كان بيان المثقفين العراقيين ومن مختلف الاتجاهات والمشارب دقيقا في تشخيص العلل الرئيسة التي راحت تفتك بالعراق وشعبه، ودقيقا في تشخيص المهمات العاجلة المطروحة على كل الوطنيين. لقد شخص البيان الإرهاب الصدامي ـ القاعدي كعدو رئيسي أول لجرائمه المتصاعدة والمتفاقمة ولما تؤدي إليه من مئات القتلى والجرحى كل يوم، وهو رقم قياسي نادر في عالم اليوم. وفي الوقت ذاته فقد طالب البيان بحل المليشيات الحزبية ودورها في القتل والخطف والتطهير الطائفي. ويبرهن جيش المهدي بوجه خاص وما يفتعله كل يوم من فتن دموية ومن مصادمات مسلحة على الضرورة القصوى لإنهائه تماما بعد عزله وفضح أدواره الإجرامية وخدماته المستمرة للنظام الإيراني.
إن الصدريين وعصاباتهم المسلحة يتحملون مع قوى الإرهاب الصدامي ـ القاعدي مسؤولية أولى عن تدهور الأمن ونشر العنف، وعن محاولة تعطيل كل خطوة ديمقراطية وطنية إلى أمام. إن الاستفزازات المسلحة لهذه المليشيا المجرمة ضد القوات العراقية في الديوانية، مما أدى لهجرة الكثيرين من سكانها لخارجها، وكذلك استباحة الصدريين لحريات المواطنين في البصرة والجنوب، تدل من جديد على الخطأ الجسيم بمنع ضربها ضربة قاصمة خلال فتنة النجف، بل وقبل ذلك عدم تقديم مقتدى الصدر للقضاء حول مسئوليته عن اغتيال الخوئي بعد يوم واحد فقط من سقوط صدام. كما أن هذه المليشيا الفاشية، التي يتشكل معظم عناصرها من البعثيين الصداميين، تتعمد أيضا استفزاز القوات الحليفة في الجنوب وبغداد مع أن معظم العراقيين والحكومة نفسها يرون ضرورة بقاء هذه القوات لحين استتباب الأمن وقدرة القوات العراقية على تحمل كامل المسئولية الأمنية.
إن السيد رئيس الوزراء بوجه خاص مدعو لفك الحلف مع هذه القوة الشريرة والاعتماد على الشعب لتنفيذ برنامجه المعلن بدلا من اعتماده على تأييد البرلمانيين الصدريين الطائفيين.
لقد وعد السيد المالكي بحل المليشيات، ولكنها تواصل تخريب الأمن وتعطيل التقدم، بل وقد استفحل خطر جيش المهدي أكثر فأكثر مستعرضا سلاحه علنا في مظاهرات ومواكب وفي مصادماته الدموية مع القوات العراقية.
إن القضية الأمنية لا تتجزأ بمعنى أن الحرب بلا هوادة على الإرهابيين يجب اقترانها بحل المليشيات حالا، وتقديم العناصر المجرمة في جيش المهدي للقضاء العادل.