اشجع جدا أي حوار بين الاديان. بل اطالب به.
فنحن اليوم في زمن العالم الواحد. ومعظم صراعاتنا دينية، وما عاد بالمستطاع ان نعيش صراعا اكثر مما نحن فيه.
ولو كانت هناك كرة ارضية اخرى، لتقبلنا ان يعيش احدنا هنا، والآخر هناك.
الحوار اذا مسألة مصيرية، لا ترفيهية!
لكن الحوار بين الاديان شيء متقدم جدا. بل متطور جدا ليتنا ندركه. اذ انه اكثر تطورا من قدرتنا اليوم على تقبل الآخر. اكثر من قدرتنا على الاتفاق معه على طاولة اجتماع.
نحن ما نزال نتخبط في صراعات اختلاف مذهبي، لا اختلاف ديني.
نحن ما نزال نكره الشيعي. وما يزال الشيعي يكره السني.
من اجل ذلك لنبدأ اولا بحوار المذاهب، قبل حوار الاديان.
تحدث بعض كتاب ايلاف عن الموضوع بما يثير الاعجاب. وانتقدوا الفوارق التي نتعمد وجودها كي نخلق خصما، لمجرد انه آمن بما لا نؤمن به.
لا يمكن، لا يمكن، ان نحارب العالم اليوم بحجة دعوته للاسلام على سبيل المثال. فلسنا في عهد جهاد او غزوات.
بالمثل لا يمكن، لا يمكن، ان نحارب المقربين منا بحجة اختلاف مذهبهم عنا.
طريقان امامنا اذا: اما ان نتعايش مع الآخر، او نحارب الآخر.
لو بقينا في حالة حرب الف عام اخرى، فلن يتحول الشيعة الى سنة، ولن يتحول السنة الى شيعة.
والحقيقة انه لا فرق بين هذا وذاك الا في افكار يستغلها المتطرفون، ولمصالح شخصية، في معظم الاحيان.
اذا نحن امام البديل الثاني، وهو التعايش مع بعضنا البعض على ارض واحدة.
لكن، كي نتعايش لا بد ان نتفق على ان الاختلاف في المعتقد لا يفسد للود قضية. او هكذا ينبغي.
وحتى نتفق على ذلك يجب ان ننطلق في اي حوار من قاعدة الاحترام للآخر في كل ما يؤمن به، ولو كان ضد ما نحن مؤمنون به.
لا نستطيع ان نبدأ حوارا ينطلق من قاعدة أننا المصيبون وحدنا، والآخر هو المخطئ.
كيف يمكن ان تبدأ حوارك مع انسان، ولو كان شقيقك، وانت تقول له ان كل ما تؤمن به خطأ، وانا وحدي المصيب؟
يقول غاندي: لا ينبغي ان يحارب الانسان الآخرين تعصبا لدينه، بل ان يقتنع انه يمكن ان يجعل من دينه شيئا افضل. لأنه بذلك يرتقي بإيمانه الى درجة التسامح المطلق مع الآخر.
وحتى نصل الى تسامح كهذا، يجب ان نفهم ما يفكر فيه من يختلف عنا.
مشكلة الاختلاف المذهبي قد تقودنا كلنا الى جهنم لا نعرف كيف نطفئ نيرانها.
وليس تجنب هذه الجهنم بالامر الصعب ان استطعنا ان ننشئ جيلا قادرا على الحوار بعيدا عن التعصب والمصالح الشخصية.
يجب ان نبدأ من الآن. فلا نفرق بين احد.
ان نقرأ افكار الشيعة، وكتبهم، ونفهم فيما نحن عنهم مختلفون.
ان يقرؤا هم كتبنا، كي يكتشفوا فيما نحن عنهم نختلف.
عندها سنكتشف جميعا ان متفقون على ما نحن عليه مختلفون!
سنكتشف ان العداوة المذهبية والحرب الطائفية تتغذى بالجهل والاطماع الشخصية لا الايمان.
كل شعوب الارض تختلف عن بعضها اما في عقيدة او مذهب. واحترام الآخر فيما يؤمن به الوسيلة الوحيدة للعيش.
يجب ان نقترب من بعضنا الى اقصى حد. يجب ان يكون هناك انصهار وطني. انصهار انساني. لا يقف حتى عند حدود المصاهرة، بل يبدأ منها!

[email protected]