مصرع الخارجي المجرم الأردني (أحمد فضيل الخلايلة) المعروف بإسم (أبو مصعب الزرقاوي) كان نهاية حتمية لمرحلة عبثية سوداء إختلطت فيها الألوان، وحاول الزرقاوي خلالها إستدعاء منابع الفتنة الكبرى من غياهب التاريخ ليصول ويجول في الساحة العراقية المنهكة، ويحاول إحياء فتنة طائفية سوداء بين مكونات الشعب العراقي المتعايشة عبر العصور والدهور لم ترتد نتائجها السوداء سوى لنحره وجماعته ومريديه من الجماعات والأحزاب والفضائيات والشخصيات الإعلامية، وإذا كان مصرع الزرقاوي يمثل تحصيل حاصل لمجرم خبيث ومنحرف الفكر والسلوك، فإن ذلك المصرع قد أزاح الأقنعة نهائيا عن التلبيس والخداع والنفاق السياسي وأثبت على الملأ حقيقة الجماعات والأحزاب التي تتدثر بالإسلام ومبادئه السمحاء و تخفي تحت جلودها ذلك الكم الهائل من الشحن الطائفي والحقد والكراهية والفاشية الحقيقية ذات النوازع التدميرية... لم أستغرب موقف قناة الجزيرة النادب واللاطم لأن شبيه الشيء منجذب إليه، ولأن تلك القناة بسياستها العوجاء قد تعرت تماما منذ زمن ولم تعد كل مساحيق الدنيا تكفي لإخفاء تجعدات وجهها الإرهابية مهما تدثرت بشعارات الحرية المعلوماتية وبأسطورة : (من حق الشعوب أن تعلم)!! كما أنني لم أفاجأ بمواقف بعض ذوي الوجوه الصفراء في الصحافة العربية من الذين يتعيشون على التناقضات ويحاولون ركوب موجات البطولة المزيفة وهم في مواقعهم الأوروبية الحصينة يبثون الكراهية، ويدافعون عن القتلة ويحتمون بمظلة حقوق الإنسان وحرية التعبير!!، ولكن مبعث المفاجأة الحقيقية كان في موقف (حركة حماس) التي تصورت واهما أن وجودها في السلطة ومعاناة الشعب الفلسطيني وتعاملها مع الوقائع الحقيقية قد وفرت لها حكمة معقولة تستطيع من خلالها الخروج من حالة الحصار القاتل والتي تطحن الشعب الفلسطيني الصابر.. ولكن خاب ظني وأثبتت سلطة حماس أنها بحماقاتها لم تختلف عن حماقات القيادة الفلسطينية خلال أزمة إجتياح وغزو الكويت حينما وقفت تلك القيادة مع القتلة وتشمتت بالضحية وإنساقت وراء شعارات الشوارع التدميرية الأمر الذي دفع معه الشعب الفلسطيني أثمانا مضاعفة لم تكن ضرورية ولا حتمية ولا واجبة الدفع... المشكلة أن بيان حماس ونعيها (لشهيد الأمة) المجرم الزرقاوي قد حفر أخدودا عميقا في العلاقة مع الشعب العراقي برمته! كما أنه أضاف لأعداء الشعب الفلسطيني ألف سبب وسبب لإطالة معاناته وتطفيشه من أرضه والإمعان في تدميره، ويبدو أن جماعات الإسلام السياسي مصرة على ركوب موجة التدمير الذاتي ومصرة أكثر على ركوب موجة الطائفية المهلكة، ففي النهاية لن يكون مصير تلكم الحركات وقياداتها الزاعقة سوى مصير الزرقاوي ومن سبقه من المجرمين والقتلة والفاشست، لقد عاش الزرقاوي خبيثا منحرفا ومات وهو في قمة إجرامه ونزوته الدموية.... ولكن من مات معه حقيقة وإلى الأبد هي تلك الوجوه التي أسفرت عن حقيقتها ونزعت قناع النفاق، وسيستمر الصراع بين التقدم والتخلف، وبين القتل والبناء.. وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، ففي التاريخ الإسلامي شواهد لصراعات دموية مرعبة تسببت بها جماعات الخوارج التي كفرت المسلمين جميعا، فإنتهت تلك الجماعات وأصبحت دمعة في التاريخ بينما بقي الإسلام الحضاري يخاطب العقول ولا يقتلع الرؤوس... فتبا وسحقا لكل القتلة والإرهابيين ومن والاهم إلى أبد الآبدين.

[email protected]