الملتقى الإعلامي الكويتي الثالث في القاهرة
ليس غريبا أن تكون الإنطلاقة الإعلامية الخليجية و الكويتية الجديدة ذات طابع قومي شامل منفتح على الشعوب العربية ومخاطبةا العقول بسياسة تعامل مباشرة، فقدر الشعوب العربية في الخليج العربي الدائم كان ولا يزال الإرتباط الصميمي والفاعل في القضايا والملفات العربية الساخنة منها أو المؤجلة، وهو قدر مصيري لا فكاك منه، فمنذ بداية عصر الإستقلال والتحرر الوطني كانت الكويت و كان الخليج أرضا وموطنا وساحة لكل العرب، وكانت الدبلوماسية الكويتية التي صاغ مفرداتها ورسم ستراتجيتها وحدد معالمها سمو أمير دولة الكويت الحالي وأقدم وزير خارجية عربي سابقا الشيخ صباح الأحمد الجابر هي دبلوماسية عربية الوجه واليد واللسان، حاملة لواء العروبة المسؤولة والإنسانية وقضاياها، وجاعلة من الكويت الصغيرة بقعة ضوء وإشعاع حضاري في الزاوية الشمالية الغربية للخليج العربي، وبلسما لجراح العرب النازفة في مسلسل الصراعات العبثية الطويل والمتوالي منذ مرحلة الستينيات الإنقلابية مرورا بحقبة السبعينيات الإنفجارية والثمانينيات الملتهبة والتسعينيات العاصفة، وقد وقفت الكويت سياسيا وإعلاميا في وجه العواصف والتيارات التي هبت على المنطقة وكان الإعلام الكويتي طيلة تاريخه ورغم كل الأزمات إعلاما عربيا مسؤولا ومعبرا عن قضايا الأمة في وقت كان يلف الأمة فيه صمت الحملان! وكانت الدكتاتوريات العربية وإعلامها البائس يطبق على الصدور ويمنع حرية المعلومات ويحصي على الناس أنفاسها!! فكان الإعلام الكويتي خارج ذلك السياق والتصنيف المتخلف، وخلال أزمة أيلول عام 1970 والصراع الشهير بين المقاومة الفلسطينية والحكومة الأردنية وقفت الدبلوماسية والإعلام الكويتي وقفة تعبوية متميزة، وكان الدور الكويتي الفاعل في مؤتمر القاهرة الشهير الذي شهدت خواتيمه رحيل الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، كما كانت الكويت حاضرة وبقوة ونشيطة وفاعلة في وقف نزيف الصراع بين شطري اليمن ( قبل الوحدة ) وشهدت أرضها وساطة كويتية فاعلة عام 1979، دون الحديث عن الدور الكويتي الفاعل في إيقاف التداعيات في لبنان وتهدئة وإطفاء النيران على الحدود المغربية / الجزائرية الملتهبة ! وفي كل بقعة أرض عربية، فاليد الكويتية التي تبني وتنشأ الشوارع والطرق في أقاصي المغرب هي نفسها التي تبني السدود والجامعات في اليمن، وهي نفسها التي تمول النشاطات الزراعية في مصر... والإعلام الكويتي هو أحد أدوات التواصل والعطاء الكويتية المعروفة.
وعودة الملتقى الإعلامي الكويتي إلى صدارة المشهد الإعلامي العربي بعد توقف دام أكثر من عام هو تكريس للكويت الجديدة ومؤسساتها، فمنذ عقد الملتقى الأخير في إبريل 2004 في الكويت جرت مياه عديدة تحت كل الجسور، وحدثت متغيرات كبرى على كافة الأصعدة القومية والإقليمية والدولية، وفي الكويت ذاتها تواصلت عملية البناء والتحديث وتطوير المؤسسات وبما يتناسب والمرحلة الجديدة ومتطلبات الوضع الإقليمي والدولي، وإنطلاقة الملتقى الإعلامي الكويتي من على ضفاف النيل الخالد و التي حدثت خلال يومي 22 و 23 نيسان/ إبريل يمثل نقطة تحول مهمة وإنعطافة جذرية في أساليب الإنفتاح الإعلامية والتواصل مع الشعوب العربية ونقل الصورة الكويتية والخليجية نحو العالم العربي أمر فيه من التجديد والتطوير الشيء الكثير ويعبر عن قدرات إعلامية خلاقة في تعزيز العمل الإعلامي العربي، وخلق قواعد قوية للحوار والتواصل بين الإعلاميين العرب، والخروج من حالة التقوقع والإنغلاق نحو آفاق الحوار وتعزيز أسس التفاهم والتواصل في زمن اختلطت فيه كل الأوراق والرؤى، فالأعلام قد أضحى اليوم بمثابة سلاح دمار شامل لدى قوى التخلف والدمار، وأداة تطوير مهمة لمن يروم الإصلاح والسلام، فبالإعلام تتسيد وتشيد وتترسخ العلاقات بين الأمم والشعوب، وبنفس السلاح تسود الفوضى والتوتر، والكويت وهي تواصل مرحلة التفاهم وتعزيز البناء والتقارب بين الشعوب العربية والعالم انطلقت من ساحة البداية العربية من مصر في الملتقى الإعلامي الثالث والذي أختتم أعماله بنتائج وتوصيات مهمة لمرحلة العمل القادمة لتحمل رسالة حب وتواصل للشعوب العربية.. وهو الهدف الأسمى للكويت قديما وحديثا.
ورغم أن الظروف العامة والأجواء المحيطة بالملتقى لم تكن ظروفا مثالية إلا أن مجرد عودة ذلك الملتقى يمثل زخما وانطلاقة إعلامية معبرة، ولعل من أهم النتائج التي خرج منها ذلك الملتقى هو تقدم مملكة البحرين بعرضها الكريم لاستضافة أعمال الملتقى الإعلامي الرابع الذي سيعقد في المنامة خلال شهر أبريل/ نيسان من العام 2007 وحيث تتهيأ مملكة البحرين في عهدها الجديد لسلسلة من المتغيرات الداخلية الإيجابية المهمة من انتخابات عامة وإصلاحات كبرى وتطورات في مختلف المجالات وبما يعزز الأمن والسلام الإقليمي ويخلق قواعد واعدة للرخاء والاستقرار والتقدم رغم دقة وحراجة الظروف السياسية العامة المحيطة بالمنطقة الخليجية، ولا شك أن انعقاد الملتقى الإعلامي الرابع القادم تحت الرعاية الملكية الكريمة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة سيمثل نقلة نوعية وظاهرة متميزة من ظواهر تطوير العمل الإعلامي العربي، فالبحرين أرض الحضارة و الأصالة والعطاء ستكون على موعد مع التاريخ والتطور والولوج لعوالم التنمية الشاملة للإنسان أولا وأخيرا، ولا شك أن الجهود التي بذلها رجال الإعلام البحريني في أروقة ملتقى القاهرة كانت جهودا طيبة وأصيلة تفصح عن مدى طيبة وأصالة الإنسان البحريني، فكان معالي الشيخ خليفة بن عبد الله بن محمد آل خليفة الوكيل المساعد لشؤون الإعلام الخارجي كريما ومعطاءا وهو يتواصل مع أهل الإعلام العربي، وكان معالي السيد نبيل يعقوب الحمر المستشار الإعلامي لجلالة الملك شعلة من النشاط والتميز، كما كان الوفد البحريني الذي ضم رؤساء تحرير صحف الوطن والميثاق وغيرها يشكل حالة من التألق وهو ما سيوفر لملتقى البحرين الإعلامي القادم فرصة نجاح حقيقية نتمناها جميعا، فشكرا لجهود الخيرين التي جعلت من لقاء الإعلاميين العرب حالة تواصل حضارية تحتاجها الأمة العربية كأشد ما تكون في ظل الظروف المعروفة.. وإلى اللقاء في.. المنامة حيث تتعانق الأصالة والخير والعطاء.
التعليقات