على خلفية أحداث الإسكندرية
(قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم.... ndash; الحجرات 14 )
لماذا بعض المسلمين والمتأسلمين يكرهون المسيحيين أكثر مما يكرهون غيرهم من أتباع ديانات أهل الأرض، وأكثر هؤلاء الكارهين الآثمين الأدوات، فقراء، كان من الأثوب لهم لو سعوا في رزق أبنائهم، وتأمين قوتهم، وتعليمهم. وجهلة أمييون لا يفقهون في علوم الحياة والدين؟
من يستغل جهلهم، ويزيف لهم، ويضللهم، ويحقن قلوبهم بالقار والبغضاء، ويحرضهم، ويوجههم للشر والعدوان عميا مخدرين؟
سؤال لطالما حيرني، وطالما حاولت أن أجد له إجابة منطقية مقنعة، فلم أستطع. ولعل مرد ذاك إن ما يقوم به هؤلاء المتأسلمون، والغل الذي يملأهم، لا يستند إلى عقل ومنطق وقوانين!
والأنكى من ذلك أن هؤلاء المتأسلمين حين يتوقفون عن عدوانهم، أو يستريحون لفترة، يدعون أنهم متسامحون! والمسامح كريم! أي أنهم عفوا عنهم! والعفو من شيم الكرام!
فما هي ذنوبهم؟ وما ارتكبوا؟
هل ذنبهم بقاءهم في أرضهم؟ أليسوا أصحاب الأرض الأصليين؟ أم ذنبهم إصرارهم على التمسك بدينهم؟ أليس هذا أيضا حق من حقوقهم ، بل من أبسط حقوقهم؟ أم أن هذا الحق ممنوع عليهم، مسموح لغيرهم؟
منذ نشأة الإسلام لم يحارب أبدا مسيحيو البلاد العربية والمعربة الإسلام والمسلمين. ولم يحملوا السلاح ضدهم. ولم يعتدوا يوما على أملاكهم. ولم يخطفوا بناتهم، أو يسبوا نساءهم، أو ينهبوا أموالهم. ولم يردوا يوما على الإساءات التي توجه لهم. بل ساهموا في نهضة العلوم والبلاد. وكانوا دائما في حالهم، مسالمين، حذرين، يتقون شر غيرهم، ويتقون غضب المسلمين. وأخلى أكثرهم بلاده مهاجرا، كي لا يسيء شكله لعيون الآخرين. ودفعوا الجزية صاغرين.
والتزموا بكل شروط العهدة العمرية.
فلم يحدثوا في ديارهم، ولا فيما حولها، ديرا ولا كنيسة، ولم يرمموا ما خرب من كنائسهم إلا بإذن خاص من أعلى المراجع.
ولم يحيوا منها ما كان خططا للمسلمين.
ولم يمنعوا المسلمين أن يدخلوها في ليل أو نهار.
ووسعوا أبوابها للمارة وأبناء السبيل.
ولم يأووا عدوا للمسلمين في كنائسهم أو دورهم.
ولم يكتموا لهم غشا.
ولم يعلموا أولادهم القرآن.
ولم يبشروا بدينهم في بلاد المسلمين، ولم يقبلوا منهم أحدا فيه.
ولم يمنعوا أحدا من المسيحيين الدخول في الإسلام إن أراد.
ويوقرون المسلمين، ويقومون لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس.
ولم يتشبهوا في شيء من ملابسهم، في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر.
ولم يتكلموا بكلامهم، وما تكنوا بكناهم.
ولم يركبوا السروج ولم يتقلدوا السيوف، ولم يتخذوا شيئا من السلاح ولا حملوه معهم.
ولم تجاور أمواتهم أموات المسلمين.
ويضربون نواقيس كنائسهم ضربا خفيفا كي لا يزعجوا أذن أحد.
وجزوا سابقا مقاديم رؤوسهم كما أمروا.
وشدوا الزنانير على أوساطهم.
ولزموا زيهم حيثما كانوا.
ولم يظهروا الصليب على كنائسهم.
ولم يظهروا كتبهم في طريق المسلمين أو أسواقهم.
ولم يرفعوا أصواتهم في القراءة في كنائسهم في حضرة المسلمين.
وأرشدوهم، ولم يطلعوا عليهم في منازلهم.
وقبلوا أن يرفع الله عن المسلمين يوم القيامة ذنوبهم ولو كانت أمثال الجبال، ويضعها عليهم.
ودفعوا الجزية أذلاء صاغرين.
فماذا بعد منهم يريدون؟
أن يدخلوا الإسلام مكرهين، غير مؤمنين، منافقين!
لماذا إذن كل هذا الكره الأعمى، والحقد الجنوني الدفين؟
أهي مسألة نفسية أم أخلاقية أم تربوية، أم عقول مستلبة، أم نقص في التكوين، أم غريزة العدوان؟ أم الكل مجتمعين؟
[email protected]
التعليقات