أنّها حرب على لبنان. حرب quot;حزب اللهquot; على لبنان بالوكالة عن النظامين السوري والأيراني. ألم يبلغ الرئيس السوري بشّار الأسد الرئيس رفيق الحريري قبل أغتياله أنّه سينسحب من لبنان ، لكنه سيدمّر البلد على الحريري وعائلته؟
يعكس ما شهده لبنان يوم الثلاثاء الواقع فيه الثالث والعشرين من يناير- كانون الثاني الجاري خطورة الهجمة التي تستهدف البلد الصغير الذي يصرّ المحور الأيراني- السوري على أستخدامه quot;ساحةquot;، لكنّه يعكس قبل كل شيء أفلاس quot;حزب اللهquot; سياسياً وليس مالياً بالتأكيد. وأذا كانت هذه الهجمة كشفت شيئاً، فأنّها كشفت الخطورة التي يشكّلها هذا الحزب المسلّح على لبنان والدور الذي يلعبه على صعيد تغيير طبيعة البلد بغية أخضاعه وتحويله تابعاً للمحور القائم بين طهران ودمشق. مطلوب بكلّ بساطة أخضاع لبنان عن طريق تطويق حكومته الشرعية، حكومة الأستقلال الثاني، كي لا تتمكن من الأقدام على أيّ خطوة في أي أتجاه كان من أجل أخراج البلد من أزمته. مطلوب أيضاً بكلّ بساطة تفريغ لبنان من أهله وأبنائه وتركه فريسة سهلة للنظامين السوري والأيراني عن طريق أرسال رسالة ألى الأسرة الدولية فحواها أن لبنان لا يحكم ألاّ من خارج، من المحور الأيراني- السوري تحديداً.
كان الهدف من حرب الصيف الماضي التي أفتعلها quot;حزب اللهquot; ضرب المناعة اللبنانية. وقد أبلت أسرائيل البلاء الحسن في ذلك عندما أستغلّت خطف أثنين من جنودها وقتل ثمانية آخرين على يد عناصر من quot;حزب اللهquot; لشن حرب أستهدفت تدمير جزء لا بأس به من البنية التحتية اللبنانية وفرض حصار على البلد بدءاً بأغلاق مطار بيروت. صار كلّ لبناني يتساءل الآن هل صدفة أن quot;حزب اللهquot; بدأ يوم الأضراب العام الذي شاء تنفيذه بالقوّة بأغلاق الطرقات المؤدّية ألى مطار بيروت؟
لم تعد الشعارات التي يرفعها الحزب والأدوات التي أستأجرها، بدءاً بالنائب ميشال عون وأنتهاء بالوزيرين السابقين وآب وهّام وسليمان فرنجية تنطلي على أحد. كلّ ما في الأمر أن المطلوب الأنتصار على لبنان بديلاً من الأنتصار على أسرائيل. اكثر من ذلك، يبدو quot;حزب اللهquot; اكثر من أي وقت أداة لأفتعال حروب أهلية في لبنان. الهدف واضح كلّ الوضوح. أنّه يتمثّل أوّلاً في خلق فراغ سياسي في البلد عن طريق أسقاط المؤسسة الشرعية الوحيدة التي لا تزال تعمل فيه، أي الحكومة، بعدما عطّل رئيس مجلس النوّاب العمل التشريعي. ويتمثّل ثانيا في خلق فتنة مسيحية- مسيحية، وهذا أختصاص النائب عون ويمكن العودة ألى تاريخه السياسي للتأكّد من ذلك، وأخرى شيعية- سنّية.
لبنان ألى أين؟ الوضع ليس ميؤوساً منه بدليل وقوف العالم مع لبنان وأصرار الأسرة الدولية على أنعقاد مؤتمر باريس-3 لدعم لبنان. والأهمّ من ذلك، أن أكثرية اللبنانيين باتت تعرف ما هو quot;حزب اللهquot; والدور الذي يلعبه بعدما وجّه سلاحه ألى لبنان واللبنانيين مستكملاً الحرب التي شنها العدو الأسرائيلي بفضله في يوليو- تمّوز الماضي.
سيصعّد quot;حزب اللهquot;. لم يعد أمامه سوى التصعيد كونه لا يعرف لا كيف يخسر ولا كيف يربح، ولا يعرف خصوصاً أن الخطأ لا يغُطّى بخطأ آخر. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بألحاح لماذا كلّ هذا الأصرار الذي يبديه النظام السوري على التسريع في أندلاع الفتنة المسيحية- المسيحية وأثارة كل الغرائز ذات الطابع المذهبي لدى السنّة والشيعة؟ غريب أمر هذا النظام الذي يحلم بالعودة ألى لبنان عن طريق quot;حزب اللهquot;. غريب أمر هذا النظام الذي يعتقد أن تخريب لبنان وأيجاد فراغ سياسي فيه سيؤدي ألى ألغاء المحكمة ذات الطابع الدولي التي ستنظر في قضية أغتيال رفيق الحريري. غريب أمر هذا النظام الذي لا يدرك أن الخراب في لبنان سيرتدّ عليه عاجلاً أم آجلاً... هل يعتقد أن قناة التفاوض السرّية مع أسرائيل تسمح له بعمل ما يشاء في لبنان؟