تمتد الذاكرة العربية في هذا اليوم ( 14 تموز/يوليو) من 1958 يوم الثورة وبمصطلح اخر الانقلاب على النظام الملكي في العراق وانهاء التبعية لبريطانيا الى يومنا هذا عام 2006 تطالعنا فيه من على شاشات التلفاز عرض مخلفات القصف الاسرائيلي للبنان والهجوم الواسع على غزة( حرائق انقاض مباني وجسور ومطارات وجثث تنقل او على قارعة الطريق وصواريخ وجهها حزب الله وقعت على مشارف مدن اسرائيلية)، على خلفية غمرة من السجالات العربية عن مدى صحة توقيت المقاومة الفلسطينية واللبنانية في اثارة مواجهة غير متكافئة مع اسرائيل.
وتتناقض هذه السجالات في الرؤية. الاولى تنطلق بان المواجهة مع العدو لاتاخذ بالاعتبار الامكانية المادية او الجغرافية او اصطفاف القوى وانما من منطقها الخاص، فربما مقاومة ضعيفة بوجه جبروت العدو تتحول الى ماثرة تاريخية وتذكي جذوة الروح الوطنية، والاخر ينطلق من وجود قواعد دقيقة تصل الى حد الحساب العادي في تحديد لحظة المواجهة ووسائلها وتحديد فاتورة حسابات المطالب فيها. اعتقد ان الحكم الصحيح يمر عبر هذين الموقفين. فالنتأمل.
يستيقظ العرب اليوم وكل في روح حسرة واحباط والذكريات المريرة في تموز /يوليو ساخن، من العجز في الرد والفعل في تعديل وتصحيح شئ ما في تلمس افق زاهر. وحينما تعجز اليد ينطلق اللسان في سيل من الخطاب المتشدد غير الواقعي الانفعالي. الموقف العربي من كل هذا اذن يظل على مستوى الانفعال بالحدث لا الفعل. وان الاون لكي ينظم المجتمع المدني العربي في ان يلعب دوره في التطورات الحاسمة، وهذا غير وارد الا بانسنة النظام العربي وجعله ديمقراطيا يشارك المجتمع بشرائحه في صياغة القرار السياسي فيه.
وهل سيتذكر شعب العراق ذكرى ثورة 14 اليوم الجمعة التي اضاف لها القتلة الى جانب كونها يوم اجتماع المسلمين في جوامعهم تقليد ارتكاب الاعمال الارهابية الانتحارية في جموع المصلين. ام ان العراقي سينشغل بالتحسب لموت محدق به من قبل المفخخات والانتحارين ومليشيات الموت او انه سيستلم قصاصة ورقة تامره بالرحيل عن دار آبائه ومرتع طفولته، او سيعرض نفسه للموت على الهوية. ربما سيتذكر العراقي شئ واحد يقيني من هذا اليوم ان احلامه باقامة نظام ديمقراطي وعدالة اجتماعية ووطن مزدهر قد تلاشت او تكاد تتلاشى كما تلاشت الاحلام والامال التي عقدها على ثورة 14 تموز .
وايضا يقف العرب دون فعل دون تدخل من الوضع العراقي وكان العراق في قارة او كوكب اخر. البعض يكتفي باطلاق الحكم المجرد. واحينا يتحسرعلى الدم العراقي والوضع القاسي الذي وجد شعب العراق فيه. ولو انطلق المحيط العربي بالعراق فقط من ادراك زاوية الانتماء الاقليمي دون اعتبارات للتاريخ واللغة والمصالح والدين والذاكرة الجمعية المشتركة ايضا لتحرك بفعالية ومسؤولية اكبر للمساهمة في خلاص العراق انطلاقا من مصلحة امنية او اقتصادية او واعز انساني محض. ويلوح ان قسائم مشتركة كثيرة بين الاحداث التي شهدها العراق بعد الاطاحة بالملكية في 14 تموز/يوليو 1958 وتداعيات اسقاط النظام الديكتاتوري، من بينها ايضا ان المشاركة العربية في كلا الحالتين لم تكن لصالح تطبيع وتطوير الوضع في العراق بل على تفجيرة لتحقيق مصالح خاصة وعامل في توجيه الاحداث نحو طريق العنف واراقة الدماء.تصفحوا التاريخ.
العرب استيقظوا اليوم ولابد ان شعورا يعتري كل منهم انه دون حول ولاقوة، ولم يعد يربطه بابناء جلدته الا مشاعر تضامن واهية عليها اطنان من غبار من الذكريات المؤلمة، البعض يرى ان ذكرى ثورة او اختطاف جندي قد يعيد لها شئ البريق، والاخر لحزم الامور واعادة ترتيب الاوراق في عالم متغير. فاين اذن الحقيقة وما هو الخروج وكيف الخروج لعالم افضل. هذه هي اسئلة المستقبل.
- آخر تحديث :
التعليقات