه بمؤسسة خيرية. بل هناك كلام يا سيادة الرئيس في الشارع العراقي يقول : أستوضحوا الموقف الأمريكي في العراق من خلال تصريحات السيد جلال الطالباني، وترقبوا ما يقول السيد الطالباني فهو يعبر إلى حد كبير عما ستقدم عليه أمريكا في العراق في الأيام المقبلة.
فإين هي حقوق الصداقة يا سيدي بوش؟