في احدث عروضها قام برابرة القرن الواحد والعشرين، في هجمة وحشية ضمت مئات من البرابرة، بسَوق فتاة ذي سبعة عشر ربيعا داخل احد المنازل ويجرونها الى الشارع ثم ينهالون عليها بالحجارة والطابوق ذات الحجم الكبير، الذي يشيّد المباني والأبراج.
البرابرة الجدد في منطقة (سنجار) بسفح كردستان، ينتمون ذهنيا واجتماعيا الى (اليزيدية) وهي ديانة هرطوقية باطنية خليطة من بعض المعتقدات والطقوس الغابرة مع التراث الذي سال من بعض الحركات الغامضة في تاريخ المسلمين.
المصحف الأسود يُعد كتاب اليزيديين المقدس ويُعد عدي بن مسافر(وهو عربي) بمثابة رسول تاريخي لهذه الديانة.
البرابرة حزموا أن لا يرتكبوا جريمتهم الا ان يطلعوا العالمين عليها. هذه الجريمة التي يندر لها مثيل في تاريخ البشر. فقد صوروا افتراسهم لــ (دعاء) باكثر من جهاز موبايل. هذه الفتاة الكردية التي شاءت ان تكون مسلمة، وهي عازبة. يحاول بعض اليزيديين زوراً وبهتانا اتهام دعاء بالخيانة الزوجية للتستر على الجريمة.
المشهد اكثر وحشية من وثبة الذئاب على غزالة مسكينة في الغابات النائية.
الفتاة تصرخ فتملأ السموات والأرضين، وأشباه رجال ذوي الجثث الضخمة والشوارب الكثة ترمي بكل عنف الأحجار الأسمنتية الكبيرة على جسدها الأكثر نعومة من أزهار الربيع، في غضون ثلاثين دقيقة، حتى تخرج روحها الطاهرة في معاناة عظيمة جداً.
المشهد اشبه بقصة أصحاب الأخدود، و الآم السيد المسيح وزكريا.
المشهد حيّ وتكرر أمام أعيننا في قرننا الجاري حيث يلامس المرء في عذابات دعاء، كارثة الأنفال والكيمياوي.
جريمة دعاء التي ارتكبتها هي حرية الاختيار في المعتقد، واختيار الحب. أحبت الفتاة فتى كردياً مسلماً لم يكن لهما أيّ مشيئة إزاء قرار قلبيهما في معانقة العشق.
هناك عوائل كردية مسلمة من اصول يزيدية تعيش في كردستان، هربت من بروتوكولات معبد لالش اليزيدي، والتي تقضي برمي المنحرف عن اليزيدية الى ديانة اخرى، من على جبل سنجار.
دعاء هربت فلجأ الى منزل شيخ عشيرة لم يستطع أن يحميها امام حومة البرابرة، وهم يتناكبون على البيت لافتراس هذه الفتاة المسكينة التي جردوها من ملابسها لتغطس في دمها لاحقاً.
دعاء اليوم رمز عظيم لمعاناة الانسان عبر التاريخ.
في رد فعل غير عاقل قام شبان، وتحت ضغط هول المأساة بقتل عمال يزيديين ابرياء لم يكن لهم دخل بالجريمة. الجريمتان بشعتان الى ابعد الحدود. لكن جريمة قتل دعاء تختلف في بشاعتها وهولها الى حدّ لا يصدق الانسان وجود كائنات وحشية في جلد بشر، في عالمنا اليوم.
هذه الجريمة زلزلت وجدان السعب الكردي المسلم في غالبيته العظمى. وهي كذلك زلزلت وجدان كل انسان أينما كان. ينبغي ان نشير هنا الى موقف الجماعات الاسلامية الكردية العاقل ازاء هذه الكارثة. فالحركات والجماعات الاسلامية تحدثدت عن التسامح الاسلامي في شدة الغضب العام. بالطبع تُشكر هذه الجماعات على موقفها الحضاري. لكن هناك اصرار شعبي عارم لتسليم الجناة وانزال القصاص العادل بهم.
الشيء المهم هنا هو ضبط النفس وعدم النظر الى كل اليزيديين جميعا كمجرمين، فهناك فئات يزيدية استنكرت الجريمة وادانتها.
الانسان المجرم لا يمثل سوى نفسه بغض النظر عن دوافع الجريمة. نعم العدد ملفت للنظر في اجتماع عدد كبير من قوم ما على الجريمة. الأمر يحتاج الى دراسة وتمحيص، وهذه الجريمة ليست حادثا معزولاً.
لكن اليزيديين هم الخاسرون الكبار من هذه الجريمة التي تدفع بهم الى زوايا العزلة والخوف الاجتماعي، في محيط ذات غالبية مسلمة.
على اليزيديين استنكار الجريمة بشدة و العمل الدؤوب لتسليم المجرمين مهما بلغ عددهم.
وعلى الشعب الكردي الحذر من الانزلاق الى الفتنة التي تمتلك عادة بداية ما، لكن لا نهاية لها، في هول يجعل الحكماء من ذوي الألبلب حيارى.
اللهم احشرنا مع دعاء يوم لقائك.
سلام على دعاء يوم ولدت، ويوم رُجمت، ويوم تُبعث بين يدي رب العالمين.