في مراجعة لسجل أين من قادة و مسؤولي جمهورية الملالي الإيرانية يجد المتتبع ان لا احد منهم يخلوا سجله من جريمة سوداء بحق الشعوب الإيرانية و ان اغلب هؤلاء المسؤولين بلغوا مناصبهم لا على أساس الكفاءة والخبرة و إنما حصلوا عليها هبة ومكافئة لهم على جرائمهم التي ارتكبوها في سبيل تثبيت سلطة نظام الملالي و ضمان هيمنة القومية الفارسية على باقي الشعوب والقوميات الإيرانية. ولعل النظام الإيراني هو النظام الوحيد في العالم الذي يوجد على رأسه هذا الكم الكبير من ألقادة الذين شاركوا مباشرة في تخطيط وتنفيذ المجازر الجماعية او عمليات الاغتيالات وتصفية الخصوم ما قبل وبعد انتصار الثورة على نظام الشاه.
و يأتي مرشد الثورة الإيراني الحالي quot; آية الله علي خامنئيquot; على رأس هؤلاء القادة حيث يحفل سجلوه بجرائم لا تقل عن جرائم غيره من المسؤولين الآخرين الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعوب الإيرانية.فقد كشفت الوقائع ان خامنئي كان قد اشرف مباشرة على عملية إحراق سينما ركس في مدينة عبادان عاما 1978م وذلك حسب ما كشف عنه احد المشاركين في تلك الجريمة وهو حسين البر وجردي احد أعضاء quot; حزب المؤتلفة الإسلامية quot; والذي أكد ان خامنئي الذي كان يعرف آنذاك باسمه المستعار quot; سيد عبدالله quot; هو من وجه المجموعة التي ذهبت من طهران الى عبادان لتنفيذ جريمة إحراق سينما ركس والتي قتل فيها أكثر من أربعمائة من الرجال والنساء الأطفال من أبناء عبادان العربية.
هذا بشأن خامنئي أما باقي قيادات نظام الملالي فحدث ولا حرج. فعلى سبيل المثال نجد ان وزراء الداخلية محمدي بور والاستخبارات محسني أجئي بالإضافة الى المدعي العام نجف آبادي فهؤلاء جميعا كانوا مسوؤلين مباشرة عن جريمة ما سمي بعمليات تبيض السجون التي أمر بها الخميني عام 1988م عقب قبوله قرار وقف إطلاق النار مع العراق. تلك الجريمة التي اعدم فيها قرابة خمسة وثلاثين ألف سجين سياسي.
و من الأسماء التي تحتل اليوم مراكز عليا في النظام الإيراني ولها سجل حافل بالجرائم يمكن ذكر الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد و وزير الاستخبارات السابق وعضو مجلس خبراء القيادة الحالي الملا علي فلاحيان. فهولاء الأشخاص قد ثبت من خلال التحقيقات التي تم الكشف عن جانبا منها قبل عدة أعوام أنهم متورطون مباشرة في عملية اغتيال رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الدكتور عبد الرحمن قاسملو التي تم اغتياله علي يد المخابرات الإيرانية في فينا في 13 تموز عام 1989م.
فحسب ما كشف عنه عضو البرلمان النمساوي السيد quot; بیتر بلتزquot; الذي استند في معلوماته على جانبا من التحقيق الذي أجرتها المخابرات النمساوية آنذاك مع عدد مع المتورطين في عملية اغتيال الدكتور قاسملو واثنين من مساعديه وهم عبدالله قادري ممثل الحزب في أوروبا و الأستاذ الجامعي السيد فاضل رسول عضو الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي ان هذه الجريمة تمت بأمر من القيادة العليا في النظام الإيراني وكانت تدار بإشراف مباشر من هاشمي رفسنجاني رئيس البرلمان آنذاك ومحسن رضائي قائد الحرس الثوري وعلي فلاحيان وزير الاستخبارات وقد تولى الرئيس الإيراني الحالي احمد نجاد مسؤولية عملية الاستطلاع ونقل الفريق المنفذ للجريمة الى النمسا تحت غطاء دبلوماسي وخرج منها دون ان تتمكن السلطات النمساوية من اعتقاله. وقد أكدت ذلك أيضا التحقيقات التي أجريت في عملية اغتيال السيد صادق شرفكندي (الذي اخلف قاسملو في قيادة حزب الديمقراطي الكردستاني ) في مطعم ميكونوس في برلين في سبتمبر عام1992 م حيث ثبت تورط احمد نجاد تقديم الدعم اللوجيستي لمنفذي اغتيال قادة الأكراد.
يذكر ان محكمة برلين حملت قادة النظام الايراني وعلى رأسهم خامنئي المسؤولية عن تلك الجريمة وهي المرة اولى التي تؤكد فيها محمكة اوروبية وبالوثائق الرسمية دور القيادة الايرانية في العمليات الارهابية المنظمة.
اما بشأن وزير الاستخبارات السابق وعضو مجلس خبراء القيادة الحالي الملا علي فلاحيان فبالاضافة الى دوره الرئيسي في عملية اغتيال القادة الاكراد وغيرها من جرائم الاغتيالات السياسية ضد معارضين ايرانيين داخل البلاد وخارجها فقد ادانت محكمة سويسرية الملا فلاحيان لدوره في عملية اغتيال داعية حقوق الانسان الايراني الدكتور كاظم رجوي في جنيف عام 1990م. وكان قاضي التحقيق في عملية اغتيال رجوي قد اصدر في ايار الماضي مذكرة توقيف دولية بحق فلاحيان.
يضاف الى هذه الاسماء اسماء لامعة اخرى تحتل مناصب عليا في نظام جمهورية الملالي تلطخت ايديها بدماء ابناء الشعوب الايرانية ومن بينها يمكن ذكر اسماء وزير الخارجية الحالي منوجهر متكي و مدعي عام المحاكمة الثورية في طهران سعيد مرتضوي.
فبالنسبة للوزير quot; متكي quot; الذي عمل سفيرا لبلاده في تركيا من عام 1985م لغاية 2001م فقد ثبت تورطه في عملية اغتيال واختطاف عددا من المعارضين الإيرانيين في تركيا. ومن جملة الجرائم التي ثبت تورطه فيها عملية اختطاف المهندس الإيراني ابو الحسن مجتهد زاده عام 1989م وكان مجتهد زاده قد تعرض أثناء اختطافه الى مبنى قنصلية النظام الإيراني في اسطنبول للتعذيب والاعتداء لعدة أيام لكنه نجا وبشكل يشبه المعجزة عند نقله الى ايران في سيارة تحمل لوحة دبلوماسية للسفارة الايرانيه في أنقرة .
كما ثبت دور متكي في عملية اغتيال اثنين من أعضاء منظمة مجاهدي خلق في تركيا وهما السيدة زهراء رجبي وعلي مرادي وذلك باعتراف الجاني الذي أعلن أمام محكمة اسطنبول انه تلقى أوامره من quot;متكيquot;.
وبالنسبة للقاضي سعيد مرتضوي فهو المتهم الأول في عملية قتل الصحفية الكندية الإيرانية الأصل زهراء كاظمي قبل ثلاثة سنوات في سجن افين أثناء التحقيق معها وهو ما دفع الحكومة الكندية أوائل الشهر الجاري الطلب من الحكومة الألمانية تسليمها القاضي مرتضوي الذي كان يشارك في مؤتمر لحقوق الإنسان في برلين لكن الحكومة الألمانية رفضت الطلب بسبب عدم وجود اتفاقية لتبادل المجرمين بين البلدين الأمر الذي جعل مرتضوي يعود على وجه السرعة الى طهران خشية تسليمه لكندا.
يذكر ان مسؤولين آخرين في النظام م الإيراني وقعت بحقهم مذكرات اعتقال من قبل محاكم إيطالية و ألمانية وسويسرية وسويدية لتورطهم بعدة عمليات إرهابية ومن ابرز الأسماء التي وضعت على قائمة المطلوبين وزير الخارجية الإيراني الأسبق والمستشار الحالي لمرشد الثورة الدكتور علي اكبر ولايتي.
أذن من خلال هذه المقدمة يتبين بوضوح ان الوصول الى المناصب العليا في الجمهورية الإيرانية يتم عبر الاشتراك في مؤامرات النظام وتنفيذ جرائمه أللإنسانية وليس عن طريق الخبرة والكفاءة كما هو معمول به في الدول المتحضرة .
ولكن يبقى السؤال الذي يمكن طرحه على المطبلين للنظام الإيراني من الذين تستهويهم شعاراته هذا النظام ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي او أولئك الذين يدافعون عن هذا النظام الإجرامي بدوافع طائفية , ترى كيف يمكن لنظام دمي يضطهد أكثر من سبعين مليون نسمة من مختلف القوميات والشعوب الإيرانية إضافة الى اغتصابه لإقليم الاحواز وممارسته لأبشع أنواع السياسات الطائفية والعنصرية ضد أكثر من أربعة ملايين عربي من أبناء هذا الإقليم ان يساهم في تحرير أراضي او شعوب عربية أخرى؟