صراع الدم والخرافة؟
إفلاس الأحزاب والقوى السياسية العراقية، وتخبطاتها الدائمة، وفشلها في التوجه نحو قيادة الجماهير العراقية نحو آفاق مستقبلية واعدة ملأته بشكل سريع بعض الجماعات والشخوص المريضة والزاعقة، ولعل أهم النماذج البشعة التي طفت على سطح الأحداث العراقية إعتبارا من يوم سقوط الصنم البعثي في التاسع من نيسان 2003 هو ذلك الدعي المراهق المدعو (مقتدى الصدر)! الذي برز منذ اليوم ألأول لحرية العراق التي تكدرت حاليا بشكل دموي مرعب عن طريق أمره لجماعته من القتلة والمجرمين بذبح السيد الشهيد (عبد المجيد الخوئي) ورفاقه في الحرم العلوي الذي لم يراع أولئك المجرمون المتمشدقون بحب أهل بيت النبوة أي حرمة أو مهابة له !!، ثم توالت الأعمال التخريبية المهلكة والشيطانية التي تسبب بها هذا المنافق الذي يدعي رفضه للعملية السياسية ولكنه لايرى بأسا من اختراقها عبر الإستفادة من إمتيازاتها المادية والمصلحية، ولكن أشنع الأعمال التي قام ويقوم بها مقتدى هي تنطعه لمنصب ومسؤولية الإمامة وهي القضية التي لا تتناسب على الإطلاق مع مؤهلاته التعبانة وإمكانياته الثقافية والعلمية الضحلة والمعدومة؟ لذلك ليس هنالك من طريق أمامه سوى طريق الخرافات وإستغلال جهل الغالبية العظمى من الجماهير ومحاولة زرع الأوهام والتهيؤات في خطاباته السياسية المتعبة والسقيمة والتي تبين مدى عجز وضحالة الثقافة التي يتمتع بها (مقتدى الصغير) الذي لا يمتلك من مواصفات الزعامة والتقوى سوى المتاجرة بالإسم والنسب العائلي وهي في المنظار الديني الإسلامي لا تعني شيئا حقيقيا، فخير الناس من نفع الناس، ولكن الفراغ السياسي العراقي الرهيب قد وفر فرصة تاريخية للعديد من الحمقى والمرضى للتنطع للزعامة المزيفة والفارغة من أية مضامين حضارية أو فائدة اجتماعية، فمشروع مقتدى الصدر الفكري والسياسي هو مشروع تخريبي شامل لا يستند لأية أسس حقيقية أو لبرامج عملية تأخذ بنظر الاعتبار الواقع العراقي الصعب الجديد وضرورة التحلي بالمرونة والإنفتاح من أجل تجاوز الأزمة التي تعصف بالعراق وتهدد وجوده الكياني، فمقتدى وبما توفر له من ثقافة ضحلة وعقلية طفولية أدخل مريديه ومؤيديه وأنصاره في خضم صراعات رهيبة لم تكن نتيجتها إلا الكارثة بحق الناس والمدن الفقيرة ومصالح الجماهير، ومقتدى وهو يقود عناصر جيش المهدي من الإرهابيين والطائفيين المجرمين لا يخجل من النفاق وإزواجية خطابه السياسي وهو يتحدث عن الوحدة الإسلامية فيما تمارس عصاباته أسلوب القتل على الهوية؟ بل أنه لا يخجل ضمن إطار صراعاته الخفية مع أطراف شيعية أخرى من التحالف مع بقايا البعثيين مثل الطائفي والبوق البعثي السابق والنائب البرلماني الحالي المدعو ظافر العاني!!.. إنها سلسلة من السلوكيات والسياسات المريضة والمتناقضة، ولكن أكبر الفضائح قاطبة هو لجوء مقتدى الصدر إلى تطويع الروايات وأحاديث الملاحم والفتن المتوارثة مذهبيا وتفسيرها وفقا لرؤيته المريضة ولعقليته القاصرة، فمثلا لم يخجل مقتدى من الإعلان علنا وفي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الكوفة العريق من أن الجيش الأمريكي لم يأت للعراق إلا بهدف محاربة (المهدي المنتظر)!! وإن المخابرات الأمريكية تملك ملفا تفصيليا حافلا ودسما عن (المهدي المنتظر) لا ينقصه إلا صورته !! وإن الأمريكان يسعون جاهدين للقضاء على (الإمام المهدي)!!.. بربكم أيها المؤمنون أو المشككون... هل يمكن لشخص عاقل ومتوازن أن يصدق هذا الكلام السقيم والطفولي والذي يبرز شعوبنا بمثابة مهزلة فكرية وعقلية حقيقية؟ هل إنحدر الفكر في العراق الشهير بعلمائه ونوابغه في مختلف العلوم الدينية أو الحياتية إلى هذه الدرجة من الطفولية والتردي؟ و كيف يفسح علماء الشيعة الكبار وهم من ثقاة أهل العلم والرأي والحجا لهذا الطفل المهزلة لكي يمارس جهالته على العالمين ويصم الفكر الشيعي بما ليس فيه من تخلف وغيبية وسطحية؟ والطريف أن في العراق عناصر متعلمة تتبنى وتدافع عن مثل تلك الآراء والأفكار المضحكة والتي تصلح كأفلام كارتون للأطفال، فقبل شهور ومن خلال نقاش لي مع مهندس عراقي يعيش في أقصى الشمال الأوروبي أكد لي بأنه يعتقد بأن الأمريكان هم الذين يقفون خلف تفجير مرقدي الأمامين العسكريين في سامراء!! لكونهم يبحثون عن الحامض النووي للمهدي المنتظر والذي سيأخذونه من رفات والده (الحسن العسكري)!! وقتها.. فغرت فمي من الدهشة والتعجب لا على حصافة التفسير ولكن على وجعه وسقمه!! فإن كان (الباشمهندس) يفكر على هذه الشاكلة فماذا سنقول إذن عن تفكير البسطاء من المحرومين والفقراء في الشارع العراقي؟ بل ماذا نقول عن جهود الإصلاح والتعمير لمجتمع تسوده الفوضى وتتحكم في مفاصله خرافات التاريخ البعيدة كل البعد عن العناصر الحقيقية للإيمان الديني الذي شوهته الأهواء والصراعات السياسية المريضة... ولنا أن نتصور بعد ذلك طبيعة الصورة المستقبلية للمجتمعات التي يتحكم بها مقتدى الصدر وأمثاله من الدجالين والمهرجين؟.
التعليقات