كما توقعنا في مقالات سابقة، فقد إنفجر المؤتمر القومي العربي من الداخل بعد أن بلغت التناقضات مدياتها القصوى و بانت الحقيقة العارية بعد أن تطايرت كل أوراق الشجر الناعمة التي كانت تغطي سوءات من يقف خلف ذلك المؤتمر القومي الفاشل من بقايا البعثيين و أتباع أنظمة الموت و الهزيمة و الفشل و من محامي الشيطان الذين عرفناهم و شخصناهم جيدا بإعتبارهم أحد أهم أدوات الهزيمة الحضارية و السياسية من الذين طبلوا و صفقوا و مجدوا كثيرا و طويلا لصالح الأنظمة الفاشية التي أبدعت في إفشال الحلم العربي و جعلوا من القومية العربية أضحوكة بين أمم الأرض، لسنا ضد الفكر القومي العربي بصيغته الإنسانية الصرفة المتحيزة للإنسان العربي و الهادفة لرفعته و إنتشاله من أزمات الفقر و الضياع و التخلف التاريخية و لكننا بالضرورة لسنا مع الأنظمة السياسية التي إتخذت من قضية العروبة قميص عثمان لتمارس أقصى درجات الفاشية و تطبق كل معايير و قيم ألأنظمة الشمولية الفاشلة التي كانت نتيجتها تدمير البشر و الحجر و كل شيء حي في عالم العروبة المنكوبة بأهلها و أحزابها و شخوصها الديناصورية القحة!، لقد إنفجرت جلسات المؤتمر القومي العربي المعقود في البحرين و تحولت المناقشات الهادفة لدراسة حال الأمة!! و إصدار التوصيات (النهضوية) المباركة!! لساحة حرب طائفية بين السنة و الشيعة!! من أهل المؤتمر القومي بسبب تداخلات الجماعات الطائفية التي أضحت مهيمنة على شؤون و شجون ذلك المؤتمر و تصوير المجازر الإرهابية القائمة في العراق بوصفها مجازرا للشيعة ضد السنة!! و هو تصوير طائفي مريض و سقيم و يعبر عن حال و لسان عصابات الطائفيين و المهووسين و السلفيين المفخخين الذين رفعوا راية القومية العربية زورا كما أنهم على أتم الإستعداد لرفع راية (الشيوعية) ذاتها لو أنها تحقق أهدافهم و تطلعاتهم المريضة!! فهل تناسى المؤتمرون أن المجازر المعقودة و المنصوبة لإخواننا شيعة العراق كانت هي البداية الفعلية لكل المجازر المتتالية التي تواصلت في العراق؟ هل تناسى المؤتمرون و بعضهم من أهل الحقد الطائفي و الفكر التفكيري أن حملات التكفير و القتل الشاملة الموجهة ضد شيعة العراق و التي تدعو لإبادتهم علنا و بكرة و أصيلا ضد تجاوزت كل حسابات و منطق الإحصائيين!! و هل يعلمون أن (الجثث المجهولة) التي يتحدثون عنها لا تضم سنة فقط؟ بل أنها مجهولة لكونها تضم شتى الخليط العراقي المعروف؟ و هل دماء الأبرياء من الأطفال و الشيوخ و النساء و الباعة و المستضعفين في أسواق العراق رخيصة إلى هذا الحد لكي يتم تناسيها و يتم التركيز على بعض أعمال الإنتقام الفردية التي تحدث في كل دول العالم... لقد فضح المؤتمر القومي العربي نفسه و تبينت حقيقته المخفية و المعروفة بكونه أحد أهم الأدوات المساندة للجماعات الإرهابية و السلفية التكفيرية التي تعيث في أرض الفراتين فسادا، فهل يتمكن ذلك المؤتمر في ختام بيانه و إنتهاء حفلاته الفندقية من إعلان وثيقة إدانة شاملة لفرق الموت السلفية و الطائفية و تحديدا لعصابات ما يسمى بدولة العراق الإسلامية التابعة لعصابة القاعدة أو بقية عصابات السلف البعثي الطالح ممثلة بعصابات ما يسمى بجيوش المجاهدين و ثورة العشرين و جند الصحابة و جيش عمر و كتائب اللواء عبد طيطو.. وغيرها من القطعان الظلامية و التكفيرية التي يؤيدها الرفيق حارث الضاري و بقية شلة الأنس المتضامنة معه بدءا من البعثي السابق الرفيق (معن بشور) و ليس إنتهاءا بمحامي النظام البائد و أحد أنصاره المعروفين في الساحة المغربية و المنشق عن حزب الإتحاد الإشتراكي المغربي سماحة الرفيق (خالد السفياني)... و غيرهم من الرفاق الذين حولوا البندقية من كتف (وحدة ما يغلبها غلاب)!! إلى كتف (الشيعة و السنة و المعتزلة و المرجئة)!!!.
الفشل التاريخي لأهل المؤتمر القومي العربي لا ينفصل في إطاره العام عن الفشل الموروث للأنظمة العسكرية و الطائفية و العشائرية و الشمولية التي حملت الراية القومية وهي نفسها التي تحول أتباعها و مماليكها فيما بعد لجزر طائفية و مراكز وباء متفش لنقل الفكر الطائفي المتعفن الذي فاح من بيانات و نشاطات أهل ذلك المؤتمر الذي إحتضنته البحرين التي تعاني أشد معاناة من حملات التكفير و التطيف و الفتن و التي ما فتأ قادتها يعملون بجد و تميز حقيقي لقبر جذور الفتنة الطائفية و تطهير الوطن الصغير من أدرانها... لقد تجمع الطائفيون من أهل المؤتمر القومي العربي ليشيعوا الخراب في الديار الآمنة و ليزرعوا الفتنة فهم رسلها و أهلها و هم نتاج الغرس الطبيعي لأنظمة الموت الطائفية التي رحلت و أقامت إقامة دائمة في... مزبلة التاريخ..!!.. تلك هي الحقيقة القومية الناصعة الوحيدة...!.

[email protected]