خلال الجلسة التاسعة والثلاثون من محاكمة المتهم صدام، وهي الجلسة المخصصة للأستماع الى دفاع وكيل المتهم المنتدب ، بعد أن اعلن فريق الدفاع عن المتهم صدام أنسحابه من جلسات المحاكمة والتخلي عن مهمة الدفاع عنه، وهي مهمة ينبغي إن يستمر وكلاء المتهم في الالتزام بها قانوناً ، الا أنهم وبحكم ارتباطهم بجهات خارجة عن أطار التقاضي والمحاكمة أعلنوا انسحابهم وطلبوا من المحكمة أن ترضخ لشروط غريبة لاعلاقة للمحكمة بها، وفي جميع الأحوال فأن قانون المحكمة الجنائية العراقية وأستناداً لما حددته الفقرة ( د ) من المادة ( 19 ) من قانون المحكمة رقم 10 لسنة 2005 والمادة ( 144 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية أوجبت على المحكمة أنتداب محامي للمتهم في الجنايات، وأن تتحمل خزينة الدولة أتعاب محاماة هذا المحامي المنتدب.
كما أن القاعدة 30 من قواعد الأجراءات وجمع الأدلة الخاصة بالمحكمة حددت عمل مكتب الدفاع لغرض ضمان حقوق المتهم، بما أشارت له الجملة ج من الفقرة ثانيا والفقرة رابعاً من القاعدة اعلاه، والتي أوجبت أن يكون الدفاع المنتدب فاعلاً ومؤهلا للدفاع عن المتهم.
أثناء دفاع وكيل المتهم المنتدب.
قاطع المتهم صدام كلام موكله وأعترض على العديد من الفقرات، وطلب المدعي العام أن يتم شطب اية فقرة تضر بالمتهم صدام في مطالعة الدفاع المنتدب، وأثناء تلك الجلسة وجه المتهم صدام طلباً الى المحكمة لتقضي عليه بالأعدام رمياً بالرصاص بدلاً من الحكم عليه شنقاً حتى الموت.
وبالرغم من هذه الحالة الأستباقية التي تغمر عقل وروح المتهم صدام في أعتقاده يقيناً من انه ستتم أدانته والحكم عليه بالأعدام، وانه يرغب في نهاية سريعة لاتؤرق منامه في تصور التفاف حبل المشنقة على رقبته وخنقه والقضاء على حياته.
أن المتهم صدام حسين محال لمحاكمته عن قضية جريمة قتل العديد من أبناء الدجيل، بالأضافة الى تشريد ونفي وحجز المئات منهم دون سبب أو سند قانوني، والمتهم صدام كان مدنياً لم يكمل الخدمة العسكرية التي اوجبها قانون الخدمة العسكرية التي تسري على العراقيين كافة ودون استثناء، لذا فأن الحال القانوني يعده متخلفاً عن أداء الخدمة العسكرية ويوجب محاسبته وفق القانون المذكور، بالأضافة الى أن المتهم صدام لم يتخرج من كلية عسكرية، كما أن المحكمة التي تحاكمه في قضية الدجيل هي محكمة مدنية تتشكل من قضاة مدنيين، وتلتزم بتطبيق قانون مدني وفقا لما اقرته الجمعية الوطنية العراقية، وتقوم هذه المحكمة بتطبيق الأحكام العامة للقانون الجنائي بما فيها القوانين الملغية والنافذة، كما أنها تستعين وتسترشد بأحكام المحاكم الجنائية الدولية، وتسري أحكام قانون العقوبات بما لايتعارض مع احكام قانون المحكمة والالتزامات القانونية الدولية المتعلقة بالجرائم الداخلة في ولاية المحكمة، والتي تسري على كل شخص طبيعي سواء كان عراقياً أم غير عراقي مقيم في العراق ومتهم بارتكاب أحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد ( 11 و 12 و 13 و 14 ) من قانون المحكمة والمرتكبة من تأريخ 17/7/1968 ولغاية 1/5/2003 في جمهورية العراق أو أي مكان آخر وتشمل الجرائم التالية :
1-جريمة الأبادة الجماعية
2-الجرائم ضد الإنسانية
3-جرائم الحرب
4-انتهاكات القوانين العراقية المنصوص عليها في المادة ( 14 ) من هذا القانون.
أن النصوص العقابية الواردة في قانون العقوبات ضمن احكام القانون الجنائي رسمت العقوبات الأصلية وفقاً لما حددته المادة 85 في الفصل الأول من الباب الخامس في العقوبة التي حددت العقوبات، بالأعدام والسجن المؤبد والسجن المؤقت والحبس الشديد والحبس البسيط والغرامة والحجز في مدرسة الفتيان الجانحين والحجز في مدرسة أصلاحية، ووضحت المادة 86 من قانون العقوبات من أن عقوبة الأعدام هي شنق المحكوم عليه حتى الموت.
كما رسم قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 71 طريقة تنفيذ حكم الاعدام بعد اكتساب قرار الحكم الدرجة القطعية وتصديق محكمة التمييز عليه، ومن ثم صدور المرسوم الجمهوري للتنفيذ , غير إن قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا أوجب في المادة 27 منه أنه بعد أكتساب قرار الحكم الصادر من هذه المحكمة وفقا للقانون وأكتسابه درجة البتات بعد تصديق الهيئة التمييزية انه لايجوز لاية جهة كانت ( بما في ذلك رئيس الجمهورية ) أعفاء أو تخفيف العقوبات الصادرة من هذه المحكمة بحق المتهم ، وهذا التقييد مطلق ويقيد العام.
وتكون العقوبة واجبة التنفيذ بعد مرور 30 يوماً من تأريخ أكتساب الحكم أو القرار درجة البتات.
وليس غريباً على المتهم صدام أن يستبق الحكم القضائي حيث انه قبل غيره يعرف حجم الجرائم المرتكبة من قبله بحق العراقيين، وما تحمله القضايا الثقيلة القرائن والدلائل التي احيل بموجبها على هذه المحكمة ليقف في قفص الأتهام أمام شعب العراق.
ليس غريباً الطلبات التي يطلبها المتهم صدام، فقد سبق أن طلب نقل مكان توقيفه الى السويد، وسبق إن طلب نقل محاكمته الى هولندا، وسبق أن طلب أجراء التحقيق معه من قبل فريق دولي، وسبق أن طلب أجراء المضاهاة وتطبيق الخطوط والتواقيع من قبل دول محددة غير العراق، واليوم يطلب في سياق الطلبات الخارجة عن المنطق والمألوف أن يصار الى تنفيذ حكم الأعدام به رمياً بالرصاص وأنه لايفضل الحكم بالأعدام شنقاً حتى الموت، ومهما بلغت سذاجة المتهم في طلباته فأن المحكمة لاتتقيد اولا بالطلبات التي تخرج عن نطاق النصوص القانونية، وأن المحكمة لاتستجيب لطلباته لانها لم تقم بتدقيق الأدلة التي توفرت في هذه القضية وهي كثيرة ومتراكمة، ولم تصدر قرارها لحد اليوم.
ويبدو أن المتهم صدام التبست عليه قضايا تنفيذ احكام القضاء العراقي، فقد أعتبر كل من تم تنفيذ حكم الأعدام به من المجرمين، بينما طالت قرارات الأعدام رميا بالرصاص العديد من العراقيين المدنيين في زمانه، بالأضافة الى تنفيذ القرارات بالموت فوريا ودون محاكمة وفي ساحة قصر النهاية أو جهاز المخابرات أو الأمن الخاص أو في غرف القصر الجمهوري وحتى في قاعات سجن ابو غريب.
ومن الجدير بالذكر أن المادة 288 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 69 المعدل اوجبت على تنفيذ عقوبة الأعدام شنقاً بالمحكوم داخل السجن ( أو أي مكان آخر ) طبقاً للقانون، وبهذا فأن المحكمة لاتتقيد بمكان محدد في تنفيذ حكم الأعدام شنقاً بالمدان الذي سيتم تنفيذ الحكم به بعد إن يكتسب قرار الحكم الدرجة القطعية أي تنتهي جميع طرق الطعن القانونية بتصديق قرار الحكم بالأعدام شنقاً حتى الموت، دون إن يتدخل رئيس الجمهورية أو أية جهة كانت في تنفيذ الحكم.
وورد في سورة البقرة في الاية 179 من القرآن الكريمquot;ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب لعلكم تتقون.quot;
- آخر تحديث :
التعليقات