عندما شاهدت على التلفزيون دموع الكاتب جهاد الخازن وهو يتحدث عن هزيمة حزيران، وأنه لا يزال حتى اليوم لا يستطيع مقاومة دموعه كلما تذكرها اكتشفت كم أن جيلي والجيل الذي بعدي مغيب تماما عن قضاياه العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
فالجيل الذي لم يع من العروبة سوى احتلال صدام للكويت، بحجة (عودة الفرع للأصل) وتهديداته للمملكة، وشاهد قدوم المنقذ الأميركي (البطل) الذي أعاد تحرير بلاده وبقي فيها لحمايته، وعاش تساقط صواريخ سكود على حيه ومدرسته، وسمع جرس الإنذار لأول مرة في حياته خلال حرب الخليج، هذا الجيل لا تستطيع أن تقنعه بسهولة بمفاهيم كانت عقيدة راسخة لدى أبيه وأمه كالوحدة العربية والعروبة والقومية وغيرها..

واذا دخلت أروقة الانترنت اليوم ستجد أن القضايا السياسية التي تشغل الجيل الجديد لا تتضمن في أنجدتها -الا فيما ندر -قضية الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، ستجده مشغول في قضايا الروفضة والنوصبة والصراعات المذهبية والسياسية التي تعلي الأسوار الفكرية بين أفراد الوطن الواحد بل وأحيانا الأسوار الاسمنتية التي قد لا يكون سور الأعظمية آخرها..

خلال أربعين عاما ما الذي قدمناه للقضية الفلسطينية؟ لماذا لم نحاول أن نغير أساليبنا في الدفاع عن قضيتنا؟ نردد دائما أن اليهود مسيطرين على الاعلام الغربي، فلماذا لم نحاول أن نفعل مثلهم؟ أين هو صوتنا في الصحف الغربية وقنواتها؟ نجحوا في اقناع العالم بقضية الهولوكوست بينما لم أشاهد معرضا واحدا في أوروبا يجمع صور ورسومات (للهولوكوستات) المتعددة التي مارستها اسرائيل ضد الشعب العربي؟

نشاهدهم وهم يقايضون رفات جندي من جنودهم بعشرات أو مئات المساجين العرب الأحياء الذين يشمون الهواء دون أن نفكر في مراجعة قيمة الانسان العربي الذي حولناه فقط الى شهيد أو مشروع شهيد؟ نردد أن سينما هوليوود تسيء الى العرب، دون أن نفكر-الا نادرا - في اقتحامها ونقل قضايانا من خلالها؟ نسب ونلعن اللوبي اليهودي المتحيز ولم نسع لأن يكون لنا لوبي مشابه؟ نجح الاسرائيليون في فهم لغة العالم واقناعه، بينما لا يرى الغرب منا سوى صورة شاب بحزام ناسف يفجر نفسه في مقهى أو باص ويقتل معه الأبرياء بينما أمه (تزغرد) وتتقبل التهاني في موت ابنها، هذه الصورة لا يفهمها الغرب ولا يرى فيها سوى تكريس لصورتنا الوحشية والدموية.
أربعون عاما على الهزيمة ولم نتقدم خطوة الى الأمام، بل أصبحنا (نخسر من رأس المال ) على حد تعبير جهاد الخازن، فلنجرب أن نغير في أساليبنا ونتحدث الى العالم بلغته... ربما

[email protected]