الإغتيالات الغامضة!

ماذا يجري في البصرة ؟ و كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد من الإحتقان الدموي والتصارع الشرس بين الأطراف الدينية والعصابات الطائفية، ومكاتب المقاولات الدينية التابعة لمرجعية (السيستاني) والتي هيمنت حتى صادرت الحياة والناس والمجتمع في البصرة، وألقت كلكل التخلف والعشائرية والطائفية بصيغتها البدائية والمتخلفة على صورة المحافظة التي كانت في يوم ما ليس ببعيد في طليعة المدن العراقية النابضة بالحضارة والتقدم والحياة والإنفتاح،ورئة العراق السياسية والحضارية والثقافية قبل أن تلتهمها نيران الحروب العبثية البعثية وتغزوها عشائر (الهكسوس) الجدد من المتخلفين والبدائيين والقتلة والرعاع وسقط المتاع !.

ما قصة الإغتيالات الغامضة ؟ وما حكاية التهجير الطائفي ؟ وما هي أساطير النهب والشفط واللهط النفطي ؟ ومن يقف ورائها ؟ وما حكاية صراع ممثلي المرجعية الدينية الشيعية مع المحافظ الذي يمثل (حزب الفضيلة وشركاه) ؟ وأين يقف المجلس الأعلى (جماعة الحكيم) من جولات الصراع المحتدمة في البصرة اليوم وحروب العمائم المسيسة تجار المقاولات الدينية التي تبني مواقعها المحصنة وتنهب ما تيسر من ثروات العراق، وتعمل بجد وفاعلية لتقريب يوم (خراب البصرة) الشامل الذي لم يعد مثلا يضرب، بل أضحى لعنة تاريخية حقيقية ومؤسفة! دون أن تنسى تلكم الجماعات تعزيز مواقعها الدفاعية في شركات ومكاتب النهب والسمسرة المقامة في بعض دول الجوار؟.

إنها حكاية النهب المنظم والواسع التي سأبدأ بسرد وعرض بعض ملامحها وتجلياتها عن طريق عرض سلسلة من المعلومات الشيقة والحقيقية والمثيرة من مسرح الأحداث بغرض عرض الحقيقة أمام الجماهير العراقية والعربية، ولكي تعلم كل الأطراف حدود مسؤولياتها.. وإليكم الحلقة الأولى من (حروب الجمل) البصرية الحديثة، لتطلع الدنيا على جزء يسير من مآسي العراقيين، والكوارث التي سببتها الجماعات الدينية والطائفية المتسيسة، ولا هدف لدينا سوى معرفة الحقيقة والحقيقة وحدها، وفي حلقة اليوم سنتحدث عن الإغتيالات الغامضة التي جعلت أحد المسؤولين العراقيين يصرح بأنه في كل ساعة يقتل أحدهم في البصرة ؟ فمن المسؤول ؟ ومن الجاني ؟ هذا ما سنحاول تقصيه رغم وعورة الطريق....

إغتيالات بالجملة
من المعلوم أن محافظة البصرة كانت من أهدأ مناطق العراق في المرحلة التي أعقبت سقوط النظام البعثي البائد وكان أهلها يتفاخرون بتلك الحالة ويتأملون خيرا من ورائها ويتطلعون ليوم إعادة البناء والتشييد ومغادرة قطار التخلف، فالبصرة بكل سماتها وثرواتها وموقعها لا تختلف في شيء عن المحيط الخليجي المجاور!، بل أن لها من السمات ما لم يتوفر لغيرها، ولكن للأسف ذهبت كل تلك الآمال أدراج الرياح بعد تنفيذ المخططات الإستخبارية لدول الجوار وخصوصا النظام الإيراني الذي كان يعد العدة ويجهز الجماعات والفرق، ويرسل بعثات الموت الطائفية ويدعمها بكل الوسائل التخريبية مستغلا حالة الفراغ السياسي والأمني، وقد نجح في مخططه لحد بعيد لأسباب موضوعية وذاتية معروفة للجميع، وبعد تشكيل الحكومة الإنتقالية في العراق تغلغلت العصابات الدينية والطائفية وتشكلت الميليشيات المسلحة الفوضوية كجيش المهدي الصدري أو عصابات (ثأر الله) الإيرانية وكذلك (بقية الله)!! و(حزب الله) بفرعيه!! وبقية الجماعات العشائرية والطائفية المتخلفة، كما حفلت البصرة ومدن الجنوب بالعصابات الإجرامية الهادفة للسلب والنهب والعائدة لبعض العشائر القاطنة في شمال البصرة والتي جعلت من سيادة الجريمة المنظمة عنصرا من عناصر الحياة اليومية في الجنوب المضطرب!، وبعد هيمنة (حزب الفضيلة) على محافظة البصرة وهو لم يكن يمتلك ميليشيات مسلحة!! قام المحافظ بتكليف شقيقه (أ) بتكوين فرقة خاصة تقوم بقتل رؤوس العصابات وتطهير المنطقة وخصوصا الخط السريع (البصرة / الناصرية)! وهي خطوة إستساغتها الجماهير مؤقتا! ولكن دخول جماعات متنافسة أخرى على الخط وخصوصا من (فيلق بدر)!! وهو كما يعلم الجميع تنظيم إيراني الهوى والولاء والتكوين والدعم قد جعل الصورة تنقلب وحيث نفذت عمليات إغتيال شملت ضمن ما شملت تصفيات طائفية ضد (أهل السنة) وضد بعض الأساتذة الجامعيين، وبعض كبار الشخصيات البصرية وحتى باعة الأشرطة الموسيقية والحلاقين وأناس أبرياء بهدف أثارة الرعب وخلق عوامل توتر طائفية خدمة للمشروع التخريبي الإيراني في العراق و بإعتبار الساحة العراقية خط الدفاع الإيراني الأول في المواجهة ضد الغرب!!، والأخطر من كل شيء هو حرص بعض الأحزاب المرتبطة بالنفوذ الإيراني على نشر الإشاعات حول النية في قتل أهل السنة الذين يشكلون نسبة كبيرة في أقضية الزبير وأبي الخصيب وعموم البصرة وكانوا يعيشون في ود وتلاحم مع إخوتهم الشيعة دون مشاكل قبل التغلغل الإيراني المرعب، هذه الإشاعات قد أدت لتهجير وهروب العديد من السنة وكذلك حصل مع الشيعة في مناطق أخرى وبهدف مركزي من الأحزاب الطائفية محوره التسابق على الأصوات الإنتخابية مستقبلا!!، وهي لعبة خطرة ولكنها أسست لتوتر طائفي خطير، وفي المقالات القادمة سنضع النقاط على الحروف أكثر لنتوغل في مقاولات المرجعية الدينية ودورها في عمليات الإرهاب والشفط والسرقة... إنها صفحات سوداء ومحزنة من التاريخ العراقي المعاصر ينبغي أن تسلط عليها الأضواء الكاشفة لمنع خفافيش الظلام من طائفيين وتكفيريين وقتلة من تدمير العراق، فلا قدسية لأحد، وسنواجه القتلة وبأسمائهم الصريحة العارية مهما كانت كلفة المواجهة.. إنها أمانة التاريخ... فترقبوا الحلقة القادمة.

[email protected]