في الحادي والعشرين من نيسان الفائت لقي أوّل جندي أسترالي حتفه في العراق. ويقول عدد من الكتّاب الأستراليين أنّ الجندي المقتول وهو جاكوب كوفكو هو أوّل ضحايا حروب رئيس وزراء أستراليا جون هاورد الشكليّة، فالسيّد هاورد وضع الجيش الأسترالي على الأقل في خمس مناطق تشهد حروباً وقلاقل منذ تولّيه زمام السلطة قبل عشر سنوات، ومنها: الخليج العربي ـ الفارسي، شرق تيمور، أفغانستان، جزر سولومون والعراق. غير أنّ عديد القوّات الأستراليّة في كل من هذه المناطق هو رمزي، ممّا أعطى حضوراً لأستراليا على الساحة الدوليّة، ومكاسب جمّة، من دون أن تدفع ثمن ذلك دماً كثيراً، هذا بغضّ النظر عن الحقيقة الأخرى التي مفادها أنّ سياسة حكومة جون هاورد جعلتْ من أستراليا هدفاً للجهاديين الإسلاميين.
أغلب المعارك على أرض العراق يقوم بها الأميركيّون. ففيما تستلم عائلة كوفكو جثمان إبنها، كان الأميركيّون قد استلموا جثامين أكثر من 2400 جندي ينتمون إلى عائلات موزّعة على أغلب الولايات الأميركيّة خلال السنوات الثلاث الفائتة، أي منذ غزو العراق في الأوّل من أيّار من عام 2003. ويلاحظ كاتب أسترالي وهو بول شايهان أنّه خلال تسعة أيّام من مقتل كوفكو فقدَ الأميركيّون 17 عسكريّاً على أرض العراق وهم: مايكل فورد (19 عاماً)، ريتشارد هيريما (27 عاماً)، راي هنري (21 عاماً)، ميتو باندونيل (29 عاماً)، آرون سينمونز (20 عاماً)، روبرت أيني (26 عاماً)، جايسون دانيال (21 عاماً)، شاوان لاساويل (21 عاماً)، تارفيز زيمرمان (19 عاماً)، إريك ليوكن (23 عاماً)، كيلي كولنوت (23 عاماً)، إريك كينغ (29 عاماً)، جاكوب ألكوت (21 عاماً)، ماثيو ويبر (23 عاماً)، إدوارد دايفيز (31عاماً)، مايكل بوثون (19 عاماً) ... والمعدّل الوسطي لأعمار كل هولاء هو 23 ربيعاً.
ويضيف شايهان أنّ أكثر من 214 جنديّاً من جنود الحلفاء قد سقطوا على أرض العراق وأكثر من 18 ألف جريح من قوّات التحالف جميعاً بينهم آلاف من ذوي الجروح البليغة. بالمقابل فقدْ خسر العراق حوالي خمسين ألف إنسان بين مدني ومقاتل (ويُقال أنّ العدد أكبر)، وأكثر من مائة ألف جريح، ومئات الآلف من المهجّرين، والملايين من المنكوبين. quot;وكلّ هذا لأنّ الرئيس الأميركي جورج بوش قد استغلّ أحداث الحادي عشر من أيلول سنة 2001quot;.
ويتساءل كتّاب أستراليّون: أحقّاً هذه الحرب هي حرب على الإرهاب؟ أحقّاً هي من أجل الديمقراطيّة والحريّة للعالم الإسلامي؟ أحقّاً هي ضدّ خطر الأسلحة النوويّة والكيمياويّة؟ أحقّاً هي من أجل النفط؟ أحقّاً هي انتقاماً لهزيمة بوش الأب السياسيّة في العراق بعد النصر العسكري؟. شرائح أستراليّة واسعة عارضت وتعارض شنّ الحرب على العراق، ومقتل جاكوب كوفكو (خبير أسلحة وقنّاص محترف) في ظروف غامضة يجدّد المناظرة بين الأستراليين حول معنى هذه الحرب التي باتت تضغط في هذه الأيّام أكثر وأكثر على خناق مستقبل جون هاورد السياسي.
[email protected]