عندما كتبت في العام 2003 مقالاً مؤيداً خلافة جمال مبارك للرئيس مبارك، لم أكن أمزح، أو أتقرب لجمال مبارك الذي لا أعرفه وقد لا أعرفه، وإنما كتبت ذلك انطلاقاً من قناعة أنه يوجد الآن في مصر سياسيان ذوي مصداقية إقليمية ودولية، هما الجنرال عمرو سليمان رئيس المخابرات العامة، وجمال مبارك. وللحق أقول إنني قرأت في جريدة quot;هآرتسquot; الإسرائيلية منذ أكثر من خمس سنوات مقالاً جاء فيه:quot;أن تل أبيب وواشنطن يرشحان جمال مبارك لخلافة والدهquot;. وقد عاتبني أصدقاء مصريون ممن أعتز بصداقتهم قائلين لي quot;كيف أنك كاتب ليبرالي وتنادي بالديمقراطية وترشح جمال مبارك لخلافة أبيه، أنت إذن مع التوريث؟quot; قرأت مؤخراً في الصحافة العربية والعالمية أن جمال مبارك زار واشنطن والتقى نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، وهو كما يعرف المطلعون على السياسة الأمريكية ليس الرئيس رقم 2 ، بل هو الرئيس الحقيقي، ثم التقى كذلك وزيرة الخارجية كوندليزا رايس، وأبى الرئيس بوش إلا أن يفتح باب مكتب كوندليزا رايس ليسلم على جمال مبارك كما قال مراسل quot;جون أفريكquot;. هذا يعني أن جمال هو مرشح الولايات المتحدة الأمريكية. والأصدقاء المصريون الذين عاتبوني على quot;ترشيحيquot; جمال مبارك يعتبرون مواقف بوش ورايس وتشيني شبه مقدسة ...عندما قرأوا مقالي لم يكونوا يعرفون أن جمال هو مرشح واشنطن وإلا لما احتجوا عليّ ... أما الآن وقد عرفوا، ولا شك أن البيت الأبيض يرشح جمال لخلافة والده، فهل سيعتبون على بوش هذه المبادرة أم أنهم سيصمتون صمت الرضا؟!.
أرجو أن أعرف رأيهم الآن كما عرفت رأيهم في مقال ليقبل ثلاث سنوات؟ وأسألهم بكل محبة إذا كان quot;ترشيحquot; جمال مبارك صادراً عن أشرف عبد القادر فهو quot;كفر سياسيquot;، أما إذا كان صادراً عن سيد البيت الأبيض فهو عين الحكمة وبعد النظر. إلى متى نبقى نحكم على الحقيقة من خلال الأشخاص بدلاً من أن نحكم على الأشخاص من خلال الحقيقة؟.
أقول لصديق أعزه كثيراً وأعتبره بفكره هرماً رابعاً من أهرامات مصر رداً على مأخذه عليّ quot;كيف أؤيد التوريثquot;المناقض لمبدأ الانتخاب الديمقراطي؟ أقول له إن الديمقراطية ليست مطروحة الآن على جدول أعمالنا في مصر،فما أبعدنا عن الديمقراطية، وصدق أسامه الباز، كيسنجر مصر، عندما قال:quot;إن أمام مصر والديمقراطية مشوار طويلquot;،وما أبعد العالم الثالث عنها، المختصون في الديمقراطية يقولون أن توطينها في بلد يسوده الفقر والأمية والجهل والتعصب الديني شبه مستحيل، وأن توطينها في بلدان أوربا تطلب ثلاثة أجيال، أي 75 عاماً... المطلوب الآن في مصر هو حكم يضمن الإستقرار لكي تأتي الاستثمارات عسى أن تشّغل جزءاً من الـ15 مليون عاطل عن العمل، وأن نقضي على الإرهاب، وأن نقطع الطريق على صعود هتلر مصر محمد مهدي عاكف إلى عرش الفراعنة لكي يعيث فيها فساداً ... هذا ما نطلبه الآن من جمال مبارك أو من الجنرال عمرو سليمان إذا خلفا الرئيس مبارك، فاستقرار مصر وإزدهارها مقدم على الشعارات، سواء أكانت الديمقراطية أو الإسلاموية. فلا فرق عندي بمن يقول أن الديمقراطية هي اليوم الحل في مصر، أو أن يقول هتلر مصر محمد مهدي عاكف quot;الإسلام هو الحلquot;، وطظ في مصر .. وطظ في شعب مصر... فأمن مصر وازدهارها وأمنها هو أولى الأولويات، والقضاء على الفقر، والجهل،والأمية، والإرهاب، مقدمة على الديمقراطية.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات