المقاومة كلمة أصبحت تتردّد في الآونة الأخيرة في منطقة أخدود الدّم، أي في ما يطلق عليه بالشّرق الأوسط. فهنالك مقاومة القدامة للحداثة ومقاومة الهمجيّة للحضارة، ومقاومة الإيديولوجيا الانتحاريّة لإرادة الحياة، ومقاومة الكراهية للتّسامح، ومقاومة الشّموليّة والدّكتاتوريّة للدّيمقراطيّة، ومقاومة الفقر والمرض للتّنمية المستدامة... كل ّ هذا مقاومة في الصّقيع من العالم.
ولكنّ أكثر هذه المقاومات جعجعة هي المقاومة الانتحاريّة التي ترتدي مسوح الجهاد من أجل قضايا شوّهت عدالتها وعهّرت مطالبها النّبيلة، بتكريس هذا الأسلوب الهمجيّ في النّضال، وهو أسلوب لم يجلب إلى المنطقة إلاّ الدّمار ووقوف العالم صفّا واحدا ضدّ هؤلاء الفاعلين، ومن ثمّة وقوفهم ضدّ ما ينادون به من قضايا.
فلنضع تحت المجهر هذه المقاومات التي يعجّ بها أخدود الدّم :
1.قتل الشّيعة للسّنّة والسّنّة للشّيعة على الهويّة في العراق مقاومة.
2.قتل عصابات الجنجاويد للمواطنين العزّل في دارفور مقاومة
3.تخريب أيّ بارقة سلام ترفع المعاناة عن الشّعب الفلسطينيّ من قبل حماس والجهاد الإسلاميّ ولسنوات طويلة مقاومة.
4.خطف شعب بكامله من قبل حزب اللّه ورفضه الانصياع للأغلبيّة المنتخبة وجرّه لبنان إلى الدّمار مقاومة.
5.الحرب التي تشنّها الأمميّة الإرهابيّة الجديدة بقيادة بن لادن والظّواهريّ والزّرقاويّ على كلّ العالم مقاومة.
6.تحالف فلول القوميّين الشّوفينيّين والإسلامويّين الذين انخرطوا مع كلّ من يقتل مقاومة.
7.إنشاء قنوات تلفزيونيّة مثل قناة الجزيرة تضلّل الرّأي العامّ العربيّ وتجعله يراهن في كلّ مرّة على النّصر في القضايا الخاسرة مقاومة.
8.تحالف المحامين العرب النّجباء بالآلاف للدّفاع عن صدّام حسين وإهمال ضحاياه بل وتبخيس قضاياهم مقاومة.
9.تقديم العزاء والإشادة بالإرهابيّين الذين قتلوا آلاف العراقيّين من كلّ شوارع المدن والقرى وتقديمهم على أنّهم أبطال الأمّة مقاومة.
10.فتاوى فقهاء الإسلام بإجازة القتل والانتحار والنّحر لإخوانهم ومواطنيهم والانبراء لكلّ فكر عقلانيّ لتسفيهه وجرّه إلى مقولات العصور الوسطى، واحتقار الحداثة والتّمدّن مقاومة.
11.قتل أكثر من 130000 مواطن جزائريّ بريء والقضاء على جيل بكامله من الصّحفيّين والكتّاب والمفكّرين في الجزائر مقاومة.
12.قتل السّيّاح وتفجير الفنادق في مصر مقاومة.
13.تفجير فنادق عمّان و قتل العرسان وكلّ من يحاول أن يبتهج في هذا الأخدود الحزين مقاومة.

الذي يجمع بين هذه المقاومات كلّها هو تقديمها نفسها على أنّها مقاومة إسلاميّة، وعلى أنّها القوّة الوحيدة التي بقيت على السّاحة العربيّة الخربة بفعل الاستبداد السّياسيّ، بقيت تناطح الاستعمار وتدعو إلى برامج سياسيّة مختصرة في أنّ الإسلام هو الحلّ لكلّ المعضلات.
إنّ المشروع الإسلامويّ ، مشروع المقاومات هذه أخذ كامل فرصته على السّاحة العربيّة، وكان الأكثر دويّا والأكثر دمويّة، لذلك فإنّ سقوطه المروّع بات قريبا جدّا، فهو قد راهن على جواد جامح لم يترك أيّ حبّة يمكن أن تنبت وأيّ برعم يمكن أن يتفتّح. إنّهم قتلة المستقبل، ولذلك فلا مستقبل لهم.