قبل سنتين تماماً وتحديداً في 27 أيار quot;مايوquot; 2004م كتبت مقالاً مطولاً بصحيفة الحقائق الصادرة من لندن تحت عنوان quot;لاجاكم شر سمو الأمير سلطانquot; وأتذكر حينها أنني ترددت كثيرا قبل أن اكتب ذلك المقال لأني كنت اعرف مسبقاً انه سيجد الكثير من التأويلات والتفسيرات والتحليلات النفسية والنميمة الصحفية التي لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب quot; كما يقال quot; وفعلاً وجدت الكثير منها وأولها من الزميل منير الماوري الذي فاجأني صباح اليوم التالي على الماسنجر بقوله إن الأمير سلطان قرأ مقالي وتباخر quot;شفاه اللهquot; وانه يشكرني كثيراً quot;يعني الأميرquot;.
وكانت مناسبة ذلك المقال عندما كان سمو ولي العهد السعودي طريح الفراش في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة اثر عملية جراحية أجريت له آنذاك وتكللت بالنجاح ولله الحمد وغادر المستشفى يوم الجمعة 21 أيار quot;مايوquot; 2004م ليبقى بعدها في فترة نقاهة قاربت الشهر وهاهو اليوم بين أظهرنا في اليمن، هذا البلد الذي أحبه الأمير سلطان وعشق شعبه الأمير سلطان وكان اقرب الأسرة الحاكمة السعودية إليهم على الدوام، وهذا ما اشتهر به كثيراً خصوصاً لدى المغتربين اليمنيين في السعودية الذين كانوا يتوجهون إليه في حل مشاكلهم وتيسير أمورهم أيا كانت سواء أمنية أو مادية أو مساعدات مرضية أو أي شئ آخر، وكان معروفاً لدى الجاليات العربية أن الأمير سلطان quot;عم أبو يمنquot; كما قالها لي ذات المرة الزول عثمان موسى الذي كان جاري في السكن بمدينة الطائف.
ولأنني لا أجيد فن الإطراء والمديح السياسي سأورد المبررات التي جعلتني أفكر quot;مجرد تفكيرquot; في كتابة هذا المقال والترحيب بسمو ولي العهد السعودي وأول تلك المبررات رد الجميل الذي لازلت احمله أنا وإخواني تجاه الأمير سلطان إلى اليوم عملا بقول الرسول صلى الله علية وسلم quot;من لا يشكر الناس لا يشكر اللهquot;، إضافة إلى عدد من المواقف الإنسانية التي لن تمحى من ذاكرتي وسأذكرها سريعاً في نقاط مقتضبه.. ذكرا لمحاسنه، ووفاء له، وعرفانا بجميله، وترحيباً به بين أهله ومحبيه وفي وطنه الأول وليس الثاني باعتبار أن اليمن مهد العروبة الأول. الموقف الأول كان لقائي به في مدينة الطائف عام 1981م وكنت حينها في الصف الأول الابتدائي وعمري آنذاك لا يتجاوز الست سنوات حينما جاء نيابة عن الملك لتسليمنا جوائز تحفيظ القران الكريم..
أتذكر انه وصل إلى إدارة الجماعة الخيرية لتحفيظ القران الكريم quot; كما كان اسمها آنذاك quot; في مسجد بن درويش بالشهداء وهو حي معروف بمدينة الطائف، بهدف الزيارة وتفقد أحوالها قبل حضور الاحتفال. كنت حينها أؤدي البروفة النهائية لقراءة الآيات الأخيرة من سورة المزمل لكي اقرأها في افتتاح الحفل الذي أقيم تلك الليلة في جامع العباس بالطائف..
عندما سمعني وأنا أرتل تلك الآيات وقف صامتا خاشعا إلى أن انتهيت من التلاوة ثم سألني كم تحفظ من القران فقلت له خمسة أجزاء وسألني عن اسمي وكيف حفظت القران ثم ادخل يده في جيبه واخرج ألف ريال سعودي وسلمني إياها quot; وهي بالمناسبة اكبر من الجائزة التي استلمتها في الحفل حيث كانت 500 ريال فقطquot;.. كان هذا الموقف دافعا لي وحافزا لمواصلة حفظ القران الكريم بالإضافة إلى انه أول الخيط الذي جرّني وجعلني أحب هذا الرجل وارسم له صورة باهرة عليها هالة من النور وبالتالي صرت احزن لمرضه واضحك تلقائياً إذا رأيته يضحك على شاشة التلفزيون.
أما الموقف الثاني فكان عندما أصيب والدي بمرض السرطان في المعدة عام 1989م أجاركم الله من كل مكروه، فذهبت إليه بمعية احد خواصّه المقربين ويدعى quot; حسن السّنديquot; وقدمت له تقارير الأطباء وذكّرته بالموقف السابق عام 81 م وفور اطلاعه على التقارير أحسست بيده الحانية تربت على كتفي وقال الله بيشفي والدك إن شاء الله ثم أعطى توجيهاته بعلاج والدي رحمه الله على نفقته الخاصة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، وقال في توجيهه quot;إذا استدعى الأمر فيتم نقله إلى الخارجquot;.. وفعلا فقد ادخل الوالد رحمه الله إلى المستشفى التخصصي وتلقى علاجا مكثفا لمدة سنة تقريبا لكن الأجل المحتوم نزل، وقضاء الله لا راد له فله الحمد على كل حال..
الموقف الثالث كان دوره الكبير رعاه الله في تخفيف آلام أسرة يمنية أخرى والقصة دون ذكر الأسماء : أن احد الشباب بترت ساقه وأصيبت الثانية، عاد لأهلة دون أطراف سفلى، الأمر الذي سبّب لهم صدمة كبرى وكادت أن تكون مأساتها الدائمة، لان هذا الشاب هو العائل الوحيد لأسرته بعد موت والده.. وبينما هو في تفكير شديد وهم وغم تذكر أحاديثه مع بعض الشباب السعودي الذين كانوا غالبا ما يذكرون الأمير سلطان وحبه للخير ومساعدة المحتاجين، فأرسل رسالة وأرفق بها صورته وبعض الوثائق، وبعد أربعة أشهر تقريبا إذ بأحدهم يهاتفه ويطلب منه مقابلته في مكان معين في صنعاء لتسليمه رسالة من الأمير سلطان.. فرح ذلك الشاب وذهب إلى الموعد المحدد وكان ينتظر أن يكون مبلغا من المال فإذا به يفاجأ بان هناك سيارة نوع quot; هونداquot; خاصة بالمعاقين وتقاد باليدين فقط دون استخدام الأرجل.. وبهذه السيارة وفّر سموه لهذه الأسرة رعاية حانية حيث أصبح هذا الشاب يشتغل عليها كـquot; أجره quot; ويعول أسرته منها.
الموقف الرابع يعتبر رأي النخبة السياسية حيث كنت مدعوا للعشاء عند سمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي حاكم الفجيرة بالإمارات العربية وكان أول لقاء تعارف بيننا بعد أن تم تعييني مديراًً لمكتب صحيفة الخليج في المنطقة الشرقية والفجيرة من ضمنها ة أواخر العام 2001م، وبالمناسبة فهو من الشخصيات القليلة التي تتمتع بحضور سياسي بارز في الإمارات وخارجها حيث كان ينوب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله في اغلب الفعاليات الخارجية، بالإضافة إلى انه يتمتع بأريحية متناهية، وبعد أن عرف الشيخ حمد بأني تربيت في السعودية ودرست فيها دراساتي الأولى quot; الابتدائية والإعدادية quot; وكعادة النخب السياسية لا تسأل إلا عن ما يوازيها، فكان سؤاله الطبيعي من اعرف من الأمراء في السعودية..

فقلت له إني لا اعرف أحدا معرفة شخصية لان سني حينها لا يسمح لي بالتعرف عليهم لكني تشرفت بالسلام على الأمير سلطان بن عبد العزيز والأمير ماجد بن عبد العزيز والأمير سعود بن عبد المحسن، وحكيت له ظروف السلام عليهم وأين وكيف تم ذلك.. فلفت نظره الأمير سلطان الذي بدأ يُعدد محامده كثيرا ويثني عليه، الأمر الذي حفزني وشجعني وجعلني انتهز الفرصة لأرد شيئا من الجميل لاسترسل في ذكر محاسن الأمير سلطان ومواقفه معي شخصيا..
بعد ذلك أثنى عليه كل من في المجلس الرمضاني وفاح ذكره فيه حتى طغى على رائحة العود التي كانت تنفح من المباخر الجميلة في ديوان سمو حاكم الفجيرة..
لهذه المواقف التي اعرفها وعايشتها ولغيرها من المواقف التي سمعت عنها كتبت هذا المقال ترحيباً بطيب الأصل وسلطان الخير بين أهله وإخوانه وعشيرته وأصوله وأرجو أن تكلل مساعيه في تأصيل وتمتين العلاقات اليمنية السعودية بالنجاح.

[email protected]