في اكثر من مقال، وفي اكثر من لقاء اعلامي، كنت أواجه بسيل من الاتهامات الرجالية والنسائية عندما اتحدث مدافعا عن حقوق النساء في عالمنا العربي، وفي الخليج تحديدا.
اتفهم جيدا غضبة الرجال، لكن ما يحيرني غضبة النساء من رجل يدافع عن وضعهن البائس في العالم العربي والاسلامي.
ان قلت ان المرأة تعيش اليوم بلا حقوق، صرخت احداهن أن الاسلام اعطاها من الحقوق اكثر مما أعطى أي امرأة في التاريخ. وأن الاسلام كرمها بأن جعل المسؤولية والعبء الكامل على الرجل. وتروي الحديث وراء الحديث، وتتلو عليك نصف القرآن لتؤكد على رأيها.
وان قلت ان المرأة تعيش نوعا من العبودية، صرخت مرة اخرى وقالت لا، فالاسلام ضد العبودية، وأنه لولا الاسلام لكان وضعها الآن لا يختلف عن النساء الساقطات في كل مكان.
وان قلت ان المرأة عندنا مسلوبة الارادة، صرخت وقالت لا، فالاسلام خلق للمرأة الارادة الحرة في قرار زواجها وطلاقها وميراثها ومالها وتجارتها.
اقدر لا شك اعتزاز المرأة باسلامها..
لكني ولا قطع استغرب كيف ان هناك نساء في هذا العالم وفي هذا العصر بالذات يعتقدن انهن في مقدمة النساء، وأنهن الافضل، وانهن الأقوى، وهن في الواقع في الصفوف ما بعد الخلفية من العالم.
لا أعرف اي قدرة شيطانية استطاعت ان تقنع نسائنا بأنهن الافضل وهن اردى حالا من نساء ما قبل التاريخ؟
قد يقول البعض انهن قلة.. واسمحوا لي ان اقول انهن كثرة. خاصة في المجتمعات العربية المغلقة، كالمجتمع السعودي او الخليجي بصفة عامة، ولا استثني بعض المجتمعات العربية الاخرى التي وان بدت منفتحة في الظاهر، فهي مغلقة في العمق.
كثيرات هن هكذا..
كثيرات كثيرات..
عندما ابحث عن تفسير لذلك، اجد نفسي امام ظاهرة غريبة جدا..
اجد نفسي امام امرأة تستلذ بدور الضحية.
نعم.. بل واستلذاذ كامل بدور الضحية.
هذا هو باختصار وضع كثير من النساء العربيات اللواتي تعرضن منذ الطفولة لعملية غسل دينية لكل ذرة منطق في عقولهن.
اكبر عميلة غسل لعقل انسان عرفتها البشرية هي تلك التي حدثت لنسائنا منذ السنوات الاولى.. فأصبحن بدلا عن ان يدافعن عن حقهن في المساواة والعدل، يتلذذن بدور الضحية، ويدافعن عن الجلاد، ويستشهدن بالحديث والقرآن.
اذا اردنا أن نستشهد بالاسلام، فسنجد ان التاريخ خاطئ وتفسيرنا للاسلام نفسه خاطئ.
الاسلام كالاديان الاخرى، اتى ليعزز مكانة الانسان بصفة عامة، رجلا كان او امرأة.
وان شئنا الحقيقة، فإن وضع المرأة قبل الاسلام يبدو افضل منه بعد الاسلام، ليس بسبب الاسلام ذاته، وانما بسبب ما اعطاه من حقوق للرجل اساء استغلالها أمام المرأة. بل وتعسف مطلق في استخدامها امام المرأة. ولم يطل الانتظار قبل ان يعطي هذا التعسف شرعية دينية بالاستناد الى بعض الآيات القرآنية، والاحاديث التي لا يمكن التأكد ابدا من صحتها القطعية.
والغريب ان المرأة ارتضت بذلك، حتى اعتادت ان تكون ضحية، ثم تحول التعود الى استلذاذ بدور الضحية.
هي نتيجة لا اكثر للتفسير الخاطئ للاسلام وفق ما نريد نحن. وفق ما نحب لا ما يحب الإله.
وقس على ذلك كل شيء..
كل شيء..
[email protected]