الحرب الأخيرة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي سلطت الضوء على موقف النظام السوري من هذه الحرب و من الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري منذ عام 1967 والإعلان عن ضمه لدولة إسرائيل عام 1981 . إزاء الحرب الأخيرة وظّفها النظام خطابيا وكلاميا ليبدو وكأنه هو الذي يقاتل ويقاوم وليس حزب الله، مستغلا الإسلوب الذي يخدر عواطف الجماهيرالعربية التي بنفس الإسلوب تهتف وتصفق للطغاة والمستبدين ناسية قمعهم وقتلهم وفسادهم. وكان إعلام النظام ومسؤوليه طوال أيام الحرب يكررون بشكل يومي نكتة أو أكذوبة ( نتحدى الجيش الإسرائيلي أن يهاجم سورية أو يقصف مواقع داخل الحدود السورية )، وهذا التحدي الكلامي يحمل في طياته الويل والثبور للجيش الإسرائيلي، وهو في واقع الأمر مجرد أكاذيب تنطلي على الجماهير البسيطة فهذه الجماهير تنسى أنه قبل الحرب بأسابيع حلق الطيران الإسرائيلي فوق القصر الجمهوري في اللاذقية أثناء تناول الرئيس الشاب طعام الفطور، وعاد الطيران الإسرائيلي إلى قواعده سالما غانما دون إطلاق قذيفة واحدة ضده، وقبل ذلك بعامين تقريبا قصف الطيران الإسرائيلي منطقة عين الصاحب القريبة من دمشق، وكانت الكارثة أن النظام وأجهزة رصده واستطلاعه لم تعرف بالقصف إلا بعد أن أبلغهم السكان المحليين بذلك. والغريب المضحك المبكي أن كل القصف الإسرائيلي للجسور والطرق والمواقع على الحدود اللبنانية السورية، لم يعتبره النظام تحديا وتهديدا له فظل ساكتا مؤدبا يدعم حزب الله ومقاتليه بالكلام والكذب، والهجوم المباشر وغير المباشر على دول عربية مثل مصر والسعودية والأردن، والتغني بتحالفه الإستراتيجي مع نظام الملالي في إيران الذي استعمل نفس الأكاذيب و التهديدات الجوفاء في دعم حزب الله.

وبعد أن انتهت الحرب وتم تطبيق القرار الدولي رقم 1701، وانتشر الجيش اللبناني في كامل الجنوب اللبناني الذي كان تحت سيطرة حزب الله وإسرائيل، وانتشرت قوات اليونيفيل الدولية المسلحة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وانكفأ حزب الله بسلاحه وصواريخه العشرين ألف إلى الداخل اللبناني ولم يعد قادرا على استعمالها، بدليل الخروقات الإسرائيلية المستمرة دون أي رد يذكر من حزب الله، تذكر النظام السوري الجولان المحتل فأعلنت عدة مصادر سورية عن استعداد سورية للعودة لطاولة المفاوضات ثم كان إعلان الرئيس السوري شخصيا قبل أيام قليلة عن هذا الاستعداد وأنه ينأى بنفسه بعيدا عن إعلان إيران بإزالة إسرائيل من الوجود!!. أما وزير خارجيته وليد المعلم فقد أعلن عن ( موافقة بلاده على مرابطة قوات دولية في مزارع شبعا المتنازع عليها )، وفجأة جاء تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت يوم الثلاثاء الموافق السادس والعشرين من سبتمبر الحالي الذي أكدّ فيه ( أن هضبة الجولان السورية هي جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل).

إزاء هذا التصريح الإسرائيلي ما هو موقف النظام السوري الذي أشبعنا تغنيا بالمقاومتين اللبنانية والفلسطينية؟. هل سيبقى موقفه أن يعيش على مقاومة غيره رغم أن السلاح المتوفر لهاتين المقاومتين يكاد لا يذكر قياسا بسلاحه الذي كاد يصدأ في مخازنه حيث لم تطلق منه رصاصة منذ عام 1974 أي منذ اثنين وثلاثين عاما!!. إن الدراسة الواعية لبنية النظام السوري الحالي الذي هو امتداد لنظام الرئيس الأب حافظ الأسد يدرك بموضوعية وحسب وقائع ودلالات عمر هذا النظام الذي تقترب من أربعين عاما، أنه ليس في وارد هذا النظام العمل على تنظيم مقاومة داخل الجولان المحتل أو العمل على تحريرها وبالتالي سيكون مصيره كمصير لواء الإسكندرونة الذي تم احتلاله وضمه لتركيا عام 1936 أي 12 عاما فقط قبل احتلال فلسطين وما زالت قضية فلسطين حيّة وشعبها يقاوم، بينما تم ترسيم الحدود رسميا مع تركيا أي الاعتراف الرسمي من النظام السوري بتركية لواء الإسكندرونة، وتم حذف أية إشارة من الكتب المدرسية والجامعية السورية تشير إلى عروبة اللواء ولا يمكن لأي مواطن سوري قادم من لواء الإسكندرونة أن يتمكن من الحصول على إذن إقامة في سورية فهو في عرف النظام مواطن تركي. وهذا الاستنتاج ليس تجنيا على النظام السوري بل أكده وزير خارجيته وليد المعلم في تصريحه يوم الثلاثاء الخامس عشر من أغسطس الماضي، حيث قال: ( من يطالب بفتح جبهة الجولان مع إسرائيل بأنهم يريدون تنفيذ مخطط ضرب سورية )، وكلامه واضح المعنى والدلالة ( لا لفتح الجبهة السورية مع إسرائيل في الجولان كي لا يتم ضرب سورية )، إذن لماذا التغني بمقاومة الغير؟. لماذا هو سهل على النظام ضرب وتدمير وتخريب لبنان وتهجير شعبه، بينما ينأى بذلك عن سورية وشعبها؟. لماذا ما هو حرام وغير مقبول لسورية حلال ومقبول للبنان؟!.

إن انتشار قوات اليونيفيل المسلحة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ومراقبة البحرية الألمانية للشواطىء اللبنانية، والإحكام المتواصل لمراقبة الحدود السورية اللبنانية،وعدم إمكانية استعمال حزب الله لسلاحه بعد الآن مهما كان حجم هذا السلاح، من شأنه أن يفقد النظام السوري الورقة الوحيدة التي كان يزاود ويتاجر ويضلل بها وبالتالي عليه أن يبدو على حقيقته إزاء احتلال الجولان الذي مضى عليه الآن أربعون عاما...وبالتالي سيعرف العرب من هم ( أشباه الرجال ) الذين ورد ذكرهم في خطاب بشار الأسد ألأخير...وربما سيكون الأخير في حياته كرئيس إذا نجحت الاتصالات الأوربية الأمريكية به، كي يتخلى عن الحكم والذهاب إلى بريطانيا للعيش هناك وإكمال دراسته في طب العيون ثم فتح عيادته في لندن خاصة أن زوجته وعائلتها يحملون الجنسية البريطانية مع ضمانات تؤكد عدم جلبه للمحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رفيق الحريري!!.وقد أكدت مصادر هذه المعلومات أن الرئيس بشار عندما تلقى هذا العرض لم يعلق سلبا أو إيجابا بمعنى أنه يدرس هذا العرض!!.
[email protected]