quot;المواقع الأثرية العراقية الآن تبدو مثل أراض على القمرquot;
من تصريح لquot;كليمنس رايتشلquot;عالم الآثار بجامعة شيكاغو لوكالة رويترز
quot;العراق..خطيةquot;
جملة عصية على الترجمة سمعتها من مواطن عراقي في برنامج للتلفزيون الهولندي
quot;الموت أهون من خطيةquot;
بدر شاكر السياب
العنوان من المتداول اليومي العراقي، والحسرة في مفرداته وردت على لسان السياب شاعر الحداثة العربية الأول، وخطية قالها الشاعر عن نفسه، و عن زمنٍ نبض فيه قلبه نبؤة خالدة مثل إنشودة المطر؛ quot;ما مرّ عام والعراق ليس فيه جوعquot;..حيث يستفيق الى عينين كأنهما غابتا نخيل ساعة السحر..
quot;فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاء
كنشوة الطفل إذا خاف من القمرquot;
و تستفيق روحي بالسياب وشعره اللحظة الى خوف عميق من القمر في كلمة كليمنس رايتشل عن المواقع الأثرية العراقية التي تبدو الآن مثل أراض على القمر.quot;
العراق..خطية حين يضيع ميراثه دماً بين القبائل!.لهم القمر ليضعوا عليه أعلامهم التي ترفرف مع لمعان مسافاته البعيدة، ولنا تاريخ الأرض..لنا رأس سنطروق الذي كشفته الأمانة العامة للانتربول والمباحث الجنائية اللبنانية في مصادفة قبل أيام خلف إحدى المهندسات التي استضافتها فضائية عربية في برنامج عن الديكورات.. المهندسة وزوجها قالا أنهما اشتريا التمثال بما يعادل 275 دولاراً أمريكياً..مأساة!!..بل خطية..أن لا يعرف السراق قيمة هذا التاريخ..
quot;مطر
مطر
مطر
أكاد أسمع العراق يذخر الرعود
و يخزن البروق في السهول و الجبال
حتى إذا ما فض عنها ختمها الرجال
لم تترك الرياح من ثمود
في الواد من اثر..quot;
رأس سنطروق ب 275 دولاراً فقط، أما كان من الأجدر أن تبيعه حكومة سابقه ليرسل في حوالة الى السياب؛عليلاً؟.قيل إنها لو كانت وصلته لنجا..حوالة اختلف مؤرخ مع آخر على وجود نيتها أصلاً في زمن تلك الحكومة..
رحل السياب في ارض غريبة قبل وصول الحوالة، رحل في الخارج قبل أن تبنى مستشفى لعلاجه في الوطن، وهل بنيت مستشفى في العراق تليق بمريض أصلاً؟!..فبعد 43 عاماً(من الأعوام التي لا تمرّ إلا والعراق فيه ألم) يلجأ رئيس عراقي للعلاج في الأردن، وبعد رحلة علاجه بأسبوع يتبرع بمبلغ ضخم لأشقاء في سلطة عربية، مبلغ كان سيكفي نصفه لبناء مستشفى شخصي للرئيس يتبرك بها عراقيون فقراء سيزورن المنطقة الخضراء للاستشفاء..ونصفه الآخر للبحث عن رأس سنطروق وأخوته من آثار العراق..
والعراق.. خطية؛حين يخسر 165 مليون دولار يومياً لتعثر تصدير النفط بسبب العمليات الإرهابية التي تستهدف أنابيب النفط..يخسر في كل يوم مستشفى يكفي محافظة كامل مستشفى في كل يوم، هذا يعني اننا بأربع سنوات كنا سنبني ببعدد مدن الشرق الأوسط مستشفيات..سيأتيها كل رؤساء العالم المرضى!..
والعراق خطية حين يعلن مجواير جيبسون الأستاذ بالمعهد الشرقي بجامعة شيكاغو وهو يتفقد المواقع الأثرية العراقية بطائرة هليكوبتر عسكرية أمريكية أنه يمكنه رؤية ما بين 250 و300 رجلاً يحفرون في موقع مدينة أدب القديمة أطلال بسمايا السومرية قرب الديوانية وكتب متحسرا يقول: الأضرار لا تصدق..
وربما كان سيرى من طائرته لو حلق أكثر في سماء مدينتي الديوانية، مشهد طامعين وجياع يثقبون أنبوب الغاز العابر في تلك المدينة قصد الغنيمة، لينفجر مخلفاً 74 قتيلاً وعشرات الجرحى..سيقول الأستاذ بالمعهد الشرقي بجامعة شيكاغو: الأمر لا يصدّق!..
ولا يصدّق تكرار المشهد الحزين في هذا العراق كلّ عام..وكلّ يوم سنهدر الى العدم مستشفى..
quot;وكل عام - حين يعشب الثرى- نجوع
ما مر عام و العراق ليس فيه جوعquot;
وكلّ عام سيخرج من يمتص رحيق العراق..
وكلّ عام..
quot;و في العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
. من زهرة يربها الرفات بالندىquot;
وكلّ عام سيتكرّر مشهد رأس سنطروق المسروق على شاشات العالم، فبعينيّ هاتين شاهدت برنامجاً تلفزيونياً عرضته القناة الهولنديةAVRO يهتم بالمزاد العلني والتحفيات النادرة. في برنامج(Kunst amp; Kitsch) يظهر شخص هولندي تسأله الخبيرة عما يود بيعه أو معرفة سعره فيشير الى طاولة عليها قطع أثرية وهو يقول: (اشتريت هذه القطع الأثرية عندما كنت جندياً مع القوات الهولندية في العراق، ودفعت بهذين القطعتين عشرة دولارات فقط )..
الخبيرة تتحدث عن تاريخ القطعة الأولى، وهي تمثل شكل سلحفاة حجرية تعود الى الألف الثاني قبل الميلاد، وتثمّنها بثمن بخس (مئات اليوروات فقط..يا للضحك المؤلم).. وعن القطعة الثانية تتحدث لتذكر تاريخاً يعود الى الآشوريين حيث صورة ملك او رجل مهم منحوتة على قطعة مربعة، وتثمنها بمبلغ 1500 يورو وهي تقول له: لقد أحسنت في شراء هذه التحف النادرة!!.
هذه الحكاية نشرتها في شهر آذار 2005 بصحيفة إيلاف الألكترونية
http://www.elaph.com/AsdaElaph/2005/3/47295.htm
بعد أسبوع من الواقعة، ولم أسمع شيئاً، لم يتصل أحد لأدله على المزيد مما أعرف.قلت وقتها مع السياب:
quot;لتبكينَّ على العراق
فما لديك سوى الدموعquot;
وهي حسرة متكررة ما أكاد أحملها..آخرها مزعج وأولها، لأنها مختصرة في هذه الجملة:العراق خطية!!.
التعليقات