عندما تعم الفوضى وروح اللامبالاة وينتشر الفساد وحالات الانحراف وتزداد معدلات عدد السرقات والقتل والتشدد والعنف والأعمال الإرهابية والطائفية البغيضة(الفتنة)، وتبرز حالات جديدة على المجتمع كاختطاف الفتيات والفتيان، وهروب الفتيات بالأشهر ولجوئهن إلى مواقع... بديلة للأسرة، وزيادة عدد الاعتداءات داخل أسوار المنازل وفي الأماكن المفتوحة والتفاخر بالأعمال الإجرامية لدرجة تصوير تلك الأعمال... وانتشار المخدرات والمتعاطين لها بين الجنسين والانتحار... ما هو إلا جرس إنذار وخطر.. ودليل واضح على غياب الأمن الاجتماعي!

هل مجتمعاتنا تعاني من غياب الأمن الاجتماعي؟
من المسؤول عن غياب الأمن الاجتماعي؟
ما مسؤولية أفراد المجتمع والنخب مما يقع؟

إن الأمن الاجتماعي حاجة ضرورية ملحة لأي مجتمع لأنه يتعلق بحياة جميع أبناء المجتمع من جميع الشرائح (ذكور وإناث كبار وشباب وأطفال، مواطنين ومقيمين، مهما تنوعت الديانات والمذاهب والقوميات والعروق). وكذلك على الصعيد الأمني والسياسي والاجتماعي والتربوي والديني والثقافي والصحي والاقتصادي.
فالأمن الاجتماعي ركيزة أساسية لكي يشعر أفراد المجتمع بالأمن والامان والاطمئنان، والتمتع بالحياة الكريمة المستقرة.. وبناء أفراد صالحين وناجحين وسط اسر نموذجية صالحة.... إذ لا يمكن الحصول على فكر صحيح، وثقافة وتربية سليمة في ظل غياب الأمن الاجتماعي.
وبالتالي فان الأمن الاجتماعي مسؤولية اجتماعية عظيمة تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع وعلى رأسها الجهات الحكومية والمؤوسسات المدنية والنخب المتخصصة والمسؤولة.
وهو من اخطر المسؤوليات الاجتماعية التي تنعكس بالإيجاب والسلب على أفراد المجتمع على الصعيد الأمني والتعليمي والثقافي والسياسي والاقتصادي...، وغيابه سبب رئيسي للخوف والانحراف والفساد وانتشار الفكر المتشدد والدكتاتورية والاستبداد، وأعمال العنف وحدوث مشاكل عديدة لا تتوقف عند حدود الفرد أو العائلة بل أنها تمتد إلى جميع أفراد المجتمع... حيث إن غياب الأمن يعني غياب الاطمئنان والمودة والحرية والديمقراطية والأمن والامان.

بلا شك إن للطفرة النفطية الهائلة السريعة غير المبرمجة (بالإضافة إلى عدم الاستفادة من العوائد المادية بشكل صحيح، ووجود الطبقية الشاسعة بين أبناء الوطن لعدم توزيع الثورة القومية بعدالة ومساواة) والتطور الكبير على صعيد تقنية المعلومات والاتصالات... (بالإضافة إلى الآثار السلبية للحروب التي وقعت بالمنطقة) بدون أن يصاحبها طفرة وصحوة حقيقية في الجانب الفكري والثقافي والعلمي (الوعي) أدى إلى حدوث هزة وزلزال على صعيد الأمن الاجتماعي وظهور مشاكل اجتماعية فادحة.
حيث يوجد في أوساط مجتمعاتنا بعض العوائل التي حرمت من الأمن والامان والاستقرار العاطفي والمعيشة الكريمة والعلم والثقافة والالتزام الديني وعوامل أخرى منها تخلي أحد الوالدين عن دورهما الحقيقي في التربية أو انحرافهما (أي غياب الأمن الاجتماعي) بحيث تحولت تلك العوائل إلى معامل لصناعة القنابل الاجتماعية الموقوتة للانحراف وظهور جيل مستعد للقتل والسرقة والخطف والاعتداء على الحرمات منها الأعمال الإرهابية.
تلك القنابل الاجتماعية الموقوتة قد تنفجر في أي لحظة بدون مقدمات وبدون سابق إنذار وبدون تحديد الموقع وعدد الضحايا وهوايتهم.. ربما الضحية القادمة أنت أو احد أفراد عائلتك أيها القارئ الكريم لأنك احد أفراد المجتمع.
تلك القنابل الاجتماعية الموقوتة هم أبناء المجتمع وهم في حقيقة الأمر ضحايا الإهمال والحرمان من الحب والرحمة والعاطفة والمعيشة الكريمة والثقافة (الوعي)... هذا الحرمان أدى إلى أن يبحث هولاء عنه خارج أسوار الأمان في المنزل إلى الخارج المواقع المفتوحة غير الآمنة والشرعية والصحيحة والسقوط في أيدي ذئاب متوحشة وأعداء الإنسانية.
على المجتمع من جميع الأطراف وبالذات الجهات الحكومية والمؤوسسات المدنية وأصحاب الاختصاص في علم الاجتماع والنفس وعلماء الدين والإعلام والوجهاء... أن يتحملوا المسؤولية عبر الاهتمام والتصدي لتلك الحالات الاجتماعية حيث إن هولاء الضحايا لا يبحثون فقط عن لقمة العيش وسد العوز من الفقر وإنما كذلك للرعاية والاهتمام وزراعة الثقة بالنفس وحب الحياة من خلال الوازع الديني (الأمن الاجتماعي).

ما دور أفراد المجتمع اتجاه من حُرم من نعمة الأمن الاجتماعي؟
لماذا معدل حالات الفساد الاجتماعي والسياسي في تصاعد؟
أين دور الجهات الحكومية والمدنية ورجال الدين والنخب المتخصصة في معالجة هذا الوضع؟